تستمرّ الاجتماعات المخصّصة للبحث عن “آلية جديدة” لدعم أسعار الدواء والمحروقات والقمح. كلمة السر حالياً هي “ترشيد الدعم”، والمقصود بها إزالته جزئياً أو كلياً. في هذه الاجتماعات التي تُعقد في السرايا الحكومية، لا يوجد رقم دقيق للوفر الذي سيُحقق في حال إلغاء الدعم. يتمّ تقديره بما بين مليار ومليار ونصف مليار دولار أميركي. المشكلة من وجهة نظر مسؤولين شاركوا في الاجتماعات أنّها لا تضم كلّ الجهات المعنية، ولا يعمل فريق تقني مُتخصص على وضع خطة واضحة، فتبقى النقاشات في الإطار العام، وكلّ الموضوع لا يُقارب جوهر المشكلة، بحسب تقرير “الأخبار”.
من الأفكار التي طُرحت، إلغاء الدعم كلياً، وتخصيص دعم نقدي بنحو 500 ألف ليرة شهرياً لكل واحدة من العائلات اللبنانية الأكثر فقراً، على أن تتولى الجهات المانحة دولياً دعم أسر اللاجئين الفلسطينيين والسوريين. هنا أيضاً، لا أرقام جدية. التقدير الأولي يتحدّث عن 400 ألف عائلة لبنانية. وردّ بعض الحاضرين بحسب “الأخبار”، بأن “كلفة الدعم النقدي ستكون كبيرة على الدولة التي ستكون مضطرة إلى الطلب من مصرف لبنان طبع المزيد من العملة، ما يعني زيادة التضخم”. عدد العائلات الأكثر فقراً لا يزال مجهولاً، بعد التغيّرات التي حدثت العام الماضي على قيمة المداخيل، نتيجة انهيار سعر الليرة مقابل الدولار، والأزمة الاقتصادية والمالية، وجائحة كورونا.
وزارة الشؤون الاجتماعية انتهت من وضع دفتر شروط لإطلاق مناقصة لإعادة تقييم الأسر المُستفيدة من برامج المساعدات، ودرس الطلبات الجديدة المُقدمة، تمهيداً لتشكيل قاعدة بيانات للأسر التي تنتمي إلى طبقة “الفقر المدقع”، والمقدّر عددها بنحو 170 ألف أسرة. رفع الدعم عن المشتقات النفطية بُحث أمس أيضاً.
في غضون ذلك، قدمت وزارة الصحة دراسة حول ترشيد الدعم، محددة لائحة بالأدوية التي يجب التوقف عن دعمها مقابل الإبقاء على دعم الأساسيات، بما يحقق وفراً بنحو 350 مليون دولار. لكن الدراسة مرّت عرضاً على ثوابت حماية الأمن الدوائي، وتحقيق اكتفاء ذاتي عبر دعم الصناعة الوطنية وإنشاء المختبر المركزي. خلاصة الاجتماعات حتى يوم أمس أن الدعم في مهب الريح، وأن لا أحد يملك تصوّراً واضحاً لكيفية إدارة الأزمة، بما يؤمّن “هبوطاً آمناً”، وبالتالي، خطر “الفوضى الشاملة” يلوح في الأفق.