خاص المدى – جنان جوان أبي راشد
التفاوضُ مع صندوق النقد الدولي بدأ بالفعل، هذا ما يؤكّده أكثر من مسؤول في الدولة اللبنانية، واضافة الى ذلك يشير نائبُ رئيس الحكومة سعادة الشامي الاثنين الى أنه تمّ التوصّل الى توحيد الأرقام وكيفية معالجة الفجوة الموجودة في القطاع المصرفي للتفاوض مع صندوق النقد، لكنّ هذا المسار برمّته من المعالجات المالية والاقتصادية ينتقدُه بشدة الخبيرُ المالي والاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي، الذي يعتبر أنه اذا تمّت المقارنة بين حجم المبالغ التي تبخّرت من المصارف والتي تُقدَّر ب 120 مليار دولار، والمساعدة التي يمكن أن يمنحَها الصندوقُ أو أي دولة للبنان، يتبيّنُ أن هذا المسار ليس بالمسار الصحيح ولن يوصل الى نتيجة، لافتاً الى أن الحلول ليست اقتصادية ومالية.
ما هو المسار الصحيح؟
الاتفاق على حجم الخسائر وتوزيع هذه الخسائر ليس بالأمر المهمّ بحسب يشوعي الذي يقول في حديث ل “المدى”: قبل توزيع الخسائر يجب البحث عن طرق للتعويض عن هذه الخسائر، وعلى رأسها خسائر المودعين التي لا يمكن أبداً القفز فوقها، مشدداً على ضرورة محاسبة المرتكبين واستعادة الاموال المنهوبة على غرار ما جرى في السعودية، والا فإن لبنان لن يتعافى.
استعادة الأموال المنهوبة
ويشير يشوعي الى أن المسار الصحيح يبدأ بتحديد الذين تسبّبوا بهذه الخسائر، وبتشكيل حكومة تستعمل صلاحياتها كاملة كسلطة تنفيذية، وأن يستخدم القضاء بدوره صلاحياته بكاملها، فيبدأ الطرفان بمحاكمة الذين سطوا على أموال الناس ومصادرة هذه الاموال، وذلك بعد اللجوء الى الكشف عن كلّ الوكالات العقارية الموجودة لدى كتّاب العدل لمعرفة هوية المالكين الحقيقيين لناطحات السحاب التي تمّ بناؤها في بيروت في خلال ال20 سنة الماضية على سبيل المثال، اضافة الى كشف غيرها من الارتكابات، ومن دون إغفال خيار السجن للمرتكبين.
هل الحكومة بحاجة الى صلاحيات تشريعية للقيام بذلك؟
يرى يشوعي أننا لسنا بحاجة الى ذلك، فالحكومة سلطة تنفيذية ومن واجبها التفتيش عن مكان الأموال المفقودة، ولكي تصل هذه الحكومة الى نتائج ملموسة لا بد من أن تطلب من القضاء التحرّك وان تمنحه كامل صلاحياته، معتبراً أن ما ينقصنا في لبنان هو فقط أن تَستخدم كلُّ سلطة صلاحياتها كاملة.
ويضيف يشوعي: بالتأكيد ليست الحكومة التي أتحدث عنها على شاكلة الحكومة الحالية، إنما حكومة مختلفة وقادرة تتحرّك بمساعدة القضاء المحلي والقضاء في الخارج.
ويسأل يشوعي لماذا خلال الحديث عن الخسائر في القطاع المصرفي والمالي يتمّ التمييز بين الدولة كشخص معنوي والمسؤولين الذين كانوا يديرون هذه الدولة على مدى الأعوام الماضية؟
الخسائر لا يعوّضُها إلا الذين سطوا عليها
ويرى يشوعي أن أي اقتصاد في العالم سيبقى مفرملاً مع فقدان هذا الكمّ من الأموال من المصارف ومن دون مورد مالي بديل، إذ إن هذه المبالغ تقدَّر ب 120 مليار دولار، وأي مساعدة من صندوق النقد ستكون محدودة ولن يكون بمقدورها إيصال لبنان الى التعافي الاقتصادي، مشدداً على أن أحداً لا يمكنه تعويض الخسائر إلا الذين سطو عليها، فلبنان أعيد الى الوراء لقرن أو قرنَين من الزمن.
إذاً لا علاج اقتصادياً للأزمة المالية والاقتصادية المستفحلة من وجهة نظر يشوعي الخبير الاقتصادي المتمرّس، فهل يكون الدواء بالسطو على ممتلكات مَن سطا على أموال اللبنانيين من سياسيين وإداريين، أكانت في لبنان أو تمّ تهريبها، وإلا السجن؟! أم أنه حلمٌ غير قابل للتطبيق في بلدنا، وسيبقى يراود كلَّ مواطنٍ لبناني نظيف خسِر جنى عمره، ولفترة طويلة؟