خاص – جنان جوان أبي راشد
وسط الاوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية الصعبة وتقنين المصارف أموال المودعين، يسيطر القلق على غالبية الشعب اللبناني التي تتجّه في سلوكيّاتها الى الحدّ من مصروفها والنضال من أجل الاستمرار في العيش الكريم فترة أطول.
في هذا الوقت، يعمد كل فرد على طريقته الخاصة الى تجنّب التبذير في الاستهلاك. ولكن هل من طريقة معينة وفضلى للتوفير؟ وما هي ايجابيات وسلبيات التقشف الفردي في بلد معظم استهلاكه من الاستيرد؟
الخبير المالي والاقتصادي ايلي يشوعي يعلن في حديث لـ”المدى” أن اللبنانيين من تلقاء أنفسهم سيبدأون الاقتصاد في الإنفاق ليقتصر تدريجاً من الضروريات الى الضروريات التي لا بدّ منها. واضاف هذه عملية لا تحتاج الى نصيحة أحد، بل الى دراية وحسن تدبير ليكون المصروف مطابقا للمدخول وتقنين ما بقي لدينا من أموال.
ورفض يشوعي الزامية التقشف والقول إن التقشف الفردي ايجابي حاليا بحجة ان معظم استهلاك لبنان من المواد المستوردة، موضحا ان التقشف الطوعي والظرفي بسبب اوضاع استثنائية ولمدة معينة مختلفٌ عن التقشف الالزامي غير الظرفي الحاصل حاليا، والذي سيصبح هيكليا وسينعكس سلبا على النمو. ولفت الى ان الـ20 مليار دولار التي ينفقها لبنان على الاستيراد لم تكن تبذيراً في الاستهلاك، بل كانت ضرورية في ظل غياب الانتاج المحلي وبسبب عدم بناء السلطة السياسية خلال الـ30 سنة الماضية اقتصاداً منتجاً قادرا على التصدير بعشرات مليارات الدولارات، في حين بنت في المقابل هيكلاً من الديون والريوع. واعتبر ان كلفة السياسة النقدية على الاقتصاد والخزينة واللبنانيين كانت باهظة وقد سقطت مثبتةً عقمها لانها قضت على الطبقة الوسطى والأجراء والشركات وفرص العمل.
ونفى يشوعي القول ان المواطن اللبناني العادي الذي جنى ماله بطرق شرعية مبذرٌ، انما هو شعب يحبّ الحياة، معتبرا أن ما جعل البعض يبالغ في إنفاقه هي القروض التي منحتها المصارف والتي كان من الضروري توجيهُها من قروض شخصية ذات تسهيلات وفوائد متدنية، الى قروض للشركات الاستثمارية لخلق الوظائف. واستغرب كيف ان تحذيراته في هذا الصدد لم تلقَ آذانا صاغية، اذ ان حصة القروض الشخصية وصلت الى قيمة المبالغ التي منحت كقروض للقطاع الصناعي برمّته.