رضوان عقيل – النهار
كان من المتوقع أن يقدم بنيامين نتنياهو على إقالة وزير دفاعه يوآف غالانت لتطبيق قاعدة “الأمر لي” في إسرائيل على المستويين السياسي والعسكري.
استفاد نتنياهو من جملة عوامل تصب في مصلحته لإحكام قبضته على الحكومة وصولا إلى الجيش، فيمسك بزمام الدولة العميقة في مجتمع لا تفارقه لغة الحرب. واضح أنه يتقن، باعتراف خصومه في إسرائيل وخارجها، فن الانقضاض على منافسيه. وفي توقيت غير مفاجئ، أزاح غالانت فيما كانت إدارة الحزب الديموقراطي الأميركي مشغولة بانتخاباتها، فعمد إلى إطاحة وزير “مشاغب”، رغم اتفاقهما على مسلمة القضاء على “حماس” و”حزب الله”. تناقض الإثنان في مقاربة التعامل مع حرب غزة، رغم اتفاقهما على تدميرها وقتل أكبر عدد من أهلها وتشريدهم، إلا أنهما اختلفا على الأسلوب في ملف الأسرى الإسرائيليين. فلم يمانع غالانت في عقد صفقة مع “حماس” منذ اليوم الأول، على عكس نتنياهو الذي يعمل على تحقيق أهداف أخرى أبعد من استعادة الأسرى ومبادلتهم بمعتقلين فلسطينيين، إذ يريد تجريد الغزاويين من كل عناصر المقاومة، وهذا ما يؤمن به خليفة غالانت يسرائيل كاتس.
وجاءت خطوة نتنياهو غير المفاجئة في لحظة انتظرها منذ أشهر، ليمسك بكل مفاصل القرار في حكومته أولا، ومن ثم في المؤسسة العسكرية والامنية، حيث لا شيء يمنعه من استبدال رئيس الأركان هاليفي، فضلا عن المشرفين على جهازي “الموساد” و”الشاباك”.
ولم يأت كلام غانتس من فراغ عن تلاقيه مع رؤية نتنياهو في حربه المفتوحة على غزة ولبنان من خلال الاستمرار في متابعة “خطة الجنرالات” في التضييق أكثر على السكان، علما أنه لا يمانع في اتباع الأسلوب نفسه ضد إبناء الضفة الغربية.
وليس من حاجة إلى الإثبات أن المجموعة التي تعمل تحت مظلة نتنياهو ستواصل تحقيق ما يدور في مخططها ضد “حزب الله”، ولو أن ما يحصل على الأرض في البلدات الحدودية يعكس عدم تمكنه من حسم كل ما يخطط له، حيث يستمر جيشه في التركيز على سلاح الجو وتوجيه الضربات عن بعد وعدم الاكتفاء بالتصويب على الأهداف العسكرية التي تعود إلى الحزب، بل يستمر في استهداف بيئاته وأماكن النازحين والتضييق عليهم قدر الإمكان.
ويتوقع مراقبون أن يزداد نتنياهو تصلبا في سياساته وخصوصا في الشهرين المقبلين قبل تسلم الجمهوريين مفاتيح البيت الأبيض، حيث لا شيء يردعه بحسب الخبير العسكري الياس فرحات سوى تلقيه ضربات على أرض الميدان في الجنوب وعمق اسرائيل، في وقت يتنصل فيه من كل الضغوط الديبلوماسية التي تعامل معها بمماطلة منذ سنة.
ولا يخفي متابعون في بيروت على تماس مع واشنطن، أن نتنياهو كان سيستمر في عدوانه وخصوصا في لبنان بغض النظر عن هوية الفائز في الانتخابات الأميركية، فكيف إذا كانت الرئاسة من نصيب ترامب؟ ولو أنه ليس من مصلحة الأخير أن يتسلم دفة القيادة بعد شهرين على وقع بركان الحرب في المنطقة وصعوبة التوصل إلى وقف النار، أقله في هذا التوقيت حيث لا يريد نتنياهو اتفاقا لوقف النار على عكس ما يطمح إليه الموفد آموس هوكشتاين الذي ستصبح مهمته أصعب بعد خسارة حزبه الديموقراطي الانتخابات، ولا سيما أن تل ابيب كانت واضحة في السعي إلى تجاوز مندرجات الـ 1701 الذي لم يعد يشكل بالنسبة إليها مصدر اطمئنان. ولم يخف نتنياهو طلبه على مسمع الأميركيين والغربيين في حق تدخل جيشه في الأراضي اللبنانية بعد حصول أي تسوية تحت عنوان الحفاظ على أمن إسرائيل وعدم تهديده.