بلدة كفرا الجنوبية، هي إحدى البلدات اللبنانية الكبرى في قضاء بنت جبيل بمحافظة النبطية، إذ تتجاوز مساحتها 14000 دونم، وتتوزّع على 27 تلّة، أعلاها تلة الحقبان التي ترتفع 777 م عن سطح البحر، وتشرف على قضاءي صور وصيدا، وتتميّز بمناخ بارد صيفاً يجعلها مقصداً لكثير من المصطافين.
تحدّ بلدة كفرا بلدات دير عامص، رشكنانيه، صدّيقين، ياطر، صربّين، حاريص ومزرعة مشرف؛ وتتميّز بكثرة أشجارها، فأكثر من ٩٥ بالمئة من مساحتها خضراء، وأبرز الأشجار شهرة هي السنديان والزيتون والعنب والتين، وفيها محمية طبيعية ومدافن ومغاور رومانية وبيزنطية. وفي بدايات القرن الماضي أُنشئت فيها أول مدرسة دينية في جبل عامل على يد العلّامة الشيخ محمد علي عزّ الدين، وتابع بعده العديد من المشايخ من آل السبيتي. وتحتضن بين ربوعها مقام النبي يونس، أهمّ المزارات الدينية في المنطقة.
حكاية كفرا مع الصمود “قديمة قِدم الاحتلال”، كما أوضح رئيس بلديتها يوسف أحمد بشير، “حيث تعرّضت لاعتداءات العدوّ من ستّينات القرن الماضي، وللتدمير الممنهج أكثر من مرّة، الاولى بعد إنسحابه من منطقة صور عام 1985 حيث تمركز على تلّة الحقبان الشهيرة ولم تدم إقامته فيها طويلاً، إذ سرعان ما انسحب منها بعد سنتين تحت ضربات المقاومة اليومية حينها. وللمفارقة، فإنّ قرار انسحابه اتّخذ في اجتماع الكابينيت الاسرائيلي المصغّر عام 1987 وقد أقرّ خلاله الإنسحاب الكامل من لبنان الذي تأخّر لأسباب دولية حتى عام 2000″. إلّا أنّ العدو الإسرائيلي اجتاح البلدة مجدّداً عام 1992 لكنّه مُني بهزيمة كبيرة، إذ فقد خلالها أكثر من 13 قتيلاً و40 جريحاً، فانتقم من كفرا من خلال تدمير أكبر عدد ممكن من منازلها، قبل أن يدمّرها مرّة جديدة في عدوان تموز 1993، ويعيد الكرّة في عدوان نيسان عام 1996 ولاحقاً في عدوان عام 2006 وأخيراً في عدوان 2023ـ 2024. ولكن إرادة صمود الأهالي جعلتهم يتمسّكون ببلدتهم أكثر ويعيدون إعمارها كل مرّة، وأجمل ممّا كانت”.
وتوقّف بشير عند الإنتهاكات الإسرائيلية لاتفاق الهدنة، “فإسرائيل دولة معادية ولا تطبّق القوانين، وتنتهك كلّ الاتفاقيات وتمارس كلّ أنواع الظلم، والإنسانية ليست في قاموسها، بل هي الشرّ المطلق كما سماها الإمام القائد السيد موسى الصدر”.
عدد سكّان كفرا حوالي عشرة آلاف نسمة، يقيم منهم فيها أربعة آلاف صيفًا وشتاءً، ويتوزّع الباقي بين بيروت وبلاد الإغتراب، وقد نزح الجميع عنها إبّان العدوان إلى كلّ المناطق اللبنانية، قبل أن يعودوا اليها مع إعلان وقف إطلاق النار.
وإلى استشهاد عسكريَيْن إثنين من الجيش اللبناني، وجرح 3 آخرين جرّاء قصف إسرائيلي استهدف مركزاً عسكرياً في البلدة، قدّمت كفرا في الحرب الأخيرة 16 شهيداً من أبنائها.
الإعتداءات على البلدة أدّت، وِفق رئيس بلديتها إلى تدمير حوالى 100 مبنى و50 محلاً ومؤسّسة تجارية، وتضرّر 1200 منزل. كذلك طاول التدمير مصلّى على جبّانة البلدة، ولحقت الأضرار بالأضرحة وبمركز الإسعاف وبالسيارات التابعة البلدية وبشبكات المياه والكهرباء، ولم يبدأ العمل على صيانتها بعد، فيما أجرت فرق مجلس الجنوب مسحاً للأضرار في انتظار دفع التعويضات للمتضرّرين.
وبعدما لفت بشير إلى أنّ موازنة البلدية الحالية لا تزال الحكومة تدفعها على السعر القديم وهي لا تكفي رواتب للموظفين الذين لم يتقاضوها منذ أربعة أشهر بعد، استعجل إدارات الدولة تأمين الخدمات الأساسية للبلدة، وناشد الجهات الدولية المانحة والمنظمات الأهلية الإلتفات إلى كفرا ودعم صمود الأهالي.