لن يعلن وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال القاضي عباس الحلبي موقفه من الاعتكاف أو عدمه قبل استكمال لقاءاته للبحث عن التمويل الكافي للتعليم الرسمي. ولكن هل يحضر جلسة مجلس الوزراء غداً؟ وماذا قال لـ”النهار” في هذا الإطار؟
منذ أن كشفت “النهار” توجه الحلبي إلى الاعتكاف، لم يصدر موقف من الأخير يحسم توجهه على أبواب العام الدراسي، لكن القضية ليست رغبة في ترك الخدمة العامة التي وافق على تأديتها قبل 3 سنوات، وإنما البحث عن سبل إنقاذ #القطاع التربوي الرسمي في ظل شح الموارد وعدم تقديم مساعدات من الدول المانحة أو تلك التي كانت تتكفل عادة بمساعدة التعليم الرسمي مثل المملكة العربية السعودية وقطر وغيرهما.
قبل فترة، أثار اقتراح الحلبي فرض رسم على تلاميذ المدارس الرسمية لتغذية الصناديق، بقيمة 4 ملايين ونصف مليون ليرة للمراحل الأساسية للطلاب اللبنانيين، و9 ملايين ليرة لكل طالب غير لبناني، اعتراضات من أكثر من جهة، ومنها مفوضية التربية في الحزب التقدمي الاشتراكي.
تلك البلبلة انعكست غموضاً في مصير العام الدراسي الرسمي، وكذلك توجه وزير التربية، وما إذا كان فعلاً يتجه للاستقالة أو الاعتكاف.
وإذا كانت الاستقالة غير ذات جدوى، ولا سيما أن الحكومة الحالية هي بحكم المستقيلة بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية قبل نحو سنتين، فإن الخيار الثاني يبقى الاعتكاف. ولفتت جهات حكومية إلى أن وزير التربية سيحضر على الأرجح جلسة الحكومة .
لكن الحلبي الذي كان يمثل لبنان في مؤتمر “الاونيسكو” في باريس الأسبوع الفائت ، غاب عن السمع بفعل تلك المشاركة، وهو ما فسره البعض بأنه بات أقرب إلى الاعتكاف وأنه لن يشارك في جلسة مجلس الوزراء.
ورداً على سؤال “النهار” عن إمكان اعتكافه، أجاب بأن “الامر سيتضح اليوم من خلال موقف سأعبر فيه عن توجهي”، وذلك بعد لقاء سيجمعه بوفد من الحزب التقدمي.
بدوره لم يعلق التقدمي على الأمر، وأشارت مصادره إلى أن اللقاء عادي ومقرر سابقاً . ولكن من الواضح أن التقدمي لا يجد مبرراً لفرض الرسم، وقد عبر عن ذلك من خلال بيان واضح ولا يزال على موقفه.
وأشار الحلبي إلى أنه ليس على خلاف مع أحد، موضحا لـ”النهار” أن “الإجراء الذي اتخذته لتسيير المدارس الرسمية وتغطية نفقاتها التشغيلية، اعترض عليه الكثيرون، ونحن لا نتمسك به إذا توافرت البدائل”.
ولكن هل يتعارض الرسم المفترض مع مجانية التعليم؟
يرى المعترضون على القرار أنه يخالف مبدأ مجانية التعليم ويتعارض وإلزاميته. فيما يرى آخرون أن الرسم ليس من ضمن رسوم التسجيل ولا يفرض كمتمّم له، بل لتغطية النفقات التشغيلية، وهو مساهمة للجنة الأهل في صناديق المدارس، وبالتالي فالوزير لم يخالف القانون.
كل ذلك في الوقت الذي لا تتجاوز فيه موازنة وزارة التربية نسبة الـ5 في المئة من مجموع الموازنة العامة، وعلى الرغم من رفعها إلى 10 في المئة لا يزال غير كاف لاستمرار أحد أكبر القطاعات الرسمية في لبنان، إضافة إلى الأعباء التي يتكبدها لبنان بسبب النزوح السوري، والتحاق عشرات آلاف الطلاب السوريين بالمدارس الرسمية من دون أن يكون للدولة اللبنانية أي تأثير على القرارات الأممية في ما يتصل بتعليم السوريين وتنكر دول كثيرة لمساهماتها في القطاع التربوي.
من الواضح أن القطاع التربوي الرسمي في أزمة كبيرة وأن عدم توافر التمويل اللازم سيهدد فعلاً العام الدراسي، والكرة ستكون في ملعب الحكومة للبحث عن بدائل وإنقاذ التعليم الرسمي في ظل استمرار النزوح من المدارس الخاصة، وكذلك نزوح طلاب المنطقة الحدودية وزيادة الضغط على القطاع الرسمي