وكشف فخامة الرئيس اللبناني العماد ميشال عون عن أنه وخلال ولايته الرئاسية، عقد المجلس الأعلى للدفاع اجتماعات عديدة تناول فيها المواضيع الأمنية وتفعيل عمليات التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية اللبنانية، وبينها ودول العالم لضمان المحافظة على الاستقرار الأمني، على الرغم من كل الظروف القاسية التي عاشتها المنطقة والعالم.
وقال عون في حديث خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ إن القوى الأمنية والعسكرية اللبنانية وضعت خطة محكمة لضمان أمن الانتخابات النيابية التي ستجرى يوم غد /الأحد/، ومن أجل عدم حصول إشكالات كبيرة قد تؤدي إلى إرجاء أو عدم حصول عمليات الاقتراع.
وردا على سؤال حول العراقيل التي واجهت فخامته في مسار تنفيذ الإصلاحات في بلاده، قال العماد ميشال عون هناك مثل يقول: /اليد الواحدة لا تصفق/، وقد واجهت للأسف، الكثير من العراقيل من قبل بعض المستفيدين لإبقاء الوضع على ما هو عليه في لبنان، بعيدا عن أي محاسبة أو إصلاح، وما كان يجب إنجازه بسرعة كبيرة، تطلب سنوات للقيام به، على غرار مسألة التدقيق المحاسبي الجنائي الذي تم إقراره مع وقف التنفيذ قبل أن أعمل من جديد على تحريك عجلته، وهو لا يستهدف مؤسسة بذاتها، بل ينطلق من مصرف لبنان ليشمل كل المؤسسات والإدارات العامة، لأنه لا يجب إغفال حقيقة أن أموالا قد تم تهريبها خارج لبنان في ظرف عصيب على اللبنانيين، ويجب معرفة من قام بذلك ومن سهل وشارك في هذه المؤامرة على الشعب.
وأضاف الرئيس اللبناني “نعم، هناك أناس مرتكبون ولكنهم يتلقون الحماية من نافذين في الحياة اللبنانية، إلا أنني لم أستسلم ولن أيأس، وسأستمر في العمل على تحقيق الأهداف في هذا السياق حتى بعد انتهاء ولايتي الرئاسية، لأنني مؤمن بأن الإصلاحات التي أنادي بها لا تصب في مصلحة فئة من اللبنانيين من دون أخرى، وأنها الدرب السليم للوصول إلى التعافي وتجاوز المحن التي نعيشها، كما من شأنها إعادة الثقة بين المواطن والدولة بعد أن فقدت خلال العقود الأخيرة من الزمن”.
وقال سأعمل خلال ما تبقى من ولايتي الرئاسية على تحقيق ما ناديت به، وفي حال لم يتسع الوقت لذلك، أكون على الأقل قد تركت خريطة طريق يمكن لمن سيخلفني الاقتداء بها لينقل لبنان من حالة إلى أخرى.
وحول إمكانية خروج لبنان من الأزمة بعد تصنيف البنك الدولي لأزمة لبنان من بين الأسوأ منذ القرن التاسع عشر، قال العماد ميشال عون لا تكمن المشكلة فيما إذا كان لبنان قادرا على الوقوف على قدميه من جديد، بل المسألة تكمن في المدة الزمنية لهذا الأمر.. مضيفا، اختبر لبنان خلال تاريخه القديم والمعاصر مشاكل بالغة التعقيد هددت كيانه وهويته ووجوده، وهو أمر أدركه اللبنانيون الذين باتوا أكثر وعيا لمعرفة عدم جدوى الدخول في مواجهات ومشاكل تقضي عليهم جميعا، معربا عن إيمانه بقدرة اللبنانيين على تجاوز كل الصعوبات، مهما كان حجمها وخطورتها، ولكن عامل الوقت لا يصب في مصلحتنا، وقد عملنا وشجعنا على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها كإحدى الطرق الديمقراطية المطلوبة كي يعبّر الناس عن رؤيتهم ومطلبهم خلال السنوات المقبلة.
وقال الرئيس عون اللبنانيون لا يعرفون اليأس، وهم ليسوا بوارد التعرف إليه حاليا، وبالتالي فإنهم يملكون قرارهم بأنفسهم، ويقيني أنهم سيعملون على تجاوز الأزمة الراهنة، إنما يجب توفير الأجواء المناسبة لذلك، وهذا ما نحاول القيام به.. موضحا أن الانتخابات النيابية للبنانيين في دول الانتشار التي جرت يومي الجمعة والأحد الماضيين أظهرت أمرين مهمين: الأول سقوط الادعاءات والاتهامات الزائفة التي وجهت إلينا بالعمل على تعطيل أو عرقلة إجراء الانتخابات النيابية، علما أنني حرصت شخصيا ومنذ تسلمي مهامي الرئاسية، على تذليل كل الصعوبات أمام الاستحقاقات الانتخابية وكنت الأكثر إصرارا على احترام مواعيدها الدستورية.. أما الأمر الثاني فكان حماسة اللبنانيين المنتشرين في الخارج للمشاركة في هذا الاستحقاق الدستوري، ورغبتهم في إسماع صوتهم للجميع بأنهم لم ينسوا بلدهم ويرغبون في المشاركة في نهوضه واستعادة عافيته وحضوره.
