رندلى جبور- خاص “المدى”
البابا فرنسيس إلى العراق. ليس هذا خبراً عابراً أو حدثاً عادياً في زمن غير عاديّ.
فالبابا فرنسيس يتحدّى كورونا برئة واحدة ليلاقي الموجوعين العراقيين.
البابا فرنسيس يتحدّى الوضع الأمني الخطير في العراق ليلاقي المسيحيين الذين يتعرّضون لأبشع أنواع العذابات من تهجير وقتل وتطرّف وتعرّض للمقدسّات، والذين بات عددهم لا يتجاوز النصف مليون نسمة معذّبة بعد تهجير أكثر من مليون منهم.
البابا فرنسيس يحطّ كأول حبر أعظم في هذا البلد العربي “المنكوب” ليقول للعالم إنه بابا لاهوت الفقراء والمعذّبين والمتألمين، وليقول للعالم إنه متمسك بالهوية المشرقية لمسيحيي المنطقة، وليقول للعالم إن الكنيسة مع الاعتدال في وجه التطرف، ومع التنوع والتعددية في وجه الأحادية، ومع الأمان والأمن في دولنا المستهدفة أبداً.
البابا فرنسيس يأتي من الفاتيكان حاملاً رسالة سلام ومحبة ودعم. يزور أحد أكثر البلدان غير المستقرّة في العالم ليمنحها شعاع ضوء وسلاح أمل.
ليس مسيحيو العراق وحدهم ينتظرون هذه الزيارة. فمسيحيو لبنان وسوريا والأردن والبلدان المجاورة هم أيضاً يتنفّسون بركة الحبر الاعظم، ويبتلعون كمّاً من المعنويات ليستمروا. فهم متمسكون بأرضهم ولكن من المفيد أيضاً أن يشدّ قداسة البابا على يدهم عن قرب ليبقوا متمسكين بها في ظل محاولات اقتلاعهم الدائمة. وهم فخورون بمشرقيتهم ولكن من الجميل أن يأتي بابا روما من الغرب ليؤكد بركته لهويتهم. وهم مدافعون شرسون عن جذورهم وإيمانهم ولكن من المهم أن يأتي رأس الكنيسة الكاثوليكية ليقول لهم أنا معكم بالروح والجسد في معارك الدفاع عن وجودكم. وهم منفتحون وأصحاب فكر يقبل الآخر ويعيش معه بإرادة حقيقية، ولكن من الجيد أن يعلن فرنسيس من أرضهم قيم الانفتاح وقبول الآخر والتنوع والتعددية.
أهلا بك في أرض الأصالة المسيحية أيها البابا القدّيس، ونحن في لبنان نتشوّق لزيارتك ونأمل أن يكون وطننا تالياً في استقبالك. فنحن الذين أخذنا روحاً بزيارة البابا الراحل القديس مار يوحنا بولس الثاني في العام 1997، ومن ثم زيارة البابا بندكتوس السادس عشر في العام 2012، ننتظر هذه الروح مرة جديدة، فلا تحجبها عنّا.