خاص جنان جوان ابي راشد
قرار المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم بوضع إشارة منع تصرّف على أصول 20 مصرفاً أثار بلبلة الخميس، ما أدى الى تلويح السلطات المالية الدولية بوقف التعامل مع المصارف اللبنانية. هذا القرار القضائي استُتبع بقرار قضائي ثانٍ صدر عن النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، قضى بتجميد قرار إبراهيم. ولكن ما هي قانونية القرارين؟
القراران قانونيّان كما يؤكد لـ “المدى” الخبير الدستوري والقانوني الدكتور عادل يمين الذي وضع قرار القاضي ابراهيم كتدبير احترازي في اطار اختصاصه، وذلك بعد استماعه الى رؤساء مجالس إدارات عدد من المصارف وبصرف النظر عن ثبوت أو عدم ثبوت ارتكابهم مخالفات. ويرى يمين في الوقت عينه أن خطوة القاضي عويدات ايضا قانونية، لأن مصلحة الدولة العليا قد تكون أملت عليه تجميد قرار ابراهيم بسبب الأضرار التي قد تنجم عنه في ما يتعلق بسمعة المصارف في الخارج وعلاقتها بالمصارف المراسلة.
اما عن حاجة ابراهيم الى طلبٍ خطي من حاكم مصرف لبنان للادعاء على المصارف، فيعلن ان هذا الكتاب يكون متوجباً في حال توفّر شرطين غير متوفرين حالياً وهما: أن تكون هناك ملاحقة وادعاء، أو ان تكون هناك مخالفة للمصرف لقانون النقد والتسليف، معتبراً ان قرار ابراهيم لا يشكّل ادعاء بذاته، بل يشكّل تدبيراً تحفظياً تحوطياً احترازياً موقتاً هو من اختصاص المدعي العام المالي لأنه يتعلق بإلحاق الضرر بمكانة الدولة المالية والسندات المصرفية اللبنانية، وليس بحاجة الى كتاب من حاكم المركزي. أما تقويم آثار القرار الاقتصادية والمالية وتأثر علاقة المصارف اللبنانية بالمصارف المراسلة فهذا شأن آخر، بحسب يمين.
اما الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة فيشير لـ”المدى” الى انه شخصياً لم يجد مبرّراً يدفع بابراهيم الى اتخاذ هكذا قرار سوى تمادي المصارف في إذلال المودعين، الا ان هذا السبب ليس كافياً، فهناك الكثير من القرارات العقابية التي يمكن اتخاذها بحسب عجاقة، ومنها على سبيل المثال اتخاذ قرار بمنع التصرّف بأملاك رؤساء وأعضاء مجالس ادارة المصارف من دون المسّ بالمصارف بحدّ ذاتها، معتبرا ان قرار ابراهيم يضرّ بمصلحة لبنان برمته قبل إضراره بالمصارف، الا ان عجاقة لم يغفل فرضية أن تكون لدى القاضي ابراهيم شكوك فعلية حول آداء المصارف.
أما في ما يتعلق بالخلفيات السياسية التي قد تكون وراء قرار القاضي ابراهيم، فأشار عجاقة الى احتماليَن، الأول يتمثل بالضغط على المصارف من أجل زيادة مساهمتها في تسديد استحقاق اليوروبوندز من أموالها الخاصة، والثاني يتمثل بنيّة في إظهار تصميم السلطة على محاربة الفساد، فيما تحدث البعض كما يقول عجاقة، عن امكان أن يكون ما جرى خطوة عقابية ضد المصارف لتطبيقها العقوبات على حزب الله، معلنا عن استبعاده الفرضية الاخيرة.
وأكد أنه كان في طليعة مَن طالبوا بمحاسبة المصارف في شأن استنسابية التحويلات الى الخارج، لكن هذه التحويلات لا تتعلق فقط وبحسب ما يتردد، بأصحاب المصارف بل بالسياسيين ايضاً، متحدثاً عن الآثار السلبية لقرار ابراهيم والتداعيات التي ستظهر في الايام المقبلة على الرغم من الغائه بقرار من عويدات، وخصوصاً في ما خصّ العلاقة مع المصارف الاجنبية المراسلة والتي تقوم بخدمات للمصارف اللبنانية وهي ستتفادى التعامل مع مصارف عليها علامات استفهام قانونياً.