النازحون السوريون في البقاع: قنبلة موقوتة «فات أوان» تفكيكها (هيام القصيفي – الأخبار)

الجمعة ٩ شباط ٢٠٢٤

النازحون السوريون في البقاع: قنبلة موقوتة «فات أوان» تفكيكها (هيام القصيفي – الأخبار)

في الإحصاءات الرسمية، لا يتجاوز عدد النازحين السوريين في البقاع 420 ألفاً. غير أن الإحصاءات الأمنية تؤكد أن العدد أصبح يقارب مليونين، وأن هناك نحو 120 ألف وحدة سكنية مستأجرة أو مملوكة من سوريين، في وقت يُسجل ارتفاع مطّرد في معدلات الجرائم والسرقات في مجتمعات النازحين. هذا العدد كافٍ وحده لأن يكون خبراً أساسياً. وفي وقت تنشغل القوى السياسية بكل ما هو ثانوي، تحوّل النازحون السوريون في البقاع، في الأشهر الأخيرة، إلى قنبلة موقوتة على كلّ المستويات، تكمن خطورتها، باعتراف أجهزة أمنية رسمية، بأنه “فات أوان تفكيكها” بعدما أصبحت متجذّرة في هذه المنطقة من شمالها إلى جنوبها، اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً، وبعدما أصبحت بلدات بأكملها بحكم “الساقطة” في أيدي النازحين.لماذا البقاع، وليس جبل لبنان (حيث تتهاون القوى السياسية أمام ارتفاع مخاطر النزوح السوري في المتن وبعبدا وكسروان وجبيل) أو الشمال أو الجنوب؟

يشكل البقاع المنطقة الأكثر تماساً مع سوريا. أصبح الشمال أقل تأثراً بعد موجات النزوح الأولى التي شملت معارضين وفارّين من الحرب في المناطق المحاذية للبنان، فيما بقي البقاع البوابة المفتوحة لدخول السوريين من كلّ الاتجاهات، بحسب معلومات أمنية، من موالين وعائلات نصفها يعمل مع النظام السوري (موظفون وأمنيون)، ونصفها الآخر مسجل على لوائح المفوضية العليا للاجئين، ومن معارضين استفادوا من جمعيات الدعم الأممية واللبنانية، المسيحية والإسلامية على السواء، ومن شبكات التهريب، ومن منظمات دولية تعمل من دون حسيب أو رقيب. والبقاع هو نقطة التقاء سورية – لبنانية، بين منطقة مفتوحة خلال الحرب على مشاركة حزب الله في الحرب، وبين بلدات، ولا سيما في البقاع الأوسط، أصبحت ملجأ لمن هربوا من الحرب على مدى سنوات طويلة. كما أنه المنطقة الأكثر تنوعاً من بيئات وطوائف مختلفة، كل منها تعاملت مع النزوح السوري وفق حساباتها وتأثيراتها.

الوجود السوري في المناطق السنية، ولا سيما في البقاع الأوسط وبعض البقاع الغربي، هو الأكثر حضوراً وأهمية ودلالة، وقد تحوّل على مدى السنوات الأخيرة إلى عبء على البيئات اللبنانية الحاضنة اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً. رغم ذلك، تحول الاستفادة المالية منه دون رفع الصوت ضد النازحين.

من قب الياس إلى برالياس ومجدل عنجر وغزة وغيرها، يتحكم النازحون بالاقتصاد وبالسوق التجاري والصناعي، إلى جانب القطاع الزراعي، حيث تعمد مجموعات العاملين على فرض الأجور واليوميات، ورفع الأسعار دفعة واحدة على “غروبات” المياومين على “واتس آب”، ما يضطر أصحاب الأراضي للرضوخ، فيما تخفق كل المراجعات لدى وزارة الزراعة والقوى السياسية المؤثّرة الغائبة عن السمع. أضف إلى ذلك التحكم بقطاع الألبسة المستعملة والصناعات الخفيفة والتجارات على أنواعها، ولم يفلت أي من القطاعات سوى قطاع سلاح الصيد الذي يحتاج إلى رخصة والصيرفة، رغم أن الأخيرة تتم أحياناً بغطاء لبناني.

