حملة مناهضة العنف الاقتصادي ضد النساء عرضت شهادات بعضهن خلال الحرب وطالبت بإنهاء كل اشكاله

أطلق برنامج “النسوية من اجل حقوق النساء الاقتصادية – FemPawer” في “مجموعة الابحاث والتدريب للعمل التنموي”، في “اليوم العالمي لحقوق الانسان” و”حملة الـ 16 يوما لمناهضة العنف ضد النساء”، حملة لمناهضة العنف الاقتصادي ضدهن في سياق الحرب التي عاشها لبنان وتقاطع المناسبات الحقوقية مع نهاية هذا العام، تخللها رصد شهادات لعدد من النساء والفتيات على مختلف الاراضي اللبنانية توثق ابرز ما واجهنه خلال الحرب على لبنان.

واشار بيان للمجموعة، الى ان “برنامج – FemPawer” هو إقليمي يتمحور حول مناصرة وكسب التأييد للحقوق الاقتصادية للنساء ومناهضة العنف الاقتصادي القائم على التمييز بين الجنسين في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، يستهدف كاولوية الفئات المهمشة من النساء والشابات الريفيات ومن ذوات الإعاقة والنساء اللواتي يعملن في القطاع غير المهيكل وكذلك النساء المقيمات واللاجئات، ويتوجه لمنظمات حقوق النساء والشابات الناشطات اللواتي يواجهن التمييز بسبب العنف الاقتصادي ضد النساء والفتيات في لبنان والأردن وفلسطين وتونس ليصبحن قائدات على التغيير، ويهدف الى المساهمة في تعزيز بيئة المساءلة في مجال تعزيز الحقوق الاقتصادية ومناهضة العنف الاقتصادي ضد النساء”.

واوضح ان “البرنامج في لبنان يتكون من ثلاث شبكات، وهي: شبكة “المؤسسات والجمعيات الشريكة” وتتألف من 14 مؤسسة تعمل ضمن 8 مشاريع، شبكة شابات “رياديات” وشبكة الشبان الناشطين المساندين لقضايا النساء “صناع الأثر”. وبتضافر عمل الشبكات رصد البرنامج شهادات النساء والفتياء النازحات خلال الحرب على كل الاراضي اللبنانية، وقدّمت الشهادات على امتداد 16 يوم واقع التحديات والانتهاكات التي تواجهها النساء والفتيات خلال الحرب، كما تعكس تلك الشهادات العنف الاقتصادي المتقاطع مع عدد من الانتهاكات المرئية او غير المرئية، او اشكال من العنف الممنهج او غير الممنهج، ومنه ما هو مقصود او غير المقصود، التي تتعرض له تلك الفئات المستهدفة، والتي تفرضه عليهن ظروف الحرب والنزوح، واماكن الايواء او تغيير مكان السكن”.

ولفت الى ان “الشهادات اظهرت عددا من الانتهاكات والتحديات التي تواجه النساء والفتيات وذوات الاعاقة، فكان جلياً في شهاداتهن كمّ المعاناة المضاعف عليهن، كفقدان المنزل والعمل والمدخول وفقدان الأوراق الرسمية والشهادات التعليمية، او صعوبة التنقل داخل مراكز الايواء الغير مجهزة لذوات الاعاقة، كما بينت العنف الاقتصادي بكل تجلياته، وخصوصا مع النساء الحوامل وصعوبات الولادة المبكرة، وفقدان المعيل والحاجة لابسط مقومات الحياة العادية من ثياب ومقتنيات شخصية، في ظل ضعف الامكانات وخطط الدعم”.

ووزعت الشبكة “مقتطفات من شهادات النساء والفتيات المختلفة التي تم رصدها وجمعها وتوثيقها اثناء الحرب في اماكن انتشارهن، كما لن نستخدم ذكر الاسماء وعليه مرفق من الشهادة:

1- “.. فصلت اختي من عملها، نعيش اليوم في مدرسة، نازحتين في بلدنا لا مال معنا ولا ملابس ولا دواء ليشفي مفاصلي التي بدأت تصدأ من الوجع،ننتظر مساعدة من ذلك أو تلك، نشترك الحمام مع عشرات النازحين والنازحات غيرنا، ولا نعرف أي مصير ينتظرنا…”.

2.- “..انجبت طفلتي داخل خيمة في ساحة الشهداء والآن اعيش مع أطفالي في الخيمة تحت ظروف غير صحية وغير آمنة ، جيت من طريق المطار كانوا عم يقصفوا وانا همي ولادي بس شوفي شو صار بحالنا ..”.

