صاحبة السعادة، باعتبارها مبعوثة القضاء والقدر الى بلادنا، قالت لنا : اما لبنان نتنياهو أو… الجحيم !
لا نتصور أننا بحاجة الى هذا التهديد. بأيدينا ذهبنا بلبنان الى أبعد بكثير من الجحيم…
لبنان الذي قد يقول الأكاديمي ايدي كوهين ان «باستطاعتنا احتلاله براقصة، وببعض كؤوس الجعة». وكنا قد نقلنا كلامه حول احتلال الأردن بدبابتين وثلاث ساعات. في هذه الحال كم تحتاج «اسرائيل» لاحتلال العالم العربي؟ بضعة أراكيل (اياكم التنباك العجمي). الأراكيل كآخر ما توصلت اليه التكنولوجيا العربية الغراء.
دوروثي شيا دفعتنا الى الزاوية. وضعت هذه الأوراق أمامنا: ازالة «حزب الله» ولو لم يبق في لبنان حجر على حجر. هو المسؤول عن السقوط المالي، والسقوط الدستوري، والسقوط البنيوي، للدولة، لا المنظومة السياسية التي يدار الكثير من أركانها بالريموت كونترول من المفوضية الأميركية السامية في عوكر.
أيضاً، استقالة حكومة حسان دياب، وان كان نائباً لرئيس الجامعة الأميركية، ويتقن اللغة الأميركية أكثر مما يتقنها مايك بومبيو، وتشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة نواف سلام، أو برئاسة بهاء الحريري الذي قال جيري ماهر، الذي زرعته جهة ما في ظهره، انه يمتلك مشروعاً متكاملاً… للانقاذ!
المشروع يفترض أن يبقى طي الكتمان. عجيب أمر أهل السياسة، أو أمر الطارئين على السياسة، عندنا. لديهم مشاريع للانقاذ، لكنهم لا يفصحون عنها. هذه ثقافة المشعوذين لا ثقافة رجال الدولة.
ما فهمناه من جيري ماهر (دانيال أحمد الغوش)، المتعدد الأسماء، والمتعدد الوجوه، والمتعدد الهويات، والمتعدد جوازات السفر، والمتعدد أجهزة الاستخبارات، أن الرؤية الاستراتيجية للشيخ بهاء تتمحور حول الحرب على حزب الله.
كيف؟ جيري ماهر (لا يأخذكم الخيال الى توم اند جيري) لديه امكانات اسطورية لاستنفار الاساطيل، من شاطئ الأطلسي الى شاطئ المتوسط، لكي يحقق حلم أحدهم بتحويل الضاحية الى… هيروشيما.
لا كلمة واحدة عن «الشقيقة اسرائيل»؟ «أمبراطورية يهوه». لا امبراطورية غيرها لاستقبال الماشيح على جماجمنا. حقاً، لماذا يصر أساقفة الغيب على أن المخلص يجب أن يمشي على جماجمنا. لمن الخلاص، وما جدوى الخلاص، في هذه الحالة؟
السؤال المنطقي الذي نطرحه على السفيرة، وهي الضالعة في صناعة الأزمات، كما في صناعة السيناريوات, كيف يمكن لنا، كلبنانيين، ازالة حزب الله وترسانته الصاروخية، اذا كنتم قد جعلتم منا هياكل عظمية تتكئ على بعضها البعض؟
لا نطرح السؤال من قبيل السخرية، بل لأننا نريد أن نفيد من تجارب الولايات المتحدة في تسويق السلام، والوئام، في اي أرض حلت فيها. أنظروا الى كوريا وفيتنام، والى أفغانستان و العراق، بل انظروا الى الشرق الأوسط وكيف يراقص الحطام.
السيدة شيا التي زعزعت بلادها عظام الجمهورية للعبور الى صفقة القرن، وها هي الجمهورية في حال الموت السريري، بشرتنا بعقوبات وشيكة بحق داعمين لـحزب الله. المطرقة الأميركية تنهال على رؤوس حساسة. لبنان أمام أيام جحيمية (كلام كثير حول ما يحدث في أروقة لاهاي وحيث المحكة الدولية الخاصة بلبنان).
خذوا علماً لا قيامة. مفاتيح السماء، كما مفاتيح الأرض، باتت بيد دونالد ترامب. كل صلاحيات الله أم كل صلاحيات الشيطان؟!
كلام سعادة السفيرة تزامن مع كلام لمديرة صندوق النقد الدولي البلغارية كريستيانا جورجيفا التي تكرهنا لأنها ترى فينا بقايا عثمانية. «لاسبب حتى الساعة لتوقع انفراج في الأزمة الاقتصادية اللبنانية».
بعد تلك السلسلة الطويلة من المحادثات، ولمّا نزل في مرحلة الاعداد للمفاوضات، على من يضحك صديقنا وزير المال غازي وزني. لا يد لانقاذ لبنان اذا لم يمد يده الى بنيامين ننتياهو.
حرى، على من تضحك أميركا…؟!