في المناطق “الشيعية”، لا يتمتع الوجود السوري بالنفوذ ذاته، رغم أن بعض العاملين في هذه المناطق في السرقات والتهريب يلجأون إلى العناصر السوريين. لكنّ نفوذ العشائر والعائلات، وتلقائيا وجود حزب الله وحركة أمل، يجعلان من النزوح أكثر انضباطاً ولو شهد مناوشات وصدامات.

في المناطق المسيحية نوعان من النزوح. في القاع، مثلاً، التي رفضت إقامة مخيمات نازحين على أراضيها، يظل الاتكاء على الجيش ونسبياً على بلدات الجوار الشيعي، عاملاً مساعداً في لجم إيقاع النزوح، بخلاف بلدات أخرى تعاني من تأثيراتهم المباشرة في التحكّم بالأرض وبالمصالح. أما النوع الآخر فيكاد يرزح تحت الضغط الأمني والاجتماعي للنازحين، كما هو عليه الأمر في بلدات البقاع الأوسط والغربي، تعاني من المشكلة نفسها البلدات الدرزية التي يلجأ نوابها إلى حل قضايا النزوح مع قيادات محلية، بعد غياب مرجعية سنية كان يؤمّنها تيار المستقبل.

القراءة الأمنية لواقع النزوح في البقاع سوداوية، تبدأ بالعدد وتنتهي بأنه فات أوان الحلول الجذرية، وما يفترض أن يحصل هو لجم التصعيد حتى لا يتضاعف عدد النازحين ومشكلاتهم، وتحديداً الأمنية.

في غمرة حرب غزة، وانشغال لبنان باحتمالات وقوع حرب فيه، تسرّب خبر عن بعض الجمعيات الإنسانية العاملة مع النازحين السوريين في البقاع، بأن إسرائيل لن تقصف مخيمات النازحين، وفي حال تمكّنت من القضاء على حزب الله، فإنها ستساعد في تحويل المخيمات المؤقتة إلى مخيمات دائمة على شكل أبنية. هذا الخبر أثار ريبة أمنية من الهدف من الترويج له، ولا سيما أنه انتشر بشكل واسع ولاقى استحساناً في هذه التجمّعات. علماً أن المعاينة الجغرافية لتوزّع مخيمات النازحين في نقاط استراتيجية معروفة منذ زمن الحروب المتتالية، تطرح أسئلة عن قدرة هذه المخيمات على قطع طريق البقاع ــ بيروت والجنوب في دقائق. هذا التوزّع مقلق بقدر القلق من كل ما يثير المخاوف أمنياً من عمليات إرهابية وخلايا نائمة ومن تنظيم عمليات السلب والقتل وإطلاق النار والتضارب بالعصي. وهذا الأخير يعني احتمال الانتقال إلى مرحلة القتل واستخدام السكاكين والبنادق والمسدّسات.

ويبقى الإرهاب النائم أكثر ما يقلق الأجهزة الأمنية، بعد إطلاق عناصر إرهابيين من السجون، وترهّل القضاء وغياب المتابعة الدقيقة لعناصر يدخلون لبنان في صورة غير شرعية بالمئات يومياً. والعنصر الأكثر إقلاقاً يكمن في عصابات السرقة والقتل المنظّمة. وأبرز مشكلة هنا هي عدم وجود إحصاء دقيق للنازحين، والشكوك المحيطة بالأرقام والمعلومات التي تقدّمها المفوضية العليا للنازحين، علماً أنها تملك إحصاءات ومعلومات وبصمات متطورة لا تملكها الأجهزة الأمنية. بذلك، يصبح المتورّطون الذين تشغّلهم عصابات معروفة وغير معروفة، مجهولين لدى الأجهزة، في كل المناطق خارج البقاع، وبما أن لا داتا لدى الأجهزة الأمنية عنهم يصبحون مجرد أشباح لا قدرة على ضبطهم.

