جنان جوان أبي راشد – خاص “المدى”
في آذار الماضي لامس الدولار الـ15 ألف ليرة، ثم تراجع الى حدود الـ12 ألفاً ليعود ويرتفع الى ما يقارب الـ12500 ليرة، إلا أن الأسعار تتّجه صعوداً في ظلّ التلويح برفع الدعم.
أكثر من 90% من السلع الغذائية والاستهلاكية الموجودة في محال السوبرماكت هي بضاعة غير مدعومة، وبالتالي لن يتغيّر سعرُها مع رفع الدعم، هذا ما أعلنه رئيسُ نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي منذ أيام قليلة رداً على لوائح بالأسعار تمّ التداول بها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن الواقع يبيّن عكس ذلك.
ففي الفترة الفاصلة التي يتّجه فيها لبنان نحو رفع الدعم، يلاحظ مَن لم يَتبضّع لفترة لا تتعدّى الشهرين ثم زار سوبرماركت منذ أيام أن ارتفاع الأسعار طال كلّ الأنواع، علماً أن الدولار الذي كان قد لامس في آذار ال15 ألف ليرة تراجع سعرُه.
هل هو جشع التجار؟!
رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برّو يؤكد أنه يجب أن لا نبرّىء التجّار من المسؤولية، ويقول: “لكنّ التجار الكبار هم أنفسهم “أحزاب الطوائف” في لبنان، ولا وجود لمشروع لهذه الأحزاب حالياً للخروج من مشكلة الاحتكارات، ويبدو أن هناك إصراراً على الإبقاء على السياسات القديمة التي أوصلتنا الى المأزق والانهيار على حالها”.
ويضيف برّو: “منذ أيام قليلة كانت هناك جلسةٌ للّجان النيابية مخصصة لبحث قانون المنافسة الذي من شأنه إلغاء الوكالات الحصريّة والاحتكارات التي ترفع الأسعار بنسبة 30% على الأقل بحسب البنك الدولي، وحضرها الوزيرُ السابق محمد شقير ممثلاً الهيئات الاقتصادية ورجال الأعمال، وقد أكّد في مداخلته أن هذا القانون لا يمكن تمريره وهو مرفوضٌ اقتصادياً وسياسياً”. وتابع برّو: “هذا يدلّ على أنهم مصرّون على سلوك المسار عينه الذي أوصلنا الى “المصيبة” التي يعيش اللبنانيون في وسطها”، معتبراً أن لا تغيير في “العقليات”، ومؤكداً أن “الوكالات الحصرية والاحتكارات لم يَعُد لها مثيل على وجه الكرة الارضية”، وسأل: “هل يجوز الاستمرار بها في لبنان في حين أن إلغاءها من شأنه التوفير على الناس خاصة في ظل الظروف الحالية”؟
ويشدد برّو على أن الاحتكارات ما تزال متحكّمة بالبلاد، مشيراً الى أن “الوكلاء الحصرييّن المعروفين أو غير المعلَنين يسيطرون من فوق الطاولة أو من تحتها على كلّ عمليات الاستيراد، في حين أن استهلاك اللبنانيين يشكّل أكثر من 85% من السلع المستوردة وبينها السلعُ الغذائية والاستهلاكية، وهنا يكمن جني الأرباح الطائلة”، مؤكداً أن “أحداً لا يجرؤ على كسرِ احتكارِ هؤلاء والدخولِ على خطِ المنافسة باستيرادِ هذه السلع”. ولفت الى أن “القول بعدم وجود احتكار في استيراد المواد الغذائية كاذب”، موضحاً أن “هناك احتكارات للمواد الغذائية والاستهلاكية بعضها معلَن وآخر يجري تحت الطاولة على الرغم من أن القانون يُحظّرُها”.
برّو الذي يقول انه يؤيد النظام الاقتصادي الحر الذي لا يحمي الاحتكارات، يرى أننا نعيش في ظل نظام اقتصاديٍ احتكاري بالكامل فهذا ليس نظاماً اقتصادياً حراً، بدليل أن هذا ما تنصّ عليه دراسةٌ أجرتها وزارة الاقتصاد، وتؤكد أن نظامَنا احتكاريٌّ بنسبةٍ تترواوحُ بين 85 و90%، معتبراً أن ارتفاع الأسعار غير مبرّر بالطبع، إلا أن لا شيء مبرراً في حالة الانهيار الشامل الذي يصيب البلاد مع غياب الدولة والقانون وتفشي الفساد، قائلاً: إنّ من الطبيعي أن تتضّح أعراضُ الانهيار يوماً بعد يوم وخصوصاً أننا أمام مسارٍ غير واضح المعالم.
ويبقى أن نسأل: هل المشكلة في لبنان في أن هناك فريقاً يريد اقتصاداً حرّاً، وفريقاً آخر يريد تغيير وجه لبنان الاقتصادي؟! وهل الرأسمالية تحمي الاحتكارات والفاسدين؟!