في هذه البلاد التي أُهين انسانها، واعادته المنظومة السياسية عن سابق تصميم وتدبير ممنهج إلى العصور الحجرية، يصبح كل محال متوقعا، وكل مستحيل من يوميات أبناء هذا الوطن المعذب، وشعبه الذي يصمد يوميا بشكل اسطوري أمام جحافل الأزمات المتراكمة، والتي باتت تنذر بانفجار اجتماعي حق، هو أشبه بحقد طبقي او انتقام مما وصلت إليه الأمور في كل القطاعات، ولعل أبرز هذه القطاعات هو قطاع النقل، فهل يمكن تصديق أن مواطناً في هذا العصر لا يمكنه التنقل داخل وطنه؟ او ان السياحة الداخلية أضحت حكرا على شريحة تنال مستحقاتها بالدولار؟
جهاد وهو عامل في احد مطاعم زحلة، قال لـ “الديار” ان كلفة تنقله إلى عمله من قب الياس إلى زحلة باتت تساوي مدخولاً كاملاً، والأمر نفسه ما قالت عنه ريم، وهي موظفة في محل لبيع الثياب في منطقة كسارة أيضا داخل زحلة، اما طوني وهو من بلدة راشيا، فيقول انه صارح مدير عمله في إحدى شركات المبيعات الزراعية، أن لا حل سوى تأمين كلفة النقل أو نقل العمل إلى جانب منزله، على سبيل السخرية من المشهد برمته، وفاتورة النقل التي أضحت لبعد أمتار قليلة ذهاباً واياباً تساوي ٦٠ الف ليرة لبنانية، فكيف إذا التنقل بين قضاء وآخر.
وفي هذا المجال ، أكد رئيس “اتحادات النقل البري” بسام طليس لـ “ألديار” اننا نقوم بمحاولات، لكنها تصطدم بعدم وجود إمكانات عند الدولة والخزينة، ونحن ابرمنا الاتفاق مع رئيس الحكومة، وقد تم الحديث عن بعض الإجراءات التي لم ينفذ منها شيء حتى الآن، ولكننا نسعى بوقت قريب وبخطى جدية للتخفيف عن السائق والمواطن عبر خطوات ملموسة سيشهدها الجميع في وقت قريب.
نقيب موزعي المحروقات فادي ابو شقرا أكد لـ “الديار” أن تراجع برميل النفط عالميا هو امر مريح ، وتراجع أسعار الدولار في الأسواق المحلية ينعكس على تنكة البنزين، ففي الأسبوع المنصرم شهد انخفاض ١٠ آلاف ليرة على مادة البنزين قبل العيد، وهذا ما يخفف من رأسمالنا ويريح المواطن، ومطالب اتحادات النقل هي مطالب محقة، واليوم إذا كان النقل مؤمّنا ينعكس على الحياة برمتها، ونحن نمني النفس من الدولة باسرع وقت أن يكون ثمة حكومة تنتشل المشهد برمته وهذا القطاع على وجه الخصوص وتثبيت سعر الدولار .
أمام هذا المشهد، يبقى السؤال الذي يعصف في ذهن اللبناني: هل ثمة مخارج قريبة؟