ما إن بدأ «البوانتاج» حول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي دعا اليها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الأربعاء المقبل في 14 حزيران الجاري ، حتى ترافق سريعاً مع الحديث عن إمكانية عدم انعقاد هذه الجلسة، لا سيما إذا حصل حادث أو إنفجار أمني في البلد. وفي ظلّ التناقض الواضح في «البوانتاجات»، يبدو أنّ لا شيء مؤكّدا حتى الآن، إذ لا أحد يُمكنه معرفة كيف تتجيّر الأصوات عندما يجري إسقاطها في صندوق الإقتراع ولمصلحة أي مرشّح. وبعد الزيارة المفاجئة التي قام بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى سوريا، والتي فسّرها كلّ طرف على هواه ووفق مصالحه، يبدو أنّ الأوراق قد تُخلط من جديد رغم الإعلانات والإصطفافات، وسيتوضّح هذا الأمر من خلال نتائج جلسة الإنتخاب الـ 12 المرتقبة..
ولكن ما هو مؤكّد أنّ هذا الأسبوع سيكون حاسماً، إذ سوف تُستخدم فيه كلّ أنواع «الأسلحة» المشروعة لخوض غمار معركة الرئاسة من قبل الكتل النيابية والأحزاب السياسية، بهدف توصّل كلّ من الفريقين الى إيصال مرشّحه الى قصر بعبدا. وفي هذا الإطار، تقول مصادر سياسية مطّلعة إنّ كلّا من الفريقين يحاول الترويج لـ «بوانتاج» معيّن يجعل مرشّحه فائزاً في جلسة انتخاب الرئيس المقبلة، في حال عُقدت في التاريخ المحدّد لها.
فمن جهة، تعتبر قوى المعارضة و»الوطني الحرّ» أنّ أزعور سيتمكّن من نيل أكثر من 70 صوتاً محتسبة على النحو الآتي: 17 صوتاً لـ «الوطني الحرّ» زائد صوتين (2) لحزب «الطاشناق» الذي كان يضمّ ثلاثة أصوات وخسر صوتا واحدا بخروج الوزير جورج بوشيكيان من الحزب كما من «تكتّل لبنان القوي»، 32 صوتاً للأحزاب المسيحية المعارِضة («القوّات» و»الكتائب» و»تجدّد» و»الأحرار»..)، يُضاف اليها بين 5 أو 10 أصوات للنوّاب «التغييريين»، و3 أصوات للنوّاب المستقلّين (أي نعمت افرام وجميل عبّود وميشال ضاهر). وفي عملية حسابية لهذه الأصوات ينال أزعور، 59 صوتاً كحدّ أدنى و64 صوتاً كحدّ أقصى في الدورة الأولى. غير أنّ هذه القوى تحتسب أصوات «اللقاء الديوموقراطي» الـ 8 لصالح مرشّحها أيضاً، رغم أنّه لم يُعلن موقفه النهائي بعد، إلّا أنّه ألمح الى أنّه مع «خيار التوافق»، ما يجعل أصوات أزعور تتخطّى الـ 65 صوتاً في الدورة الأولى.
