في بعض البلدات البقاعيّة ثمة حسابات خاصة للأزمات، وحيثيات ترتبط بالواقع الديموغرافي والاجتماعي ـ المعيشي. بلدة عرسال إحدى هذه القرى التي فرض عليها النزوح السوري واقعاً قاسياً. فالبلدة تحتضن ما يفوق الـ70 ألف نازح، عدا عن العراسلة المقيمين الذي يفوق عددهم الـ45 ألف نسمة. منذ أيام تعيش البلدة معاناة شحّ في رغيف الخبز، بعد إقفال مخبزين في البلدة وبقاء مخبز آلي واحد في الخدمة، لا يحصل على كمية الطحين الكافية لتلبية طلبات البلدة من الخبز.
فرن السماح، هو المخبز الآلي الوحيد الذي لا زال يواصل إنتاج الخبز لأكثر من 115 ألف نسمة، ويفتح أبوابه للتسليم ليلاً، كما يؤكد حافظ الحجيري صاحب المخبز، موضحاً أن مخبزه يعمل بطاقته القصوى ولا يمكنه تأمين كامل احتياجات المقيمين إلى الخبز بعدما قلّصت وزارة الاقتصاد والتجارة كمية الطحين التي تُسلّم إليه من 207 أطنان شهرياً إلى 90 طناً. هذه الكمية لا تتيح له أن يفتح الفرع الآخر للفرن “إلا إذا رفعت الوزارة كمية الطحين”.
يشير رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري بحسب “الأخبار”، إلى اتصالات مكثفة أجراها مع مسؤولين “لم تعط ثمارها، رغم أننا لم نطالب إلا بإعادة الكميات التي كانت تسلّم إلى المخبز الآلي الوحيد في عرسال كما كانت سابقاً”. ويُطالب وزارة الاقتصاد تحمّل مسؤولية تسليم الطحين مع مراعاة أعداد المقيمين في البلدة “إذ لا يمكن أن تتساوى بلدة تحوي أكثر من 115 ألف نسمة مع بلدات صغيرة لا يقطنها أكثر من 20 ألف نسمة”.
ويؤكد إبراهيم المسلماني، رئيس لجنة صوت النازح السوري في عرسال على تفاقم الخلافات مع أبناء عرسال “وبات السوريون يتعرّضون إلى الإهانة والكلام المسيء في كلّ مرة ينتظرون فيها الحصول على ربطة خبز، ونسعى دائماً إلى التواصل مع الأخوة والوجهاء في عرسال من أجل المساعدة في درء الفتنة”.
وعلمت “الأخبار” من مصادر في وزارة الاقتصاد والتجارة أن “حصة عرسال بالفعل تقلّصت لفرن السماح، إلا أنه في المقابل هناك أيضاً من لا يزال يتسلّم بونات طحين ولكنه يعمد إلى تهريبها وبيعها إلى سوريا، ويحقّق أرباحاً أفضل من خبزها إذ يتسلم كيس الطحين بـ400 ألف ويبيعه بمليون ليرة”.