الأساتذة إلى التدريب والتلاميذ إلى التعليم والعام الدراسيّ إلى الإمتحان دُرّ! (غنوة عطية – الديار)

«حديث الساعة». هكذا بات حديث التعليم المُدمج بين أهالي التلاميذ كلّما وجدوا في المجتمع. وبدا واضحاً مدى إنقسام آرائهم بين مؤيدي ومعارضي هذا النظام التعليمي. بعضُ الأهالي يعملون طول النّهار وليس لديهم الوقت الكافي لمتابعة أولادهم. والبعض الآخر يرّحبون بالفكرة لأنّ جائحة كورونا بالمرصاد. ولكن النتيجة واحدة: 50% تعليم حضوريّ و50% تعليم هجين، بحسب ما أكّدته وزارة التربية مؤخراً. فما هي شروط نجاح التعليم المُدمج التّي يجب على الأساتذة، الأهالي والتلاميذ تطبيقها؟ وما هي الخطوات التّي يقوم بها المركز التربوي للبحوث والإنماء بالتعاون مع وزارة التربية لتطوير المناهج التعليميّة؟

يجلس التلميذ خلف حاسوبه بانتظار استئناف الصفّ. يجيب «حاضر» لتأكيد حضوره مع الأستاذ. يبدأ هذا الأخير بالشرح ويستمّر لمدّة أربعين دقيقة. في صدد ذلك يسرح التلميذ بأحلامه. هذا هو السيناريو المُنتظر من قبل بعض الأهالي والتلاميذ وهذا ما وصفه الخبير في تطوير المناهج والتعليم عن بعد د. ميلاد سبعلي من «أسوأ طرق التعليم الإلكتروني». لذلك تحضّروا إلى نظام يفرض العكس تماماً!

} الشرط الأساسي: إعادة هندسة }

أكّد د. سبعلي للديار، أنّه «يجب إعادة هندسة عمليّات التعليميّة لتطبيق التعليم المُدمج، مشيراً إلى ثلاثة أنواع يجب اتّباعها في كلّ مادة»؛

أوّلاً، التعليم «المتزامن» وهو شرح وتفاعل مباشر مع التلميذ عبر الصفّ الإفتراضي أو الصفّ الحضوري. ثانياً، تعليم «غير المتزامن» وهو مشاهدة الدروس لاحقاً على تطبيق إلكتروني، يتضمّن فيديوهات وفروضاً إلكترونيّة. وممكن أن يترافق مع هذا الدرس تمارين تُصحح تلقائياً. فيُتابع التلميذ من قبل التطبيق والأستاذ يشرف على هذه العمليّة فقط. ثالثاً، التعليم «الذاتي أو التعاوني» الذّي يرتكز على عمليّات بحث أو فروض ينجزها التلميذ بمفرده.

} خطوات تطويريّة }

إنّ المناهج اللّبنانيّة ليست منقولة إلكترونياً برّمتها ولكن يمكن الإستعانة بمناهج عالميّة موجودة. وفي هذا السياق، أشار د. سبعلي إلى أنّ «المركز التربوي جلب آلاف الدروس الإلكترونيّة، خصوصاً بالرياضيّات والعلوم، وتمّ تشريك المنهج اللّبناني بها. كما أنّ هذا المركز التّابع يعمل بالتعاون مع الوزارة على تطويرالدروس الإلكترونيّة للمواد غير المتوافرة في المكتبات الدوليّة».

من جهةٍ أخرى «سينظّم هذا المركز تدريباً تفصيلياً خلال ثلاثة أشهر لمعلمي مدارس الرسميّة، الذّي سيهدف إلى تعليم الأساتذة على كيفيّة إعادة هيكلة العمليّات التعليميّة من خلال إستخدام الأجهزة والمواد الإلكترونيّة التفاعليّة. كما أنّ المدارس الخاصة ستدرّب أساتذتها للوصول إلى الهدف عينه». وفي هذا الإطار، أكدّت الاختصاصيّة النفسيّة د. مارينور فرح على «أهميّة المواد الإلكترونيّة أن تكون جذّابة عبر إستخدام الألوان، الصوّر المعبّرة والفيديوهات خلال الصّف الإفتراضي. مما سيشجّع التلاميذ للتركيز لمدّة أطول».

} في المحفظة… فروض للأهالي }

تشير د. فرح إلى أنّ «الظروف المحيطة بالتلميذ تؤثر في نسبة تركيزه وعادةً يمكنه السهو بطريقة أسرع في البيت». لذا، عوامل نجاح التعليم المُدمج وخصوصاً خلال التعليم الهجين هي؛ تأمين كل إحتياجات التلميذ خلال النهار وخلق له «روتين» مشابه لجدول المدرسة؛ مثلاً تنظيم الوقت بين الصفوف؛ إذ يمكنه أن يلعب قليلاً أو يتناول الطعام إذا كان وقت الغذاء. «إذا تعوّد التلميذ اتّباع نمط معيّن خلال النهار فسيساعده ذلك على التركيز لمدّة أطول والإستغناء عن التفكير باللعب أو الطعام خلال الصّف».

عاملٌ آخر أساسي هو تعاطف الأهل. «بعرف إنو مرحلة صعبة بس هيدا الحلّ الأنسب لهيدي الفترة، وأكيد فترة وبتمرق»؛ بهذه العبارة يمكن للأهل تأكيد دعمهم الدائم لولدهم، وسيتشّجع الولد بذلك على تخطي هذه المرحلة بنجاح.العامل الثالث لا بدّ من أخذه بعين الإعتبار هو عدم تذمّر الأهل أمام أولادهم. فاستهزاء الأهل بالصفوف الإفتراضيّة «شو عم يتعلّم إبني؟!»، من الممكن أن تُفشّل عمليّة التعليم الهجين بما أنّ الولد يتأثّر بتصرفات أهله.

في ظلّ أجواء التحضير لاستئناف التعليم المُدمج تزداد إصابات كورونا يوماً بعد يوم. ووفقاً «للصحّة العامة الفرنسيّة»، أحيت إعادة فتح المدارس في فرنسا وباء كورونا إذ «إرتفع الفيروس عند الأطفال دون ال15 سنة إلى 69%». أيّام قليلة تفصل التلاميذ عن دخول المدرسة عبر تعليم المدمج، أي ثمّة 50% من التعليم سيُطبّق حضورياً… فماذا ستكون نتيجة هذا الإمتحان؟