كتبت “الديار”: خيب المبعوث الاميركي توم برّاك آمال “اعداء” حزب الله في الداخل، بعدما ابدى ليونة مفاجأة خالفت توقعاتهم ، حيال الرد اللبناني على “الورقة” الاميركية، ليتبين ان التهويل بالويل والثبور وعظائم الامور، المتزامن مع تصعيد ميداني “اسرائيلي”، جزء منه حرب نفسية خاضها سياسيون ووسائل اعلام مدفوعة برغبات اقليمية، لمحاولة اضعاف الموقف الرسمي اللبناني المنسق مع المقاومة في هذه المرحلة الدقيقة، ما دفع رئيس الحكومة نواف سلام الى الخروج عن صمته، للرد على الحملة السياسية التي يقودها رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الذي ترك استياء كبيرا في بعبدا “والسراي”، فيما “صوفته حمراء” في “عين التينة”.
هذه الليونة الاميركية تسمح “بشراء الوقت” دون ضمانات حيال النوايا “الاسرائيلية”. فهذا التفهم الاميركي لوحدة الموقف الرسمي اللبناني، اراح الاجواء الداخلية المضغوطة بعد ساعات من “حبس الانفاس”، الا انه يطرح اكثر من علامة استفهام، والكثير من الاسئلة، فهل تغيير اللهجة يعني تغيير النوايا؟ وهل الموافقة المبدئية الاميركية على ترتيب لبنان للاولويات، سينعكس نقاشا جديا يتزامن مع وقف الاعتداءات والانسحاب “الاسرائيلي”، ام العكس؟ ماذا عن سقوط المهل الزمنية الضاغطة؟ فهل هي مفتوحة ام الجدولة ستكون محدودة زمنيا؟ ماذا عن “نعي” برّاك للجنة مراقبة وقف النار؟ هل ثمة رغبة بالبحث عن اطار متابعة جديد؟ او تهرّب من المسؤولية عن اي تمادي “اسرائيلي” بالاعتداءات؟ وماذا يعني اميركيا “رمي الكرة” في الملعب اللبناني؟
واذا كان الموقف الموحد قد نجح في شراء المزيد من الوقت، لكن في المقابل وافقت واشنطن دون اي ضمانة بضبط اي رد فعل “اسرائيلي”؟ وكان لافتا ان برّاك لم يعترض على “خارطة الطريق” الواردة في الورقة اللبنانية، والتي لم يرد فيه اي التزام بمهل زمنية، بل طلب توضيحات حول بعض النقاط وسيعود باجوبة لاحقا، قد تكون بعد اسبوعين او 4 اسابيع.
ووفق المعلومات فان “الورقة” اللبنانية بصيغتها النهائية، كانت قد أُرسلت الى براك قبل ساعات من وصوله الى بيروت، وقد طلب بعض التعديلات عليها، ما دفع اللجنة الرئاسية الى العمل على تعديل بعض البنود. وافيد ان التعديلات التي ادخلتها اللجنة حسمت خلال اجتماع عقد مساء الاحد، سبقه لقاء جمع النائب علي حسن خليل موفداً من بري مع النائب محمد رعد والحاج حسين خليل.
ووفق اوساط مطلعة على اجواء بعبدا، الرئيس عون مرتاح للنتائج الاولية للزيارة، ويراقب بحذر مسار هذا الحوار المفترض ان يستكمل خلال اسابيع، لكنه مستاء من بعض الداخل خصوصا تصريحات رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع. واشارت الاوساط الى ان برّاك كان هادئا وتصرف كديبلوماسي محترف، وكان مستعدا للنقاش حول كل النقاط، خصوصا ان الرد اللبناني لم يكن جامدا بل طرح للاخذ والرد، وتضمن ترتيب للاوليات الواردة في “الورقة”الاميركية، دون المس بجوهرها.
اما اللقاء مع بري فكان ايجابيا، ووفق مصادر مطلعة لم تحصل مناقشة “للورقة” اللبنانية خلال الاجتماع، لان النقاش في بعبدا كان كافيا ووافيا، لكن رئيس المجلس شدد على مسألة الضمانات الاميركية، حيال الزام “اسرائيل” بتنفيذ مندرجات وقف الاعمال العدائية وفق القرار 1701، ولم يقدم براك، الذي وصف النقاش مع بري انه “حوار سهل مع رجل محترف”، اي التزامات حيال الامر، لكنه المح الى سعي «لشدشدة» آلية العمل، «الميكانيزم» المتبعة من قبل اللجنة، دون ان يقدم المزيد من التوضيحات.
وهو الامر الذي كرره خلال لقائه مع رئيس الحكومة نواف سلام، الذي اكتشف بان اجواء التهويل التي سبقت زيارة براك كان مبالغا فيها، وجزء منها “عدة شغل” محلية.
وبعد كلام برّاك اللافت، ووصفه حزب الله بالحزب السياسي اللبناني، وعدم نعته “بالارهابي” كما جرت العادة اميركيا، وصفت مصادر مقربة من حزب الله كلامه بانه ديبلوماسي وهادئ، والاهم انه غير استفزازي، ويتسق في عناوينه العريضة لجهة مناقشة ملف السلاح داخليا مع موقف حزب الله، ولفتت المصادر الى ان وحدة الموقف الداخلي كان لها اثر مباشر على خفض سقف التصعيد الاميركي، اقله خلال الفترة الراهنة. لكن لا بد من الحذر في هذه المرحلة من اي تصعيد “اسرائيلي” في الاستهدافات والاعتداءات، خصوصا ان براك “غسل يدي” واشنطن من اي ضمانات حيال وقف الاعتداءات “الاسرائيلية”، وهو كان صريحا بالقول بعد خروجه من “عين التينة”، ان ضمانة عدم حصول حرب “كمن يمشي على الماء”.