اعتبر العميد الركن الدكتور هشام جابر أنّ إعلان وقف إطلاق النار “يصبّ في مصلحة اسرائيل وليس في مصلحة نتنياهو اليوم لكنّه مضطرّ للقبول به، بعدما أظهر استطلاع رأي في بلاده بأنّ 54 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون التوصل إلى اتفاق بشأن وقف الحرب في لبنان”، وأنّه يصبً في مصلحة لبنان، وليس في مصلحة “حزب الله” الذي يوافق عليه مُرغماً لحرصه على عدم تدمير المزيد، وكون فترة الستين يوماً ستكون بمثابة فترة استراحة محارب له، ولأن ايران أرسلت إليه إشارة بالإلتزام بما تريده الجمهورية اللبنانية وبمن فيها الرئيس نبيه بري”.
كما رأى جابر أنّ هناك أسباباً أخرى تدفع اسرائيل إلى القبول بوقف إطلاق النار “منها الموقف الأوروبي الذي عبّر عنه في الأمس مسؤول السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ومطالبته بوقف فوري لإطلاق النار وتطبيق مباشر للقرار 1701، ولم يتحدّث عن “1701 بلاس”، أضف إلى الضغط الأميركي على نتنياهو والتهديد بالانسحاب من جهود الوساطة في حال لم تردّ إسرائيل بشكل إيجابي في الأيام المقبلة على اقتراح وقف إطلاق النار مع لبنان، والتلويح بمجلس الأمن الدولي الذي ربّما يذهب إلى استصدار قرار جديد يُمكن أن يكون أسوأ بالنسبة لنتنياهو، ولا تستعمل فيه واشنطن حق النقض”.
وقال جابر: “إنّ الإدارة الأميركية الحالية جادّة فعلاً، بالتوصّل إلى وقف إطلاق نار في لبنان، لأنّها إذا فشلت في تحقيقه بعدما فشلت في غزة، فإنّ فشلها سيصيب من الحزب الديموقراطي مقتلاً . فالولايات المتحدة تراجع حساباتها وهي تريد إنهاء هذا الوضع. صحيح أنّها مع إسرائيل لكنها ليست مع نتنياهو، والرئيس المنتخب دونالد ترامب مع إسرائيل أكثر من بايدن، لكن هو أيضا ًليس مع نتيناهو، وسيقلّم أظافره عندما يستلم منصبه، لانه يعتبر أن حكومته تشكّل خطراً على وجود إسرائيل بدليل ما قاله خلال حملته الانتخابية أخيراً إذ أدلى بمواقف خطيرة مفادها أنه إذا لم تنتخبوني فإنّ إسرائيل ستزول بعد عامين، وكان يقصد أنّها تُدمّر من الداخل”.
وشدّد جابر على “أنّ اسرائيل غطست بالوحل اللبناني، إذ لم تتمكّن من تنفيذ اجتياح برّي لـ 50 يوماً بعدما درست كلفته عليها، ولم تتقدّم قواتها إلا بعدما دمّرت قرى وتكبّدت ما لم تتكبّده في غزة خلال ستة أشهر، باعتراف منها، وهناك معارك ضارية وبطولات خارقة تسجّل في الخيام والبياضة ودير ميماس وشمع وفي الأمس ذكّرتنا مجزرة الميركافا في البياضة بمجزرة وادي الحجير 2005 وكلما غطست أكثر كلّما ستتكبّد أكثر”.
ووصف جابر أداء “حزب الله” في الميدان بـ “الأداء الأسطوري” وقال: “في العلوم العسكرية هناك كتاب للحرب الكلاسيكية وكتاب لحرب العصابات ولا علاقة لهما ببعضهما وكتاب حرب العصابات وُضعت له مبادىء وما يصنعه “حزب الله” من بطولات في الميدان تتجاوز هذه المبادىء” .
إلا أنّ جابر قال و”بكل موضوعية إنّ الطرفين قد أخطآ في تقدير قوة الآخر، فحزب الله كان معتدّاً كثيراً بقوته لآخر يوم، أي حتى 17 ايلول، وأساء تقدير قوة إسرائيل بالحرب الإلكترونية وبالإغتيالات، لذلك تلقّى ضربات كبيرة انتهت بإغتيال أمينه العام السيد حسن نصرالله. أما إسرائيل ورغم إدراكها لما ستواجهه في جنوب لبنان في حال دخولها البرّي، فقد أساءت تقدير قوّة “حزب الله” في الميدان”. وإساءة التقدير تصيب بنكسة، فكما أُصيب “حزب الله” بنكسة كبيرة أُصيب الاسرائيلي اليوم بنكسة أكبر”.
وأقرّ جابر أخيراً بأن الرئيس نبيه برّي “مفاوض شرس ويتمتّع بشرعية مجلس النواب، رافضاً الهجمة عليه، كما استهجن المنطق القائل بانتخاب رئيس جمهورية لكي نوقف إطلاق النار، ما هذا المنطق؟