لا تزال القوى السياسية التي تتولى مفاوضات تأليف الحكومة مصمّمة على تأخير التأليف. اللقاء بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية، أمس، لم يفتح كوة كبرى في الجدار. “الحريري هو من يعرقل نفسه بنفسه”. هذا ما نقلته صحيفة “الأخبار” مصادر مطلعة على مشاورات التأليف التي لا تزال تصطدم بالحائط المسدود.
الحريري لا يوفر جلسة أو لقاء من دون أن يتهم النائب جبران باسيل بالوقوف وراء تعطيل تشكيلة حكومته. المصادر نفسها تؤكد أن الرئيس المكلّف، “كعادته قبل تأليف حكوماته، أعطى وعوداً متناقضة، وعندما أتى وقت التقريش، وقعت المشكلة”.
فهو، على سبيل المثال، كان قد تفاهم مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على أن تُترك للأخير تسمية الوزراء المسيحيين أو الموافقة عليهم، لكنه وعد في الوقت نفسه النائب سليمان فرنجية والحزب السوري القومي الاجتماعي بتوزيرهما من الحصة المسيحية بطبيعة الحال.
أكثر من ذلك، التوافق الأوّلي مع رئيس الجمهورية على أن تكون حقيبتا الدفاع والداخلية من حصة الأخير، سرعان ما أتبعه الحريري باقتراح اسم نقولا الهبر المحسوب عليه لتولي الداخلية. المصادر اختصرت الأمر بأن الرئيس المكلف “يريد تسمية الوزراء المسيحيين، وهو ما لا يفعله مثلاً مع الثنائي الشيعي أو مع وليد جنبلاط”.
وتؤكد المصادر أن “من غير الجائز إذا ما اعترض رئيس الجمهورية على اسم معين أن يُعزى ذلك الى نية تعطيلية يقف باسيل وراءها على الدوام”؛ إذ إن “لرئيس الجمهورية رأياً لا يجوز أن يُنسب دائماً الى نية تحاصصية”. فعلى سبيل المثال، اقتراح تسمية رئيسة قسم الطاقة المتجددة في بنك عوده، كارول عياط، لوزارة الطاقة، لقِي تحفّظاً من عون لا لخلفية سياسية، بل لوجود “تضارب مصالح واضح” في تسميتها، إذ إن الأخيرة هي من كانت تتفاوض مع وزارة الطاقة على كل العقود التي كان البنك طرفاً فيها، كمشروعي دير عمار و”هوا عكّار”.
أضف الى ذلك أن الحريري، وبحسب المصادر، طرح أسماء عديدة لا خلفية اختصاصية لها، فضلاً عن أنه ضرب فكرة الاختصاص من أساسها مع اقتراحه حكومة الـ18 وزيراً التي تعني أن خمسة وزراء على الأقل سيحمل كل منهم حقيبتين لا تمت إحداهما إلى الأخرى بصِلة.