في ظل كل ذلك يُسجل غياب القوى السياسية، بكل انتماءاتها، وعجزها عن مواكبة الخطر المتنامي. ففقدان المرجعية السياسية وتأثيرات القوى المحلية على الأرض، وصعود فكرة دعم السوريين من دون أي تمييز، كل ذلك جعل النواب السُّنة على قدر من الانكفاء. والنواب الشيعة لديهم حساباتهم الحزبية في التعامل مع الأمر الواقع لجهة القدرة على ضبط أوضاع القرى التي تدين بالولاء لهم. أما النواب المسيحيون، فقلة منهم تدرك حقيقة ما يجري على الأرض، لكنّ هؤلاء مكبّلون بقرارات كتلهم الحزبية، ومنهم من هو غير معنيّ إلا بتصفية الحسابات الداخلية بين تيارين مسيحييْن.حجم الأموال التي تُدفع في البقاع قياساً إلى عدد المخيمات والنازحين يثير مخاوف عن الغايات الحقيقية من ورائها

في ظل هذا العجز، تصبح للمفوضية العليا للاجئين والمنظمات الإنسانية الكلمة الفصل في ما يجري. وهي تعرف رخاوة اللبنانيين وحسّهم التجاري، فتستفيد من هذه الثغرة ومن الوضع الاقتصادي لتستخدم أموالها في تغطية كماليات النزوح في شكل يتعدّى اليوميات الضرورية. وإذا كان ذلك يتم في كل المناطق، إلا أنه في البقاع وقياساً إلى عدد المخيمات وعدد النازحين يصبح الوضع أكثر خطورة لجهة حجم الأموال التي تُدفع والغايات الحقيقية من ورائها. فهناك تفاصيل تتعلق برشوات رؤساء بلديات بمشاريع مائية وكهربائية وإعمارية لتحسين عيش النازحين، وحين تتأزّم بعض التفاصيل وتنكشف السمسرات تُحل المجالس البلدية، لكنّ التنفيعات تبقى قائمة، وكذلك الهدر المتمادي في أموال المنظمات لصالح السوريين، فيما وزارة الداخلية المسؤولة عن البلديات بدورها تغضّ النظر عن تلك التي تستفيد من النزوح السوري في معظم المناطق. العمولات التي تُدفع لمشروع قيمته عشرة آلاف دولار تكاد تكون عشرة أضعاف هذه القيمة يستفيد منها لبنانيون عبر المنظمات وبتغطية من المفوضية. فيما لا سلطة رقابية على هذه المنظمات بحسب مصادر أمنية، إذ تعمل كلها عشوائياً ومن دون أي محاسبة، بعضها يصل من خارج لبنان ويبدأ العمل من دون أي ضوابط أو رقابة، لتتحوّل هذه المنظمات إلى عنصر مساعد في إقناع المفوضية والجهات المانحة بعدم وقف الدعم، ولا سيما لدى الدول الأوروبية التي يحكمها هاجس وحيد هو عدم السماح بهجرة النازحين من لبنان إليها.

شارك الخبر

مباشر مباشر

11:08 am

النائب عز الدين: لبنان يصبح قوياً بوحدته، بتفاهمه، بقوة مقاومته

10:54 am

طوارئ الصحة: الغارة التي شنّها الجيش الإسرائيلي بمسيّرة على بلدة حلتا جنوب لبنان أدت إلى سقوط شهيد

10:45 am

الـ100 يوم المقبلة لترامب.. العديد من “الطوربيدات” قادمة!

