إستمع للخبر
خاص المدى – جنان جوان أبي راشد
ما يُعرف بالثقب الأسود أو الفجوة المالية في مصرف لبنان هو أموال المودعين المفقودة أو النقص في العملات الأجنبية بمبلغ يُقَدّر بما بين 55 و60 مليار دولار.
ما هي أسباب هذا الثقب؟ هل هو قديم أم مستجد بعد الأزمة؟ هل كان يمكن تفاديه لولا الهجمة على البنوك؟ وهل هذا الثقب في طور التوسّع حالياً؟
السبب الرئيس للثقب الأسود
الخبير المالي والاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي يوضح أن السبب الرئيسي للفجوة المالية في المركزي هي السياسة المالية التي كانت تَعتمد على منح مصرفِ لبنان المصارفَ التجارية فوائد مرتفعة جداً، ما ثنى هذه البنوك عن بذل الجهود وإقراض كافٍ للقطاع الخاص كي يكون الاقتصادُ اللبناني منتجاً ومصدِّراً، في حين كان الهدر والفساد مسيطراً على ادارات الدولة.
أموال المودعين المفقودة
ويعلن يشوعي في حديث لـ”المدى” أن ودائع الناس في البنك المركزي بلغت حوالى 75 مليار دولار، من أصل 120 ملياراً كانت تمثل مجمل الودائع المصرفية في لبنان، ويتابع إن الفجوة المالية هي جزء من الـ75 ملياراً، وتقدّر بما بين 55 و60 مليار دولار، وهي أموال المودعين بالدولار المفقودة التي كانت موجودة فعلياً، ولم تعد موجودة إلا دفترياً.
هل تملك الدول عادة كتلةً نقدية بحجم الودائع في مصارفها؟
يقول يشوعي: تكون هناك احتياطات سائلة في الدول لتلبية طلبات غير متوقعة، لكنّ هذا لا يعني أنها يمكن أن تغطيَ الودائعَ برمّتها، شارحاً أن بعض الدول لا يستخدم النقد الا نادراً، لذلك من المهم جداً أن تكون هناك ثقة بالسلطة وسياساتها المالية وبالنقد الوطني، اذ ليس بمقدور أي دولة تلبية هجمة على السحوبات على غرار ما جرى ابتداء من خريف 2019.
الفجوة المالية سبقت الهجمة على المصارف
وعمّا اذا كان للفجوة المالية في المركزي علاقة بالهلع والهجمة على المصارف، ينفي يشوعي ذلك، مؤكداً أن الفجوة كانت موجودة قبل السحوبات في عامي 2019 و2020 والتي تقدر بما بين 20 و25 مليار دولار، والتي تم تحويلُها الى الخارج أو وضعت في المنازل.
ويذكّر يشوعي بتصريحات سابقة له تؤكد أن ثلاثة أرباع الودائع كانت قد باتت دفترية، لانها موجودة مع مَدين هو الدولة اللبنانية غير القادرة على تسديد دولار واحد من أساس دينه، الا أن الربع المتبقي من هذه الودائع كان من شأنه أن يكفي لتحريك اقتصاد صغير كاقتصاد لبنان، لكنّ ما حصل في العامين 2019 و2020، يقول يشوعي، هو تواطؤٌ جرى بين سياسيين ونافذين ومتموّلين وأصحاب المصارف، إن لم يجمع هؤلاء الصفة نفسها في آن، وذلك لتحويل الأموال الى الخارج، بما لا يسري عليه قانون حرية تحويل الرساميل وبما يرقى الى عملية جنائية.
هل طارت أموال المودعين والثقب الأسود الى توسّع؟
ويعتبر يشوعي أن الثقب الاسود سيبقى على حجمه لأن المصارف فرغت في الأساس من الدولارات، في حين أن قانون الـ”كابيتال كونترول” في حال اقراره سيأتي متأخراً جداً.
ويشير يشوعي الى أن ضياع أموال المودعين بالعملات الاجنبية محتّم، الا إذا تمّت المحاسبة ومصادرة الاموال المنهوبة وسجن مرتكبي عمليات الهدر والفساد، وذلك من خلال اللجوء الى المستندات والوكالات العقارية لدى كتّاب العدل والتي من شأنها الكشف عن المالكين الحقيقيين للعقارات وناطحات السحاب التي ظهرت بشكل مفاجىء وبكثرة في السنوات ال20 الأخيرة.
ويشدد يشوعي على أن المبالغ التي كانت ما تزال موجودة في البنك المركزي قبل الازمة، كانت لتكون كافية لتجاوزها، لو لم تتمّ الهجمة على المصارف من ناحية ولو تمّ استخدامُها بشكل جيد مع تنفيذ الاصلاحات من ناحية ثانية، لان الاقتصاد اللبناني صغيرٌ جداً، وهو بحاجة الى بضعة مليارات من الدولارات فقط لتحريك الاسواق، وهذه المليارات المعدودة كانت متوفرة، مجدداً التأكيد أن ما حصل مؤامرة ضدّ لبنان بدأت منذ العام 1993.