لعلّه الملف الأدق والأخطر على التركيبة اللبنانية، ديموغرافيا وإقتصاديا وإجتماعيا وسياسيا، والذي لا يبدو أن اللبنانيين يتعاطون معه بقدر خطورته وسط انقساماتهم رغم ظروفهم الصعبة.
إنه ملف النازحين السوريين الذي يتفاقم يوما بعد يوم ولا نسمع سوى الصراخ العالي من دون تحرّك جديّ على الأرض، بينما يقف لبنان عاجزا في وجه مؤامرة دولية تستهدفه لإسكانهم طويلا على طريق توطينهم بما لا يخدم قضيتهم الأولى المفترضة بالعودة وطبعا بما لا يخدم اللبنانيين بجميع فئاتهم وبتلاوينهم الطائفية المختلفة.
في خضم كل ذلك تأتي مبادرة متجددة من التيار الذي سيرفع الصوت في مؤتمره الكبير غداً، في مركز لقاء – الربوة تحت عنوان “منتدى البلديات حول النزوح السوري: الاستقرار الإجتماعي: إعادة النازحين بتطبيق القانون وتحفيز البلديات”، بمشاركة واسعة لقت دعواتها صدى إيجابيا حتى من قبل خصوم التيار.
يؤكد مسؤول ملف النازحين في التيار وتكتل لبنان القوي النائب جورج عطا الله لـ”اللواء”، أن المؤتمر يأتي في السياق الطبيعي لموقف التيار من موضوع النازحين منذ العام 2011. “الملف الوجودي الذي لم يتم التعاطي معه مثل ما يلزم على مستوى السلطة السياسية، وكنا قدمنا إقتراحات قوانين في المجلس النيابي بات جزءا كبيرا منها قيد المناقشة وعقدنا مؤتمرات على مستوى التيار وعلى مستوى المناطق لكي ننبه لخطورة هذا النزوح والمؤامرة التي يقوم بها المجتمع الدولي لدمج وإبقاء النازحين في لبنان”.
ويشدّد عطالله على الدور الأساسي للبلديات على مستوى المجتمع المحلي، “وكنا عقدنا ثلاثة مؤتمرات في الأقضية في الكورة وقضاء جبيل وقضاء كسروان ولقاء مع رؤساء بلديات في مركز التيار في ميرنا الشالوحي، لنؤكد أن للبلديات صلاحيات كثيرة لا سيما رؤساء البلديات لتنظيم هذا الوجود ومنعه من الاستمرار والاستيطان والحد منه”.
“المؤتمر هدفه وضع البلديات أمام واجباتها في سبيل أمن القرى، خاصة وان النازحين يُلقون عبئا على كل البنى التحتية من كهرباء وماء وطرقات وصرف صحي ونفايات.. وهي أمور يزيد استهلاكها وكلفتها والبلديات أصلا شحيحة الموارد.. سيكون على المؤتمر وضع خطة عمل مع الاستفادة من خبرات بلديات تقدمت في جهودها على هذه الصعد بينما وقفت أخرى مكتوفة الأيدي”، بحسب عطا الله.
ويلفت النظر إلى قرار سياسي دولي لاستعمال النازحين كورقة. “هم لا يريدون الاعتراف بشنّهم حربا على النظام السوري لكن النظام بقي، واليوم لا يريدون التحدث معه وفي الوقت نفسه لا يريدون للنازحين العودة لأنهم يريدون التحدث مع النظام، وإذا لم يعودوا إلى بلادهم ثمة خوف من أنهم قد ينزحون في اتجاه اوروبا لذا يريدون توطينهم بالمغريات والتهديد والترغيب”.
ويؤكد عطاالله أن الكثير في لبنان غير نازح ويتخذ صفة لجوء للظهور بأن ذلك لضرورات أمنية، بينما هناك من يذهب إلى سوريا في الأعياد وفي المناسبات وفي الشتاء مثلا حين تقلّ الأشغال ثم يأتي بعائلته وهذا نازح اقتصادي لا يناسبنا وجوده، وبالتالي فالبلديات عندما تتخذ القرار بالتضييق عليهم سيبدأ هؤلاء بترحيل عائلاتهم ثم يرحلون بعدها، مع اعترافنا ان جزءا كبيرا منهم لا يُحل أمرهم إلّا بقرار دولي.
ويشير ردّاً على سؤال ألى ان التجاوب السياسي قائم مع التيار من غالبية القوى، “خاصة أننا طرحنا ورقتنا للبلديات على الجميع، ومن الطبيعي أن لا تلقى إجماعا على كل ما فيها وقد تكون هناك ملاحظات على بعض البنود”.
ستتناول الجلسة الإفتتاحية أبعاد الأزمة: تحليل لمخاطر النزوح ومستوى التهديد الذي يشكّله على لبنان بعد اندلاع الحرب في غزة. تحديد مخاطر الأزمة التي تحوّلت الى أزمة وجود. الأبعاد الداخلية والأبعاد الخارجية. شرح خلفيّات المواقف الدولية، الأوروبية بشكل خاص والجهد الديبلوماسي للبنان.
ويشارك فيها رئيس التيار جبران باسيل ووزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار وممثل وزير الخارجية والمغتربين.