خاص- جنان جوان أبي راشد
بعد فتحنا الاسبوع الماضي ملف الاحتكارات من بوابة شركات النفط، نتابع اليوم ملف الاحتكار المتحكم باستيراد القمح واضراب الافران الاثنين.
يقول الوزير السابق فادي عبود لـ “المدى” ان اجتماع مالكَي معملَين (اثنين) ينتجان السلعة نفسها يعاقب عليه القانون، فكيف بالحري تضامنُ من يتحكّم بلقمة عيش المواطن؟ ويشير عبود الى ان الاحتكار قد يكون الاكثر سوءا على الاقتصاد والنمو من أي أمر آخر بحسب كل المدارس الاقتصادية المتنوعة في العالم.
من المتفق عليه عالمياً ان الاحتكار شرّ مطلق كما يؤكد عبود، فيما التنافس موضوع مقدس ويؤدي الى خفض الاسعار. ويصف عبود الاحتكارات في لبنان باللئيمة والواضحة، ومنها كارتيل استيراد القمح، اذ ان هناك تجمعاً لعدد من شركات الاستيراد تتفق معا من اجل توحيد الاسعار. ويدعو عبود الى عدم تحديد سعر ربطة الخبز او وضع حدّ اقصى لسعرها لفتح باب المنافسة في الاستيراد من جهة، وبين الافران من جهة اخرى.
ويشير الى انه عند انتفاء المنافسة تكون هناك شكوك بحصول سرقة، مشددا على ان الحلّ هو في تجريم الاحتكار ووضع المحتكرين في السجون، لان الاحتكارات في القطاعين العام والخاص تجعل لبنان يخسر مليارات الدولارات. ويرى انه تم تدجين المواطن في لبنان الذي تأقلم وانتفت لديه الحساسية على الاحتكار على غرار المواطن في اي بلد ذات اقتصاد حرّ في العالم. ويعطي عبود مثالا فاضحاً على الاحتكار المتوحّش في شركتي الخليوي.
ويوضح عبود ان البلد محكوم من المحتكرين، وان تفكيك منظومة الاحتكار يتم عبر قوانين موجودة لكن لا مراسيم تطبيقية لها، فيما قانون منع الاحتكارات لم يُناقَش بعد في مجلس النواب منذ عشرات السنين، مطالبا بضرورة ان يكون من الان وصاعداً في متن أي قانون يقَّر في المجلس النيابي مراسيم تنفيذية تشكّل جزءا لا يتجزأ منه، لافتا الى عشرات القوانين المعطَّلة في البلاد لعدم وجود مراسيم تطبيقية لها، وكان آخرها على سبيل المثال قانون الحق في الوصول الى المعلومات الذي تَمَنّع الامين العام لمجلس الوزراء عن الردّ على اسئلة طرحت عليه بشأنه مبرّرا عدم تطبيقه بغياب هيئة لتنفيذه ومعتبرا أن لا صفة أو مصلحة للمواطن بأن يوجّه هكذا اسئلة على حد تعبير عبود الذي استغرب هذا التصريح الرسمي الصادر عن الامين العام لمجلس الوزراء، سائلا عن ردّة الفعل حوله من الدول المانحة في سيدر وما اذا كانت ستنمحنا القروض بعده.
ويدعو عبود مصلحة حماية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد الى حماية المواطنين من السرقة. وفي حال غياب الصلاحيات اللازمة لملاحقة المحتكرين يدعو عبود وزير الاقتصاد منصور بطيش الى مصارحة المواطنين بمؤتمر صحافي ووضع اليد على الجرح.
اما في ما يتعلق بتحرّك مصلحة حماية المستهلك فمن المستغرب بالنسبة لها اضراب الافران حاليا، لانه في مرحلة ارتفاع اسعار الفيول الذي كان اكثر قساوة وتأثيرا، لم يسجّل اي تحرك لها، فأرباح الافران كبيرة وتقدر بحسب مصادر وزارة الاقتصاد ما بين 10 و12 % كما تصل الى 20% في بعض منها، في حين تعمل فرق المصلحة، وعددها اربعون فقط، على ضبط موضوع مولدات الكهرباء والمحال غير الشرعية للاجانب اضافة الى الغش في الكيل في محطات المحروقات، ليأتي موضوع الافران ليزيد الطين بلّة، بما في ذلك الغش في وزن ربطة الخبز وكمية المياه فيها. واللافت ايضا ان الاضرابات تنفذ إما في عطلة نهاية الاسبوع أو بعد الظهر، اي خارج الدوام الرسمي لفرق الوزارة التي تجهد من اجل مراقبة الافران.
والاكثر استغراباً، معاينتنا صبيحة نهار الاحد توزيع الافران للخبز على المحال والدكاكين وهي سابقة لافتة ايضا ومحط العديد من علامات الاستفهام.