ميس الجبل هي إحدى القرى اللبنانية من قرى قضاء مرجعيون في محافظة النبطية، تقع على حدود فلسطين المحتلّة، وهي كباقي أخواتها تعرّضت للقصف الهمجي من قبل العدو الإسرائيلي وللضرب والتهجير الممنهج في جرائم حرب تضاف الى السجّل الأسود للإحتلال .
مساحة البلدة 420 هكتاراً، ويصل عدد المقيمين فيها في فصل الشتاء إلى أكثر من 7500 ألف نسمة، أمّا عدد سكّانها الأصيلين الذين ينتشر بعضهم في الإغتراب فيبلغ 30 ألف نسمة وقد نزحوا عن بلدتهم قسراً منذ 14 شهراً، وتوزّعوا على مساحة الوطن، واستُقبلوا بحفاوة كريمة من قبل كل القوى السياسية والحزبية والدينية من كافة الطوائف والمذاهب، فشعروا أنّهم بين أهلهم وناسهم ومحبّيهم، في مشهد يُجسّد مفهوم الوحدة الوطنية، بحسب رئيس البلدية عبد المنعم شقير.
وتحدّث شقير عن سقوط أكثر من خمسة آلاف قذيفة إنشطارية وفوسفورية المحرّمة دولياً على ميس الجبل، وعن تعرّضها لأكثر من 550 غارة جوية، راح نتيجتها أكثر من 80 شهيداً وشهيدة، بينهم أطفال ونساء وشيوخ. وتوقّف عند “مآثر” الإحتلال و”عربدته”، فقد دمّر أحياء سكنية بكاملها وآلاف البيوت، ففي البلدة أكثر من 4800 وحدة سكنية دمّر العدو الاسرائيلي أكثر من 75 بالمئة منها، كما فجّر السراي الحكومي ومستشفى ميس الجبل الحكومي الذي كان يستفيد منه أبناء أكثر من 25 قرية وبلدة حدوديّة. كما أجهز على المؤسسات التجارية والمرافق الرسمية والخدماتية والتربوية الخاصة والعامة، وقصف سنترال البلدة وهدّم المساجد التاريخية ودور العبادة وسوّاهم بالأرض، كذلك طاولت أعمال التدمير الأحياء القديمة والتراثية والعمرانية، حتى أنه لم يوفّر مقابر الموتى التي لم تسلم من وحشيته”.
وتحدّث شقير عن رفض أربعة مسنّين، ناهزوا التسعين عاماً أن يغادروا البلدة وقد انقطع الاتصال بهم منذ 2/10/2024 من جرّاء القصف والغارات الجوية، وقال: “اتصلنا بقوات الطوارئ والصليب الأحمر الدولي لإنقاذهم أو لمعرفة مصيرهم يومها، فجاءنا الردّ بأنّ الإسرائيلي لم يسمح لنا بالدخول إلى البلدة لإنقاذهم حتى يوم وقف إطلاق النار تمّ إجلاء إمراة مسنّة، ولم نعرف مصير الآخرين، وظلّ العدوّ الإسرائيلي حتى الآن يقصف ويدّمر رغم قرار وقف إطلاق النار بموجب القرار ١٧٠١ واللجنة الدولية، واليوم نسأل: أين المجتمع الدولي والمواثيق الدولية والقيم الانسانية ومجلس الامن الدولي الراعي لهذا الإتفاق؟ أصبحنا في هذا العالم، ويا للأسف الشديد، في شريعة الغاب”.
وإذ ترحّم رئيس البلدية على الشهداء وتمنّى الشفاء العاجل للجرحى، وحيّا “المجاهدين والمقاومين والمناضلين، والجيش اللبناني والجنود المجهولين من الدفاع المدني وكشاف الرسالة والهيئة الصحّية والصليب الاحمر اللبناني والدولي”، قال: “ندرك تماماً بأنّهم يستطيعون أن يدمّروا الحجر ويقتلوا الآمنين، ولكن لا أحد سيتمكّن من كسر إرادة شعبنا وناسنا بالدفاع عن أرضهم والحفاظ على سيادتهم، بالرغم من كل ما جرى ويجري وبالرغم من كل الوجع والألم والمعاناة والتضحيات، سنعود إلى بلدتنا إن شاء الله مرفوعي الرأس، معتمدين على المقاوم السياسي الأول والمفاوض الشجاع الحريص على سيادة هذا الوطن ووحدته الرئيس نبيه بري، وسنعيد بناء منازلنا ونعيش بكرامة، وستتابع البلدية عملها لخدمة أهلها وناسها ضمن إمكاناتها، كما على المسؤولين القيام بواجباتهم وتأمين كل مقوّمات الحياة بعد مسح الأضرار”.