3- “..ما معي مصاري لأقدر جيب حليب لأبني، حليبي عالخوف راح، ابني عمرو عشر ايام، اخي مات بالحرب جلطة دماغية، جربت كون قوية واشتغل بي محل ما مشي حالي، حدا استغلني فاخد مني مصاري حتى يوصلني لمكان امن وتركني عالطريق، بحس لازم انتحر، لازم موت ليش بعدني عايشه، جارتي مريضه ما فيها تتحكم، بنتي حرارتها أربعين، انا من البرد طول النهار تعبانة..”.

4- “..كل شي اشتغلت عليه بحياتي فقدتو، بيتي اتكسر ما عاد ينسكن، كنت موظفة بشتغل براتب شهري ما توقعت اطلع من بيتي بهالطريقة، حتى شهادتي وأوراقي الخاصة ليست معي، جيت مريضة ما معي حق علبة دوا، طلعت بدون شي بس غمرت بنتي بحضني وابني لي بعد ما اجى عالدنيا ببطني، وتركت رفيق عمري ببيروت ما بعرف عنه شي…”.

5- “…نزحت مع أطفالها من الضاحية بسبب الحرب، وفقدت عملها في الطهي في أحد المؤسسات، فوجدت نفسها في ضائقة مالية، واضطرت للاستدانة لتغطية احتياجات أسرتها الأساسية، بما في ذلك تأمين الأدوية لزوجها المريض، ومع غياب أي آلية دعم إجتماعي فاعلة من قبل الجهات المختصة…”.

6- “..لديها أربعة أطفال، كانت تعمل براتب محدود قبل أن تضطر لاستقبال شقيقتها النازحة مع أطفالها بسبب الحرب، ضاعف هذا من الأعباء الاقتصادية التي تواجهها، مما جعل من الصعب تأمين احتياجات الأسرة الأساسية مع زيادة عدد الأفراد في المنزل..”.

7- “..كنت أستيقظ كل يوم على صوت الانفجارات في المناطق المحيطة، وما إن طال القصف قريتنا في البقاع اضطررنا للنزوح وترك كل ما نملك وراءنا حفاظاً على حياتنا، العيش في مراكز الإيواء صعب للغاية، تنعدم الخصوصية والأمان والراحة، ونعاني من نقص كل شيء، ومع ذلك، لم يعد هذا يهمني بعد أن رأيت صور منزلي ومتجري مصدر رزقي الوحيد مهدمين على الانترنت، لقد بنيت هذا المنزل مع زوجي المريض على مدى سنوات العمر، لا أعرف ماذا أفعل، ولم يعد لدي أمل بشيء..”.

8- “.. مع تصاعد حدة القصف، توقف عملها، ثم أصابها اضطراب ما بعد الصدمة نتيجة مشاهدتها لأشلاء جيرانها أثر قصف وحشي، قبل نزوحها من الجنوب مع عائلتها إلى منطقة أكثر أماناً، هي التي تعيش على كرسي متحرك منذ ولادتها، تحتاج للمساعدة ولتجهيزات خاصة في المنزل من أجل الحركة لم تجدها في مراكز الإيواء، ولا حتى بالمنازل المستأجرة..”.

9- “.. كانت تصنع المونة المنزلية وتعيل أسرتها المكونة من خمس أفراد، تقول: بسبب الحرب، توقف عملي وتدهورت الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير، لم أتمكن من إنتاج المونة منذ تشرين الأول عام 2023 بسبب اضطرارنا للنزوح من منزلنا إلى منازل عديدة بحثاً عن الأمان، هذا المنزل رقم 13 الذي انتقلنا إليه. لم يعد لدينا دخل ثابت ولم يعد لدي القدرة على تأمين احتياجات عائلتي الأساسية، كما أننا مهددين بالطرد لعدم قدرتنا على دفع إيجار المنزل..”.

10- “.. لم اتمكن من اخراج ما احتاجه للتنقل وحفظ كرامتي كما يجب، نزحت مع جداي في سيارة احد الجيران على عجل ولم اتمكن من اصطحاب شيء سواي وافكاري وهواجسي، أتعلمون ماذا يعنيه ان أكون مقعدة في مدرسة/ مركز ايواء، دون كرسي وهو وسيلتي للتنقل، فدخول الحمام فيه ما فيه من صعوبة في كل آن كوني مع شخصين كبيرين في السن…”.

