خاص المدى جنان جوان أبي راشد
قرارٌ ضمنيّ غير معلن من مستوردي الادوية بعدم تسليم أي بضاعة للصيادلة قبل الاثنين المقبل، وعددٌ من الصيدليات أقفل ابوابَه، وعددٌ آخر لا يبيع إلا الأدوية للحالات الحرجة.
أكثر من “عصفورية”، هكذا يمكن وصفُ حالة البلبلة التي تسود سوق الدواء في لبنان غداة إصدار وزارة الصحة يوم الجمعة الماضي لائحة بالأدوية غير المدعومة. ويبدو أن أزمة الدواء الى تفاقم في الأيام القليلة المقبلة بعد القرار برفع الدعم عن 75 ٪ من الأدوية، اذ إن هناك قراراً ضمنياً غير معلن من المستوردين بعدم تسليم أي بضاعة قبل الاثنين المقبل بحجة الإقفال بمناسبة عيد الاضحى، في حين أن الشركات المستوردة لم تقفل أبوابها يوماً في هذه المناسبة وقبل حلول أيام العيد أيضاً. ومن ناحية ثانية، هناك صيدلياتٌ أقفلت أبوابَها الاثنين لأسباب متعددة، منها أن المستودعات مقفلة ولم تتسلّم أدوية، ومنها بسبب إعادة التسعير.
النسبُ التي احتسبتها الوزارةُ لرفع الأسعار غير واضحة كما يقول عددٌ من الصيادلة، إلا أن الواضحَ وضوحَ الشمس هو أن الادوية التي تُباع في الصيدليات من دون الحاجة الى وصفة طبية، ارتفعت أسعارُها بما نسبتُه 5 أو 6 أضعاف. علماً أن وزارة الصحة سعّرت هذه الادوية اليوم على دولار 12 ألف ليرة فقط، في وقت تَعتبر فيه الوزارةُ أنّ كمياتٍ منها موجودة في مستودعات الشركات المستوردة، لكنّ مصرفَ لبنان لم يسدّد ثمنها بعد للمستوردين.
ويقول المستوردون إنه طُلب منهم بيع هذه الادوية على دولار 12 الفاً فيما لم تؤمَّن لهم الدولاراتُ للاستيراد، ما يدفعهم الى اللجوء الى السوق السوداء لشرائها بأكثر من 22 ألفاً وتَكبُّد خسائر فادحة.
وبحسب عدد من الصيادلة أيضاً، فإنه حتى في حال تسديد البنك المركزي ثمن الادوية المخزّنة، إلا أنه عند نفاد هذه الكميات لدى المستوردين، وبعد فترة وجيزة، ستحلّق أسعارُ الدواء بنسبة الارتفاع التي ستطرأ على سعر الدولار في السوق السوداء، والذي تخطى الاثنين 22 ألف ليرة.
الصيدلاني رولان اسطفان أعلن ل”المدى” أن الادوية غير المدعومة لا تباع في الوقت الحاضر في الصيدليات، بسبب عدم تسليم المستوردين وانتظار أن تتوضح الصورة، وما نحاول فعله حالياً هو تلبية الحالات الحرجة وبوصفة طبية فقط، لافتاً الى أن الادوية التي ما تزال مدعومة مفقودة بدورها، لأن الشركات ترى أن أسعارها بخسة جداً نسبة الى اسعار الأدوية غير المدعومة. وأوضح ان المشكلة هي في رفض المستوردين التسعير على دولار 12 الف ليرة والاستيراد على دولار السوق السوداء ب 22 ألفاً، في حين خفّضت الوزارة جعالة المستورد من 11% الى 6%، لذلك لن يسلّموا الأدوية قبل الاثنين المقبل الى حين أن تتوضّح الأمور كما قال.
ويتحدث الصيدلاني الدكتور أنطوان سعادة من جهته عن وضع الصيادلة السيء في ظل الأكلاف التشغيلية بالدولار، وتخفيض الوزارة جعالتهم بحوالى 6 أو 7%، ويضيف إنه في وقت نفد مخزون الصيدليات من الادوية وخسرنا الستوكات، لن نقدر التعويض عن الخسائر، إذ إننا ملزمون بالشراء على سعر مرتفع. وسأل لماذا يتم تخفيض جعالتنا بهدف التوفير على جيوب المواطنين من جيوب الصيادلة، وكأننا لسنا من ضمن فئة اللبنانيين الذين يعانون من الاوضاع الراهنة والأكلاف الباهظة؟! وسأل أيضاً: لماذا لم تُمَّس جعالةُ أصحاب المحطات والأفران عند ترشيد دعم المحروقات والطحين؟!
على سبيل المثال الأدوية التي تم ترشيد دعمها، ارتفع سعرُها على الشكل التالي: “نيكسيوم” من حوالى 22 ألف ليرة الى 135 ألفاً، “أوغمانتين” من 14 ألف ليرة الى 83 ألفاً، وذلك بحسب التسعيرة على دولار 12 الف ليرة فقط. فكيف اذا حلّقت الأسعار بعد فترة للتناسب تماماً مع تحليق دولار السوق السوداء صعوداً، والذي تخطى الاثنين عتبة ال22 ألف ليرة؟!