جنان جوان ابي راشد – خاص “المدى”
في الصفحة رقم 40 من خطة الحكومة الانقاذية حديثٌ عن انشاء “صندوق التعافي” لتغطية الخسائر الواقعة في القطاع المالي اللبناني، فيما هناك نظرتان حول هذا الصندوق الذي بات معروفاً باسم “الصندوق السيادي”، نظرةُ الحكومة التي ترى انه يجب انشاؤه بعد إعادة هيكلة النظام المالي، ونظرةُ جمعية المصارف التي ترى أنه يجب أن يكون كنقطة انطلاق لاعادة التعافي لحاكمية مصرف لبنان كي تردّ هذه الحاكمية التزاماتها تجاه المصارف والمودعين.
فكرة انشاء الصندوق ما تزال في التداول على الرغم من معارضة أطراف سياسية لها، والجهةُ التي ستوكَل إليها إدراة هذا الصندوق غير متفق عليها بعد، وقد بُحثت المسألة في الاجتماع الاخير للجنة تقصّي الحقائق المنبثقة عن لجنة المال والموازنة النيابية بحسب المعلومات.
أما اقتصادياً فهناك تباين أيضاً في وجهات النظر حول إنشاء الصندوق ومدى شفافيته.
الخبير الاقتصادي غسان شماس يؤيّد في حديث ل”المدى” انشاء هذا الصندوق الذي اذا تم انشاؤه، ستوضع فيه ممتلكات الدولة أو ما يعرف بأصولها والتي يتمّ عزلها عن ادارة وتدخل الدولة، وتبقى هذه الأصول ملكاً لها 100% ولا تُرهن لأيّ كان، لأنه يجب أن يكون الصندوق سيادياً.
ويشير شماس الى ان الهدف هو أن تدعم أرباح هذا الصندوق النهوض الاقتصادي من خلال استيراد البضائع الضرورية ولتسيير العجلة الانتاجية الصناعية والزراعية والسياحية وغيرها من القطاعات، كما يمكن استثمار أرباحه لتحفيز المصارف كي تعود ثقة المودعين بالقطاع المصرفي من خلال اعادة جزء من الفوائد للمودعين بعد فترة من الزمن قد تتراوح بين 5 و10 سنوات في حال تم اقرار قانون الكابيتال كونترول، بحسب توقعات شماس.
ويرفض شماس توزيع أرباح هذا الصندوق على المودعين بحسب قيمة الودائع، كما يرفض رفضا قاطعا ما ورد في خطة جمعية المصارف حول الصندوق، اذ اقترحت الجمعية سندات خزينة بفوائد تكون “مغطاة” أو مضمونة وبالدولار، فهذه السندات، بحسب شماس يمكن أن لا تعود بهكذا فوائد، معرباً عن تخوّفه من أن تذهب الأصول حينها الى صندوق يكون مرهوناً واذا حصل طارىء توضع اليد على الممتلكات. ويؤكد شماس ضرورة أن تكون ادارة الصندوق ومربحيّته شفافة.
اما الخبير الاقتصادي جهاد الحكيّم فينطلق من عدم ثقته في الوقت الراهن بمَن يدير مرافق الدولة، ولذلك يؤكد رفضه لهذا الصندوق، معرباً عن تخوّفه من أن يقوم مَن استفاد من نظام الفساد والربى الفاحش بوضع يده على ادارة هذا الصندوق، محبذاً اللجوء الى “الخصخصة من دون تمليك” بدلا من ذلك.
ويسأل لماذا لا نذهب الى خيار الخصخصة لادارة مقدّرات الدولة بعد إقرار قانون المنافسة في المجلس النيابي، معتبرا أن بإمكان الخصخصة إدخال دولارات الى البلاد وسط الحاجة الى استثمارات خارجية مباشرة بما يمكّننا من تنويع محفظتنا المالية.
في مصر التي لجأت بدورها الى صندوق النقد بعد الاقتراض المفرط والشح في العملات الأجنبية، تتجه الحكومة الى هذا النمط من السياسة الاقتصادية ببيع بعض أصولها للتخلص من بعض الديون بعد اقرار قانون انشاء الصندوق السيادي، ولكن وسط تحذيرات من تبعات هذا القرار، فهل يسير لبنان على الخطأ نفسها؟