يبدو ان العمل الحكومي، وفق ما تبدّى من الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء، أنّه يتسم بصفة الاستعجال، فالبيان الوزاري يبدو انه على نار حامية، ولجنة صياغته في صدد وضع اللمسات الأخيرة على مضمونه الذي لن يكون فضفاضاً، بل مُحدداً بجملة عناوين تشكل خريطة طريق الاولويات التي ستعتمدها الحكومة. على ان يتم الانتقال بعد ذلك إلى جلسة سريعة لمجلس النواب، لنيل الثقة على اساسه، وذلك قد يتمّ في غضون أيام قليلة، بحيث سيشكل الاسبوع المقبل اسبوع منحص الثقة لحكومة ميقاتي.
وبحسب مصادر وزارية لصحيفة “الجمهورية” ان البيان الوزاري يتضمّن توصيفا لواقع الأزمة، يراعي المتغيرات والتطوّرات التي نشأت منذ انتفاضة الغاضبين في 17 تشرين الاول 2019، وعناوين اساسية سبق لرئيس الحكومة أن حدّد خطوطها العريضة، التي تتقاطع عند هدف اساسي بإعادة التوازن الداخلي، وحاجة لبنان إلى خطة اصلاحية شاملة وواقعية تراعي متطلبات كلّ فئات الشعب اللبناني.
وفي موازاة التوجّه الحكومي، يبرز تأكيد مرجع مسؤول لـ”الجمهورية” على أنّ الحكومة مطالبة في أن تغلب الوقت وتسبقه، عبر المُسارعة إلى اعلان حالة طوارىء إصلاحيّة واقتصادية ومالية، تكون خلالها الحكومة مُستنفرة بعقد جلسات متتالية لمجلس الوزراء للبَت في مجموعة من الخطوات التي تشكل المرتكَز الصلب لأي توجّه إصلاحي، والتي من شأنها أن تعزّز ثقة اللبنانيين بهذه الحكومة، كما تستعيد من خلالها ثقة المجتمع الدولي بها وتمهّد الطريق لاستعادة لبنان دوره وموقعه على خريطة العالم.
وبحسب المرجع المذكور فإنّه بالتوازي مع العمل السريع والمطلوب لترسيخ الاستقرار المالي، وإنهاء طوابير الاذلال امام محطات المحروقات، وردع عصابات التخزين والتهريب والاحتكار، مع خطوات سريعة لإخراج لبنان من عتمة الكهرباء، فإنّ الأولويّة تبقى لتعيين الهيئات الناظمة لقطاع الكهرباء مع تعيين مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان وفقاً لمعيار الكفاءة وبعيداً عن المداخلات السياسية المعطّلة، وكذلك تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات والهيئة الناظمة للطيران المدني، ومعلوم أنّ هذه الشروط الثلاثة سبق أن حَثّ على إنجازها مرّات عديدة منسّق مساعدات مؤتمر “سيدر” السفير بيار دوكان، باعتبارها اساساً في عملية الاصلاحات المطلوبة.
ولعل البند المُلحّ الذي يفترض ان تقاربه الحكومة، كما يصفه المرجع المسؤول، هو الافراج عن التشكيلات القضائية، المجمّدة في القصر الجمهوري. والإسراع في إعلانها، باعتبارها الرّافد الأساس لأيّ عملية إصلاح، واليد الضاربة في مكافحة الفساد.