10:42 am

بزشكيان: تمّ اصدار التعليمات الضرورية لمعالجة حادثة ميناء رجائي المؤلمة

10:36 am

جعجع: كيف سيثق بنا المجتمع الدولي والمجتمع العربي إذا لم نضبط حدودنا ونثبّت سيادة الدولة؟

10:23 am

مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحراسة من جيش الاحتلال الاسرائيلي

10:17 am

وزير الداخلية يطلق غرفة العمليات المركزية الخاصة بالإنتخابات البلدية

10:17 am

تقرير بريطاني: شحنة وقود “باليستية” وراء انفجار ميناء رجائي الإيراني

09:52 am

حفل إعلان لائحة “معا لانقاذ حمانا”…عَرضٌ للبرنامج الانتخابي للائحة(بالفيديو والصور)

09:34 am

دهس جماعي في كندا نتج عنه قتلى وإصابات

09:24 am

خاص “المدى” -من مرفأ رجائي إلى طاولة المفاوضات: هل يحمل التفجير رسالة للأطراف المعنية؟

08:59 am

إعلام إيراني: استئناف رسو السفن بميناء رجائي في بندر عباس بعد انفجار أمس

08:54 am

القوات اليمنية: العمليات العسكرية المساندة للشعب الفلسطيني مستمرة ولن تتوقف إلا بوقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها

08:38 am

الناطق العسكري باسم أنصار الله: نفذنا عملية استهدفت قاعدة نيفاتيم الجوية في النقب جنوبي فلسطين المحتلة

08:25 am

التحكم المروري: قتيل و 6 جرحى في 6 حوادث خلال الـ 24 ساعة الماضية

08:06 am

التلفزيون الإيراني: 18 قتيلا و800 جريحا في الانفجار بميناء رجائي ببندر عباس

07:44 am

يسرائيل هيوم عن: الجيش الاسرائيلي سيوسع نطاق القتال في قطاع غزة إذا لم يحدث تقدم في المفاوضات خلال أسبوعين

07:35 am

حصيلة انفجار الميناء في إيران ارتفعت إلى 14 قتيلا و750 جريحا

07:28 am

الحوثيون: إصابة 8 أشخاص بجروح في غارات أميركية على صنعاء

07:16 am

الحكومة تستعد لمناقشة واقرار مشروع قانون الانتظام المالي

07:08 am

الرئيس عون يتابع الوضع الجنوبي بكل دقة ويكثف اتصالاته مع الدول الاعضاء في اللجنة الخماسية

06:55 am

الاعتراض الأول الذي تتعرض له اليونيفيل

06:47 am

عناوين الصحف ليوم الأحد 27 نيسان 2025

06:37 am

صفارات الإنذار تدوي بمنطقة البحر الميت وجنوب سرائيل بعد الاشتباه بإطلاق صاروخ من اليمن

06:26 am

لبنان بلغ لحظة وعي جماعي في مقاربة أزماته المتراكمة

06:19 am

بلدية بيروت: التوافق متعثر والمنافسة بين 3 لوائح

06:14 am

تواصل أمني مفتوح مع حزب الله

11:48 pm

ترامب: طلبت من روبيو أن يتولى فورا أمر السماح بمرور سفننا عبر قناتي بنما والسويس مجانا

11:46 pm

مصر تهنئ حسين الشيخ تعيينه نائبًا لرئيس فلسطين

11:42 pm

ما الذي نعرفه عن عائلة قداسة البابا فرنسيس؟

11:33 pm

الصحة الإيرانية: نوصي سكان هرمزغان لزوم منازلهم حتى إشعار آخر

11:24 pm

السعودية ترحب بتعيين حسين الشيخ نائبا لرئيس دولة فلسطين

11:21 pm

سوريا: ضبط شحنة أسلحة مخبأة بحافلة قادمة من لبنان

11:19 pm

تركيا: نتقدم بأحر التعازي لأسر الضحايا وللشعب الإيراني

11:17 pm

ارتفاع عدد ضحايا انفجار ميناء رجائي

11:13 pm

وزير الداخلية يزور مقر السفارة البابوية معزيًا

11:10 pm

توقيف 5 أشخاص في مناطق مختلفة ضمن إطار التدابير الأمنية

10:46 pm

السعودية تعرب عن تعازيها لإيران على خلفية انفجار ميناء بندر عباس

10:22 pm

وكالة فارس الإيرانية: انفجارات جديدة في ميناء رجائي بعد وصول النيران لحاويات جديدة

10:01 pm

التلفزيون الرسمي الايراني: اشتداد الحريق المندلع جراء انفجار في ميناء بجنوب إيران