أمّا «البوانتاج» الذي يقوم به «الثنائي الشيعي» وبعض الحلفاء، فيأتي على الشكل الآتي: حزب الله و»حركة أمل» 27 صوتاً، زائد 4 أصوات لـ «التكتّل الوطني المستقل» الذي يضمّ النوّاب طوني فرنجية، فريد الخازن، وليم طوق، وميشال المرّ، فضلاً عن صوتين للنائبين العلويين، و9 نوّاب سنّة مقرّبين من الحزب، وعدد من نوّاب «اللقاء النيابي المستقلّ» الذي يضمّ عبد الرحمن البزري، أسامة سعد، وليد البعريني، سجيع عطية وسواهم، و3 نوّاب أرمن، وصوتان من النوّاب المستقلّين مثل النائب جميل السيّد وجهاد الصمد. الى جانب أصوات نوّاب «الإعتدال الوطني» الذي كان يضمّ 6 نوّاب فيصل كرامي، حسن عبد الرحيم مراد، محمد يحيي، د.طه ناجي، وحيدر ناصر، وأصبحوا 10، وتغيّر اسمه ليُصبح «تكتّل التوافق الوطني» مع انضمام كلّ من النوّاب نبيل بدر، عماد الحوت، نعمت افرام وجميل عبّود اليه. وقد يحصل فرنجية على 8 أصوات من هذا «التوافق»، سيما وأنّ كلّ من افرام وعبّود سيُصوّتان لأزعور. فضلاً عن أصوات «اللقاء الديموقراطي» وهي 8 ، والتي يأمل «الثنائي» أن تنضمّ لمرشّحه، ما يجعل عدد الأصوات المقترعة لفرنجية يتخطى الـ 50.
ولفتت المصادر الى أنّ هذه البوانتاجات مبالغ فيها، سيما وأنّ نوّاباً عدّة لم يحسموا موقفهم حتى الساعة، ويفوق عددهم الـ 30 نائباً من تكتّل «الإعتدال الوطني» أو «التوافق الوطني» الى «اللقاء النيابي المستقل»، فضلاً عن عدد من النوّاب المستقلّين و»التغييريين»، وأيضاً أصوات تكتّل «اللقاء الديموقراطي» الذي سيُعلن موقفه النهائي غداً الخميس. والأهمّ أنّ أي من المرشحين، بحسب رأي المصادر، غير قادر على الوصول الى الـ 65 صوتاً من الدورة الأولى، وهي الأصوات التي يحتاج لها لكي ينجح في الدورة الثانية والدورات اللاحقة من الإنتخاب. وعلّلت المصادر ذلك بعدم التزام جميع الكتل بمواقفها المُعلنة، واللعب من تحت الطاولة، فالنوّاب الذين لم يتخذوا قراراً نهائياً بعد، وما زالوا يدرسون كلّ الإحتمالات، يميلون الى «المرشّح التوافقي» وهم لا يجدوه لا في فرنجية ولا في أزعور. في ما قرار هؤلاء النوّاب الذين ما زالوا متردّدين حتى الساعة، من شأنه حسم الأمر لصالح أحد المرشّحين، لا سيما إذا ما صبّت بلوكاً واحداً. كما من شأنه منع حصول أي منهما على 65 صوتاً في الدورة الأولى في حال التزموا بـ «الورقة البيضاء» أو بأي عبارة تدلّ على تفضيلهم للتوافق.
أمّأ الزيارة التي قام بها الرئيس ميشال عون الى سوريا، على ما أشارت المصادر عينها، فلا بدّ وأن تؤدّي الى خلط الأوراق مجدّداً، لأنّها حصلت قبل موعد جلسة الإنتخاب بأسبوع، وربما قد تخلطها لصالح «مرشّح توافقي» يتمّ التفاهم عليه بين «الوطني الحرّ» وحزب الله. فالعلاقة بين الحزبين وصلت الى حدّ الطلاق، لا سيما مع إعلان رئيسه النائب جبران باسيل تقاطعه مع قوى المعارضة على إسم أزعور.. ومن ثمّ أبقى الباب مفتوحاً على إسم ثالث، من خلال تسريبه أنّه «لا يريد أزعور»، وذلك في حال بدّل «الثنائي الشيعي» موقفه وسحب فرنجية من السباق الرئاسي. وهو لن يفعل على ما يبدو حتى الساعة. من هنا، أكّدت المصادر أنّه من الصعب حصول أي من فرنجية أو أزعور على 65 صوتاً في جلسة الأربعاء المقبل، في حال عُقدت. وإذا استطاع أزعور تسجيل هذه الأصوات، فإنّ «تطيير» النصاب القانوني من قبل الفريق الآخر سيحصل حتماً، ما يعني عندها ضرورة التوجّه نحو خيار ثالث.
