بناء على طلب مباشر من مصرف لبنان، تقوم وزارة الطاقة بإصدار تسعيرة المشتقات النفطية لتضمينها التخلّي التدريجي عن تسعير البنزين المستورد على سعر “صيرفة”. هذا القرار أثار بلبلبة متكرّرة في السوق يتوقع أن تستمر خلال الأسابيع المقبلة حتى يتخلّى المصرف المركزي بشكل كامل ونهائي عن تمويل واردات البنزين. ورغم أن هذا الأمر يهدف بشكله الظاهر إلى وقف النزف بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان، إلا أنه يعني أيضاً أن المصرف المركزي لم تعد لديه قدرة واسعة للسيطرة على سعر الصرف، بالتوازي مع إعادة توجيه الطلب على الدولار من “صيرفة” إلى السوق الحرّة بقيمة تقدّر بنحو 200 مليون دولار شهرياً، وهذا وحده كاف لتحفيز التوقعات بارتفاع سعر الصرف.
في الواقع، يسعى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى “نفض” يده من المسألة وإلقاء اللوم بشكل كامل على وزارة الطاقة. إنما هذه الأخيرة لم يعد لديها أي هامش للتحرّك في تسعير المشتقات النفطية طالما أن محركات السعر الأساسي هي سعر الدولار في السوق الحرّة، وسعر البنزين العالمي. لكن المركزي، أثبت أنه لا يكترث لتبعات ما يقوم به على المجتمع. والحكومة أيضاً تقف هي الأخرى متفرّجة على التشوّهات الاقتصادية التي تخلقها السياسات النقدية التي يتبعها المصرف المركزي.
إذاً، بعد أقل من شهر سيبدأ احتساب سعر صفيحة البنزين بنسبة 100% على أساس سعر صرف السوق الحرّة، مع توقّف مصرف لبنان تمويل البنزين بشكلٍ نهائي على سعر “صيرفة”، ما سينتج منه طلباً إضافياً على الدولار في السوق بقيمة تقدرّ بنحو 200 مليون دولار، وسينعكس ذلك ارتفاعاً في سعر الصرف طالما أنه ليست هناك إجراءات أخرى لضخّ الدولارات في السوق. وهذا يعني أيضاً أن سعر صفيحة البنزين سيكون خاضعاً لتقلبات سعر الدولار في السوق الحرّة ما سيتطلب من وزارة الطاقة إصدار جدول التسعير بوتيرة أسرع من الوتيرة الحالية.
المشكلة الأساسية أن مصرف لبنان يغذّي ارتفاعاً متواصلاً في سعر البنزين، فالتحرير يعني مزيداً من ارتفاع سعر الدولار الذي يؤدي إلى مزيد من ارتفاع سعر الصفيحة. هذه الحلقة ستغّذي بعضها وستؤدي إلى تسارع التضخّم في كافة الأسعار.
المصدر: الأخبار