شرح المحامي والأستاذ الجامعي الدكتور عادل يمين مسار إلغاء المعاهدات بين لبنان وسوريا، فأكّد بداية أنّ أيّ معاهدة بين دولتين يفترض ألّا تتأثّر أساساً من الناحية القانونية بتغيير الحكومة أو بتغيير النظام في البلد، إذ إنّ الحكم استمرارية، والإلتزامات الدولية لأي دولة تبقى مستمرّة، ولا علاقة لها بالتغييرات التي تشهدها داخلياً، وأي تعديل للاتفاقية أو إلغاء لها يُفترض أن يتمّ بإرادة الدولتين المعنيتين اللتين أبرمتاها، ما يعني بالمبدأ أنه لا يجوز لإحدى الدولتين أن تلغي أي اتفاقية بصورة منفردة. أما اذا كان الغاؤها سيتمّ فيجب أن يتمّ بالاتفاق بين الدولتين، وإلا ستكون الدولة التي تلغيها من طرف واحد قد خرجت عن تعهّداتها والتزاماتها تجاه الدولة الاخرى، وهذا طبعاً يؤدّي إلى تعكير العلاقات السياسية والديبلوماسية، ويمكن أن يؤدّي أيضًا إلى نتائج قانونية إذا كان سينجم أي ضرر عن هذا الإلغاء، أو إذا كانت المعاهدة قد نصّت على بنود جزائية أو على أي مترتّبات جرّاء الإلغاء، ولكن في كل الاحوال يعتبر مثل هذا التصرف إذا تمّ من طرف واحد خروجاً عن الأصول الديبلوماسية والأصول المرعية في القانون الدولي العام، وبالتالي بمثابة انتهاك للالتزامات، وهذا الامر يضع الدولة في وضع المنتهك والمخالف للقانون الدولي العام.
أضاف يمين: “أما اذا كان هناك مصلحة للبنان بإبقاء المعاهدات بين لبنان وسوريا التي كانت وضعت في زمن التسعينات وما بعدها، انطلاقًا من معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق، فهذا الامر عائد للدولتين، وليس خطأ أن تتم المراجعة وإعادة دراسة المعاهدات إذا تبين أن فيها ما يشكّل ظلامة أو غبن لأيٍ من الطرفين، يمكن العمل على الغائها. أما الغاؤها برمّتها فيجب البحث عن أسباب ذلك: لماذا ستُلغى برمّتها؟ ولماذا سيتم الخروج عنها بكلّيتها؟ يجوز أن تتشكّل لجان مشتركة بين الدولتين، فالجيّد منها يبقى، وما يتبيّن أنه غير جيد أو يلحق ضررًا أو ظلامة بأي من البلدين عندها يتم الاستغناء عنها. واذا تبين من خلال الدراسة أن ليست هناك حاجة لكل هذه الاتفاقيات عندئذ ممكن التفكير بإلغائها كلها ولكن على قاعدة الإتفاق بين الدولتين وبارادتهما، علما بأن اللجان تدرس، إما قرار الإلغاء والتعديل فيعود للسلطات الدستورية المختصة في كلٍ من البلدين”.