11- “…أنا لاجئة أجد نفسي حبيسة قيود التمييز، حيث أنني لا أقاس فقط على قدراتي ومهاراتي، بل أيضاً على جنسيتي وأصولي، أحمل مؤهلات عالية وخبرة واسعة، إلا أنني أواجه صعوبات في الحصول على فرص عمل مناسبة، أجورنا أقل، وفرصنا محدودة. مما يضطرني أحيانًا إلى قبول ظروف عمل غير عادلة بسبب الحاجة الاقتصادية ، مما يهدد كرامتي ويحط من شأني…”.

12- “..الحرب لم تدمر بيوتنا فقط، بل دمرت أحلامنا. كنت أعمل وأدخر لأحقق أهدافي، لكن الخوف من القصف أجبرني على ترك كل شيء وراءي. اليوم، أجد نفسي أسيرة ظروف لا أستطيع التحكم بها، وأشعر بفقدان كبير لاستقلالي…”.

13- “..انا فتاة أجبرتني الحرب على ترك عملي، لقد كان لي عمل أعتمد عليه، وكان لي منزلي الذي يمنحني الأمان، ولكن بسبب ظروف الحرب فقدت كل ذلك، وجدت نفسي فجأة في موقف يتطلب مني الاعتماد على الآخرين في بعض الأمور الأساسية، مما زاد من شعوري بالعجز وقلًل من استقلاليتي..”.

14- “..كفتاة طموحة، من ذوات الاعاقة الحركية، أجد نفسي محرومة من فرص العمل بسبب العلاقات وليس الكفاءات، أحمل على عاتقي مسؤولية أسرتي، وأنا أصارع من أجل لقمة العيش، الحرب والمحسوبية زادتا من معاناتنا، الشعور باليأس والعجز يقتل الروح، الحرمان من العمل يجعلني أشعر بأنني عاجزة عن تغيير حياتي وحياة أسرتي..”.

15- “.. كلما حاولنا البناء، دمر كل شيء، متى ستنتهي هذه المعاناة؟ بعد كل ما عانيناه، وبعد كل ما حققناه، نجد أنفسنا مجددًا في نقطة الصفر. الحرب الاقتصادية والنفسية تفتك بنا، وتدمر أحلامنا..”.

16- “.. أم وجدة لست احفاد جاءت الحرب ونزحت مع عائلتها لتسكن في غرفة صغيرة مما فاقم العنف الزوجي ضدها وخصوصا الاقتصادي والحرمان من المصروف مع شح الموارد لدرجة أنه قد منعها من الذهاب إلى الطبيب كونها تعاني من ألم مزمن في ساقها وآلام في أسفل ظهرها بحيث لاتستطيع احيانا الوقوف والحركة، كل هذا يعتبر جزءا بسيطا من المعاناة المستمرة لتلك السيدة في ظل الحرب والازمات التي فاقمت وضاعفت معاناتها..”.

وعليه، اوضح البيان الى ان “هناك ما هو متقاطع مع تلك الشهادات او متغير رصدها البرنامج، ومنها موجودة عند الكثير من النساء والفتيات واللاجئات وذوات الاعاقة، التي لا يجب اغفالها بعد نفض غبار الحرب، بل العمل عليها ولتداركها بحيث يجب أن تكون لدى الحكومات خطط طوارئ ومنظومة من سياسات قادرة على الاستجابة والحد من الازمات بما يضمن دعم الفئات الأكثر هشاشة، ووضع خطط مرنة لحماية الأسر والنساء من التأثيرات الاقتصادية الضارة التي قد تطيل معاناتهن. تواجه النساء في مناطق النزاع ظروفًا غير إنسانية، حيث يتعرضن للاستغلال الاقتصادي وتزداد الفجوات بينهن وبين باقي فئات المجتمع، مما يعمّق معاناتهن في ظل غياب العدالة الاجتماعية، حيث نقص الموارد و الخدمات و فقدان مصادر الدخل يؤدي الى زيادة العبء المالي و الضغط النفسي على النساء؛ وتزداد معاناة النساء ذوات الاعاقة اثناء الحروب ، فهن ينزحن دون تجهيزات تناسب أوضاعهن، ومع فقدان البيئة الآمنة يجعل متابعة حياتهن اليومية امراً في غاية الصعوبة فهن يواجهن صعوبات مضاعفة في الوصول إلى الخدمات الأساسية، مما يعرضهن لمزيد من التهميش والحرمان والخطر. لذا وجب السعي لانهاء كل اشكال العنف الاقتصادي على المستوى التشريعي والسياسات المرعية الاجراء ليست حاجة من اجل النساء فقط بل ضرورة من اجل المجتمع ككل والمصلحة الوطنية ايضا”.

=======م.ع.ش.