أقرّت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع في موسكو بأن التطورات الدراماتيكية المتسارعة التي تشهدها الساحة السورية هي حدث كبير، وأن التاريخ يُكتب من جديد، وأكدت أن روسيا لم يفاجئها ما جرى نتيجة عوامل عدّة هي بمثابة تراكمات كبيرة أبرزها سوء ادارة الرئيس السابق بشار الأسد للأزمة، وقالت: لولا الدعم الروسي له لكان سقط النظام السوري عام 2015 فتدخّل موسكو حال دون دخول المعارضة إلى دمشق بعدما وصلت إلى غوطتها، بدليل قول وزير الخارجية سيرغي لافروف “إن العاصمة كانت ستسقط أثناء أسبوعين أو ثلاثة في يد الإرهابيين لولا هذا التدخّل”.
وذكرت المصادر نفسها “أنّ الأسد لم يأخذ بالنصائح الروسية بالمبادرة إلى تهدئة الأمور وأخذ أي مبادرة للخروج من الأزمة من قبيل إطلاق عدد من المعتقلين أو طمأنة المعارضة إلى إشراكها في مستقبل سوريا، أو إظهار بعض المرونة خلال محادثات جنيف حول صياغة دستور جديد لسوريا، برعاية أممية”.
ونقلت المصادر عن المسؤولين الروس انزعاجهم الشديد من عدم إيفاء الأسد بوعوده أمامهم بالالتزام وتذرّعه بالضغط الايراني عليه لم يقنعهم، وبالتالي لقد دفع ثمن كل هذه التراكمات وباتوا غير قادرين على حماية نظامه”.
كذلك، نقلت المصادر استغراب روسيا الشديد من سرعة انهيار الدعم الايراني على الارض، وعزته الى عدم وجود حاضنة شعبية لمشروع طهران في سوريا، حتى لدى مؤيّدي النظام أنفسهم بل كانت تلزمهم به.
وتشير المصادر الى أنّ موسكو تترقّب بدورها مآل الامور في سوريا مع المرحلة انتقالية، إذ من الصعب الحكم على مستقبلها حالياً، لكنها تبدي في الوقت نفسه خشيتها من حصول نزاعات داخلية فيها تحمل طابعًا طائفيًا ومن أن تتحوّل عراقاً آخر، فاذا تمكّنت القوى الجديدة من استيعاب كافة الاطراف والابتعاد عن الطائفية واتّجهت لحكم تشاركي يصون مستقبل سوريا بالطبع فإن روسيا ستكون في طليعة المؤيدين.
ولم تستبعد المصادر الديبلوماسية أن تواجه روسيا اليوم وضعاً حرجاً مع استقبالها الأسد عند مطالبة الحكم الجديد في سوريا باسترداده لمحاكمته، واذ استبعدت تسليمه، رجّحت أن يُطلب منه بشكل أو بآخر المغادرة إلى إحدى دول أميركا الجنوبية قد تكون فنزويلا أو كوبا.
وكشفت المصادر من جهة ثانية أن أحد الديبلوماسيين الروس لم يستبعد في مجلس خاص أن يصبح النظام الايراني بدوره مهدّداً، بعدما قارب الموضوع من زاوية حقيقية اعتبر فيه أن أحد أهم أسباب خسارة الاتحاد السوفياتي هو دعمه المالي والعسكري الكبير لدول عدة فيما كان الشعب السوفياتي يئنّ من الجوع، وهذا الوضع ينسحب اليوم على وضع ايران التي سيسأل شعبها عن صرف أموالها لدعم محورها على حساب معيشته.