وأعرب عون في حديثه الخاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ عن أسفه على عدم تأمين التمثيل اللازم للمغتربين اللبنانيين في المجلس النيابي، معبرا عن أمله أن يتم هذا الأمر اعتبارا من الانتخابات المقبلة، ومبديا في الوقت نفسه سروره بسبب تمكن لبنان من إقرار قانون انتخابي في العام 2018 أخذ في الاعتبار ضرورة اعتماد النسبية، ولو أنه ليس على قدر الطموحات، إلا أنه أفضل بكثير من القانون القديم الذي كان سائدا والذي اقترع اللبنانيون على أساسه لعقود من الزمن، مع كل شوائبه وعدم صحة تمثيله لكل شرائح المجتمع اللبناني.
وتوجه العماد ميشال عون بالتحية لكل من ساهم في إنجاز المرحلة الأولى من الانتخابات، على الرغم من كل الصعوبات والظروف غير المسبوقة التي فرضت نفسها، مبينا أن هذا الأمر مؤشر إلى أن المرحلة الثانية التي سينتخب فيها المقيمون، ستكون على غرار سابقتها ناجحة، لينبثق عنها مجلس نيابي جديد نأمل أن يلبي تطلعات وطموح اللبنانيين أينما كانوا داخل وخارج الوطن.
وحول توقعاته من المجلس النيابي القادم، قال عون توقعاتي من المجلس الجديد، هي على حجم آمال اللبنانيين بأن يقوم النواب الجدد بعملهم كاملا لجهة مراقبة عمل الحكومة، والقيام بالتشريع اللازم لضمان وضع لبنان على درب التعافي المالي والاقتصادي، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية يكمل خارطة الطريق التي وضعناها والكفيلة بإنهاء الوضع الصعب الذي نعيشه جميعا، وعلى المجلس مسؤولية مواكبة نقل لبنان إلى مرحلة أخرى عبر إقراره الكثير من التشريعات التي تساعد على وضع أسس صالحة لاقتصاد منتج ودائم، واستراتيجية مالية تحفظ حقوق اللبنانيين وأموالهم، والأهم محاسبة كل من ارتكب الجرائم المالية وأوصل البلاد والشعب إلى هذا الواقع المأزوم.
وحول الحرب في أوكرانيا قال فخامة الرئيس اللبناني إن وزارة الخارجية أدانت هذه الحرب وهو موقف لبناني مبدئي يعكس مدى التزام لبنان بأسس الحوار والتفاهم بعيدا عن السلاح، وهو الذي عانى من تداعيات ونتائج كارثية على الصعيدين الإنساني والاقتصادي والمالي جراء اللجوء إلى السلاح لحل المشاكل.
وأوضح عون أن موقف لبنان حيال الأزمة الروسية- الأوكرانية، ينطلق من ضرورة اعتماد لغة الحوار لحل المشاكل بين الدول والشعوب، لذلك نرى أن مبادئ شرعة حقوق الإنسان ومبادئ الأمم المتحدة ترتكز على الحوار وليس على العنف وأصوات المدافع.
وأكد أن لبنان يرتبط بعلاقات صداقة مع كل من روسيا وأوكرانيا، ولذلك يؤلمه مشاهدة اندلاع الحرب بينهما، وقد أبلغ موقفه هذا لكل من البلدين وقد أبديا تفهما لوجهة نظره، مشددا على أن لبنان لا يضمر السوء لروسيا ولا لأوكرانيا، ولكن في ظل لغة المدفع بات كل موقف يصدر عن أي طرف يوضع وكأنه ضد أحد البلدين.
وشدد على أن لبنان يدعم كل ما من شأنه أن يوقف الحرب الدائرة فورا نظرا إلى الخسائر البشرية والمادية التي تخلفها، كما أنها تتفاقم إلى حد بات يؤثر على العالم بأسره، مع صدور كلام عن إمكان نشوب حرب نووية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية ومصادر الطاقة.
وجدد تأكيده على أن لبنان لا يرغب في التفريط بعلاقاته مع أحد، ولكنه يؤمن بأنه لا بديل عن التفاهمات، وهو يشجع استمرار المفاوضات الدائرة بين البلدين لأنها الطريق الوحيد الذي سيؤدي إلى النتائج المنشودة، ولن تعمل الحرب سوى إرجاء هذا الحل وإلحاق الأسى والخسارة بالجميع.