في وقت يردّد المسؤولون في الحكومة ومصرف لبنان، أن صندوق النقد الدولي، وكذلك البنك الدولي، يضغطان على لبنان لمنع مراكمة أي عجز في الموازنة العامة، فإن هؤلاء يتجاهلون طبيعة التحديات الماثلة أمامهم.
فتوصية هذه المؤسسات الدولية، تستهدف منع الحكومة من مواصلة سياسة الإنفاق غير المجدي في بعض الأحيان، علماً أن المنظمات الدولية لا تحب القطاع العام عموماً.
وقد سألت صحيفة «الأخبار» مسؤولاً بارزاً في مؤسسة مالية دولية حول حقيقة الشروط، فأوضح أن الملاحظات التي يعرضها مندوبو المؤسسات الدولية في مناقشاتهم مع الحكومة، تنحصر عملياً في مراجعة السياسات المتّبعة. ولكنها لا تقف عند ملف مثل ملف إعمار ما هدّمته الحرب.
ويقول المسؤول: «ليس في العالم كله، من مؤسسة دولية، تجرؤ على وضع شروط أمام معالجة الآثار الناجمة عن حروب أو كوارث طبيعية، وإن هذا الأمر لا يرد أصلاً في أي نوع من المناقشات، كما أن الحكومات في غالبية دول العالم لا تقبل أصلاً أحداً أن يناقشها في مسألة تخص مساعدة شعبها».
وينفي المسؤول أن يكون ورد إلى مسامع أيّ من مسؤولي المنظمات المالية الدولية، أو حتى وزارات المالية في دول تناقش أوضاع لبنان، أي كلام عن وضع شروط على عملية إعادة إعمار ما هدّمته الحرب الإسرائيلية على لبنان.
ويوضح: «إن لبنان يملك موازنة عامة، ولديه احتياطي خاص، كما يعرف الجميع أن لديه في حساب الخزينة مبالغ مالية كبيرة، وهو يقدر على استخدام ما يحتاج من هذه المصادر لتمويل عملية الإعمار، وعدم رهن هذه الخطوة لا بمساعدات من الخارج ولا بشروط أخرى».
يضيف المسؤول نفسه: «الجميع يعرف أن هناك ضغوطاً سياسية على لبنان بشأن دفعه إلى خيارات سياسية معيّنة، وقد تلجأ حكومات كبيرة في العالم إلى عدم تسهيل حصول لبنان على مساعدات مالية لهذه الورشة، كما يمكن لممثّلي هذه الدول أن يعطوا إشارات من نوع أن لا تزيدوا من العجز بسبب إنفاق على إعادة الإعمار، وقد يقول أحدهم للمسؤولين اللبنانيين: «احفظوا ما لديكم في خزائنكم، وانتظروا المساعدات الخارجية.
وحتى لو حصل ذلك، فإن على الحكومة اللبنانية تجاهل هذه الأمور، ويمكن لها أن تبادر إلى علاجات، قد لا تغطي كامل كلفة إعادة الإعمار، لكن يمكن لها المباشرة في مساعدة الناس على إعادة بناء مساكنهم، سواء من خلال برنامج دعم مجّاني، أو من خلال برنامج قروض من دون فوائد». ودعا المسؤول نفسه اللبنانيين إلى عدم تصديق ما يقوله أي مسؤول حول موانع لقيام الحكومة بدورها على هذا الصعيد.