حانين بلدة جنوبية عاملية وادعة في محافظة النبطية قضاء بنت جبيل، ويقال إنّ حانين تعني الرحمة. تحدّها عيتا الشعب ورميش جنوباً، الطيري شمالاً،عين إبل شرقاً، ودبل غرباً. تبلغ مساحتها ما يقارب 7 كلم مربّع، ويبلغ عدد سكّانها حوالى 4500 نسمة بين مقيم ومغترب.
رئيس البلدية علي شهاب ذكّر بـ”معاناة حانين، كأترابها من القرى الجنوبية، من ويلات الحروب، خلال زمن الحكم العثماني والإنتداب الفرنسي، وصولاً إلى احتلال فلسطين في العام 1948 من قبل “اسرائيل”، هذه الغدّة السرطانية التي وزّعت ويلاتها على قرى الجنوب، فنكّلت بأهله خلال حروبها المتلاحقة ضدّهم”.
ولفت إلى “أنّ العدوّ وضع في العام 1976 مداميك دولة لبنان الجنوبي، حين شاء ضمّ حانين مع بعض القرى المجاورة لتشكيل نواة ما يسمّى بدولة لبنان الجنوبي، إلّا أنّ رفض الأهالي التجاوب مع مطلبه والتعاون معه، أفضى إلى فرض الحصار المُحكم عليها ما يقارب الستة أشهر، بعد قطع طريقها الرئيسية التي تربط البلدة مع القرى المجاورة، قبل اتّخاذ القرار بمهاجمتها واحتلالها في شهر تشرين الثاني 1976، لتصبح بذلك القرية الجنوبية الأولى التي تتعرّض لمجزرة راح ضحيتها ما يقارب عشرة شهداء من أبنائها وجرح العشرات، وهجّرت بعد تدميرها وإحراقها ومن ثم تسويتها كاملة في الارض، بالإضافة إلى إتلاف وإحراق كرومها ومحاصيلها، وتهجير كامل أهلها الذين توزّعوا في قرى صور والعاصمة بيروت والبقاع، فيما سافر بعضهم إلى بلاد الاغتراب علّهم يجدون وسيلة بديلة للرزق والعيش”.
وتابع شهاب: “في العام 2000، ذاقت حانين طعم التحرير، فعاد أهلها اليها من دون أن يبارحوها، وتبنّت دولة الكويت إعادة إعمارها من جديد عبر الصندوق الكويتي للتنمية، بالإضافة إلى مجلس الجنوب. وعرفاناً من أهالي البلدة للكويت، عمدوا إلى إقامة حديقة عامة وإنشاء مجسّم يحاكي أبراج الكويت، وتحوّلت البلدة مزاراً لسائر أبناء المنطقة. وخلال عدوان تموز 2006 استهدفت حانين مجدّداً ولم يتمكّن العدوّ من الوصول اليها، فعمد إلى تدمير جزء كبير منها، إلا أنّ ذلك لم يثن الأهالي عن تمسّكهم بها، فأعادوا بناءها من جديد”.
يبلغ عدد سكّان حانين المقيمين نحو 1000 نسمة شتاءً، وما يقارب 1300 نسمة صيفاً، ومع بداية معركة “طوفان الأقصى” نزح الأهالي مجدّداً إلى مناطق أكثر أمناً إلى العاصمة بيروت وجبل لبنان وشماله، ولم يتمكّنوا حتى تاريخه من العودة إلى البلدة بفعل الحصار الاسرائيلي المستمرّ، لرفع جثامين شهدائها أولاً ومسح الأضرار ثانياً.
وقد أدّت الإعتداءات الاسرائيلية إلى تدمير ما يقارب 50 منزلاً، وتضرّر ما يقارب 90 بالمئة من منازلها. كذلك دُمّر مسجد البلدة ومستوصفها وقصر بلديتها والمكتبة العامة ومحطة تكرير المياه فيها. كما تضرّرت طرقاتها وشبكات المياه والكهرباء.
بالإضافة إلى ذلك، عمد العدوّ الاسرائيلي إلى إحراق أحراج البلدة وكروم زيتونها، وقد عمل الجيش اللبناني والدفاع المدني في اتحاد بلديات بنت جبيل على إخماد بعضها .
دور البلدية
وفي ظل استقالة الدولة من مهامها تجاه المناطق الجنوبية، برز دور بلدية حانين، ولا سيّما خلال الأزمات المتلاحقة في الآونة الأخيرة بدءاً بالتدهور الوضع الاقتصادي وفقدان القيمة الشرائية للعملة الوطنية، مروراً بجائحة “كورونا” وصولاً إلى عدوان أيلول 2024. وفي هذا السياق، شرح شهاب “أنّ البلدية تواصلت مع أبنائها المغتربين وبعض المقيمين، فكانوا خير من لبّى النداء بالوقوف ومساندة الأهالي في هذه المحن. كذلك تواصلت مع جهات مانحة عدّة من مؤسسات وجمعيات ومجتمع محلّي وقوات الأمم المتّحدة العاملة في الجنوب لتقديم ما أمكن من مساعدات، علّها تساهم في محو آثار العدوان وإعادة البلدة أجمل ممّا كانت عليه”. وناشد الدولة “الضغط على المجتمع الدولي وتسخير كل قدراتها السياسية لتنفيذ وقف اطلاق النار وانسحاب قوات الاحتلال وإعادة الاعمار، ورفع آثار العدوان لعودة النازحين إِلى قراهم”.