جويل بو يونس – الديار
فيما كانت كل انظار العالم تتوجه امس الى الولايات المتحدة الاميركية في ثلاثائها الكبير، جلس اللبنانيون كما غيرهم من العرب، يترقبون نتائج هذا الاستحقاق، ومعلّقين تمنياتهم على بصيص امل بعث به ترامب قبيل فوزه، معلنا انه سيعمل على انهاء الحرب في لبنان وغزة باطار برنامجه الانتخابي، واعقبه تأكيد من مستشاره ومنسق علاقاته العربية مسعد بولس بان الرئيس ترامب لن ينتظر حتى تسلم مهامه في 20 كانون الثاني، ليبدأ العمل على وقف النار، انما سيبدأ فوراً وفي اليوم التالي.
اتى هذا اليوم التالي، فاز ترامب وتفوق على هاريس بأصوات ليست كبيرة، بحيث رفعت الولايات المتأرجحة كفة الفوز لترامب الحائز اصوات الجالية اللبنانية، وبات الجميع يترقب مسار الصراع، ولو ان التوصل الى وقف اطلاق النار لن يكون خلال ايام، لكن المعروف عن ترامب انه رئيس سلام، لا يبغي الحروب انما الحصار والعقوبات الاقتصادية، ولو انه لا يختلف اثنان على انه الصديق الذي انتظر فوزه نتانياهو طويلا، فهل يسلك الصراع والعدوان على لبنان مسارا جديدا مع فوز ترامب؟
بانتظار الاجابة عن هذا السؤال، التي قد تحتاج الى اسابيع ليتظهّر فيها الخيط الابيض من الاسود، استحقاق داهم بدأ يدق ابواب الداخل المثقل بالحرب والدمار والخراب، والمعوِّل على المؤسسة العسكرية في المرحلة المقبلة، باعتبار انها مرحلة جيش وتطبيق الـ1701، بما في ذلك نشر الجيش جنوبا، والذي تجلت اولى بوادره بقرار الحكومة امس تطويع 1500 جندي لمصلحة الجيش اللبناني، انه استحقاق عدم ترك المؤسسة العسكرية بحالة فراغ على ابواب انتهاء مهام قائد الجيش بعد التمديد الاول له في 10 كانون 2025.
فهذا الاستحقاق الذي يشغل بال الخارج اكثر حتى من الداخل نفسه، هو الذي يشكل في هذه الايام الطبق الاساس على مأدبة لقاءات المعنيين المسؤولين مع بعض السفراء الاجانب، وفي مقدمهم السفيرة الاميركية ليزا جونسون التي، وكما كانت الديار قد ذكرت سابقا، تعمل على حث المسؤولين ودفعهم الى عقد جلسة وتأمين نصابها لتمرير التمديد الثاني لقائد الجيش.
هذا الموضوع تحديدا، عاد ليشكل الرسالة الاساس التي ارادت ارسالها الولايات المتحدة الاميركية للمعنيين، وفي مقدمهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، اذ تفيد مصادر مطلعة على الجو الاميركي بان لقاء جونسون مع بري امس في عين التينة، تمحور حول ضرورة التمديد لقائد الجيش.
وتوضح المصادر ان جونسون حرصت خلال اللقاء، على وجوب عدم ترك المؤسسة العسكرية بالفراغ، وقالت ما مفاده: ان هذه المؤسسة التي يثق بها الجميع والمجتمع الدولي، ويتم لاجلها تنظيم المؤتمرات الخارجية لتقديم الدعم لها، من مؤتمر باريس الى روما والرياض، كما تخصص لها الدعم من مختلف الدول سواء اميركا او قطر او الاردن او غيرها، «فلا يجوز ان تُنقَل لها عدوى الفراغ” الحاصل برئاسة الجمهورية، وعليه تقول المصادر طلبت جونسون التمديد لعون وتأمين الجلسة والنصاب المطلوب لها.
ردّ بري، الملقى على عاتقه كل الملفات هذه الايام، كان واضحا على الرسالة الاميركية، اذ تكشف اوساط مطلعة على جو اللقاء ان رئيس مجلس النواب الحريص اصلا على عدم حصول فراغ، ولا سيما بمؤسسة كالمؤسسة العسكرية، رد على هذه الهواجس بالطمأنة بما مفاده: “هذه المؤسسة ان شالله ما بتشهد على فراغ”.
هذه الرسالة الاميركية، نقلها ايضا السفير السعودي وليد البخاري، الذي كان له تحرك لافت بالامس باتجاه السراي وعين التينة واليرزة. وفيما بات معلوما ان اساس لقاءات البخاري تتركز على توجيه الدعوة للمعنيين لحضور قمة الرياض في 11 تشرين الثاني، الا ان مصادر موثوق بها كشفت ان البخاري حرص ايضا خلال لقاءاته، على الحديث عن اهمية دور الجيش، لافتا الى ان المملكة تتحرك وهي مهتمة بمساعدة لبنان انسانيا، وتقديم المساعدات للمجرين، كما دعم الجيش وتأمين الحاجات الاساسية له، مشددا ايضا على وجوب عدم ترك المؤسسة العسكرية بفراغ.
كلام بري المطمئن، وهو المفوض من حزب الله التفاوض السياسي بملف وقف اطلاق النار، فهمت من خلاله اوساط نيابية متابعة، ان الجميع بات يدرك ان التمديد الثاني لقائد الجيش سيمر، لكن العمل جار على ايجاد “الصيغة التسوية” الفضلى، كيلا يكون عرضة للطعن.
وتشير المصادر الى ان بري الذي طمأن زواره الاجانب بان الفراغ بالمؤسسة العسكرية لن يحصل، حريص فعلا على هذا الامر، لكنه في الوقت نفسه حريص ايضا على عدم تفصيل قانون على قياس شخص واحد، ما مفاده ان بري الذي وصله اقتراح القانون المعجل المكرر، والذي تقدمت به “القوات” للتمديد لقائد الجيش حصرا، يتروى لان هذا الاقتراح ليس شموليا وبالتالي سيكون معرضا للطعن، لذا، فالعمل قائم على البحث عن الاقتراح الانسب والذي يكون شموليا.
وفي هذا الاطار، كشف مصدر نيابي متابع ان تكتل “الاعتدال الوطني» يعمل على اقتراح قانون معجل مكرر يشمل كما حصل في التمديد الاول، التمديد لقادة الاجهزة الامنية برتبة لواء وعماد، ما يعني انه يشمل كلا من اللواء عماد عثمان واللواء البيسري كما قائد الجيش جوزيف عون .
كما ان “اللقاء الديموقراطي” يدرس العودة الى اقتراحه القديم مع بعض التعديلات، بحيث يشمل التمديد لسنتين للجميع من جندي الى رتبة عماد، وهو الاكثر عدالة وشمولية، باعتبار انه يؤمن التراتبية العسكرية، ويمكن ان يكون مفيدا في هذه المرحلة تحديدا، التي تتطلب مزيدا من عناصر الجيش.
امام هذه الاقتراحات الثلاثة، تكشف المعلومات ان التوجه هو للسير باقتراح القانون الذي يعمل عليه تكتل “الاعتدال الوطني»، اذ علق مصدر موثوق به بالقول: «بنهاية المطاف التمديد سيمر لكن بالصيغة التي تكون كـ “بابا نويل مرّ على الجميع» اي على قاعدة 6 و6 مكرر والجميع مستفيد!
ولكن ماذا سيكون عليه موقف حزب الله؟ هل يغطي التمديد كما فعل ولم يطير النصاب في التمديد الاول؟ الارجح نعم يختم المصدر!