نقلت صحيفة “الجمهورية”، عن مصادر الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، قوله: “إنَّ مقره لم يشهد امس اي حركة ناشطة على مستوى عملية التاليف من دون ان تتوقف الاتصالات الجارية بين الوسيطين الصلح وباسيل”.
وردد محيطون بالرئيس المكلف عبر “الجمهورية” انه لن ينتظر كثيرا، مؤكدين سقوط بعض الأسماء خلال المفاوضات غير المباشرة من دون ان يؤكدوا حصول الاتصال المباشر بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس. ورفض هؤلاء الدخول في التفاصيل توازياً مع تأكيدهم عدم تحمّل المسؤولية عن كل الاجواء الايجابية التي تبثها أوساط بعبدا وبعض المحيطين بها، ذلك انّ الحديث عن تسهيلات للتشكيل أمر مشكوك به الى درجة كبيرة، وأن مجرد استعراض الاسماء التي رفض أصحابها تسميتهم لدى بعبدا والبياضة تحديدا أو تلك التي اقترحتها بعبدا تؤكد هذه الاجواء.
وانتهت المصادر الى الاشارة مجددا ان الأمور بخواتيمها، وهي التي تؤكد وجود تسهيلات او ان العراقيل ما زالت قائمة وهي تبني جسوراً من القطيعة بين الرجلين، وتزيد من مظاهر فقدان الثقة مُسبقاً بأي حكومة يمكن ان تحمل في طياتها بوادر تفجيرها عند أول استحقاق مهم.
وعلى هذه الخلفيات التي تتداخل فيها السيناريوهات الملغومة بتلك المنطقية لأسباب تتصل بتكتيك المفاوضات الوهمية وأخرى لتبادل المكامن استعدادا لتبادل الاتهامات بالعرقلة، وفي وقت متأخر من ليل امس، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية” ان ضغوطاً كبرى ارتفعت وتيرتها، ومن بينها ضغوط ايرانية ترجمها “حزب الله” في الساعات الماضية في اتصالاته مع الطرفين. وهي التي ستدفع الى القول حرفياً: “اذا تم التفاهم على اسم وزير الاقتصاد (ويعتقد انه الخبير الاقتصادي جمال كبي او أمين سلام) واسم الوزير الكاثوليكي هذه الليلة (ليل امس)، يمكن ان نصحو صباح غد (اليوم) على الموعد الرابع عشر المحتمَل لإنهاء ملف التشكيل، فبقية الاسماء أسقطت على كل الحقائب وان الحديث عن اعادة النظر بما تم التفاهم عليه سابقاً امر ليس صحيحاً”.
واكدت مصادر قصر بعبدا ليل امس حصول الاتصال بين عون وميقاتي مساء في اطار التنسيق وتبادل الاسماء. وقالت لـ”الجمهورية”: “اذا مشي الحال وما صار شي بالليل يخَربِط، ممكن يكون في لقاء بكرا (غدا) واعلان الحكومة اذا مِشي كل شي من دون حصول مفاجآت”.
وعلى رغم هذه المعطيات المراوحة بين السلبية والايجابية، فإنّ أوساطا سياسية متابعة قالت لـ”الجمهورية” ان ولادة الحكومة تتوقّف على عاملين أساسيين:
ـ الأول، ان يوافق الرئيس المكلّف على الثلث المعطِّل الذي يريده رئيس الجمهورية من دون المجاهرة بذلك.
ـ الثاني، ان يتراجع رئيس الجمهورية عن الثلث الذي دفع الرئيس سعد الحريري إلى الاعتذار، وقد يدفع الرئيس نجيب ميقاتي إلى الاعتذار ايضاً.
واعتبرت هذه الأوساط ان النتيجة حتى اليوم سلبية، فلا عون في وارد التراجع ولا ميقاتي الذي يلتزم بموقف نادي رؤساء الحكومة السابقين، ما يعني ان الاتجاه يتراوح بين الاعتذار او المراوحة في الفراغ.
واستبعدت الأوساط ان يعتذر الرئيس المكلف قبل ان يتبلور المنحى الذي سيعتمده رؤساء الحكومات في حال الاعتذار، حيث يبدو انه لم ينضج بعد هذا التوجه لجهة مقاطعة الاستشارات ورفع الغطاء عن اي شخصية يمكن ان تكلّف، كما انهم ليسوا في وارد توفير الغطاء لاستشارات يضعها رئيس الجمهورية أمام أمر واقع ويعمد إلى إحراجها فإخراجها..
وقالت الأوساط ان اعتذار ميقاتي يتوقّف على قرار رؤساء الحكومات السابقين الذين يتريثون في اتخاذ قرار المواجهة المفتوحة مع رئيس الجمهورية بنقل المعركة من التكليف إلى إسقاط رئيس الجمهورية، خصوصا ان الأخير يحظى بتأييد “حزب الله” الذي لن يتخلى عنه، فضلا عن ان التسخين السياسي يخدم عون، كما يؤدي إلى تسريع الانهيار.
ورأت الأوساط ان التلويح بالاعتذار يدخل ضمن سياق الضغوط السياسية على رئيس الجمهورية، كما ان تجميد الرئيس المكلف زياراته للقصر الجمهوري يدخل في الإطار نفسه، وذلك في انتظار ضغوط خارجية تدفع عون إلى إعادة النظر في موقفه، أو انهيارات مُتسارعة وغضب شعبي بسبب رفع الدعم، يدفع رئيس الجمهورية إلى تدوير الزوايا والموافقة على الصيغة النهائية التي أفضت إليها المفاوضات الحكومية.
ولم تستبعد الأوساط ان يكون الرئيس المكلف في موقف انتظار رفع الدعم لكي لا يحمل كرة النار، وان تشكل مراسيم التأليف تنفيساً لاحتقان الناس على أثر رفع الدعم، فيما الإفراج عن البطاقة التمويلية الذي حصل أمس يشكل مدخلاً لرفع الدعم الذي بات أمراً واقعا لم يعد في الإمكان الهروب منه.