صحيح أن الرئيس المكلف سعد الحريري مُنيَ بنكسة جديدة بعدَما أطيحت مبادرة عين التينة التي عوّل كثيراً عليها كفرصة أخيرة، لكن مصادر معنية بالمفاوضات الحكومية أعادت بحسب “الأخبار”، تريّثه من جديد إلى أسباب عديدة. أبرزها:
أن رئيس المجلس نبيه برّي طلبَ اليه ذلِك، وهو يُصرّ على ربط الاعتذار بالتوافق مع الحريري على بديل، على أن يحظى البديل بغطاء الطائفة السنية لئلا تتكرّر تجربة الرئيس حسّان دياب. كما أن رئيس المجلس، على ما تقول المصادر، “لا يريد تسليم البلاد لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار جبران باسيل”، ولا إعطاءهما فرصة للظهور بمظهر المنتصر. كما لا يريد أن يكون البديل واحداً من الأسماء التي اقترحها الرئيس عون وباسيل. حتى إن بري يعتبر، بحسب المصادر، أن الحل لا يُمكن أن يكون بتسمية رئيس حكومة من فريق 8 آذار لا يحظى بالتوافق والغطاء السنيّ الكامل، لأن هذا الأمر لن يساعد في إخراج البلد من الأزمة، لا بل سيزيدها تعقيداً. ثم إن الحريري الذي كانَ قد كشف أمام من التقاهم من مسؤولين وشخصيات سنية أن خيار الاعتذار وارد، فوجئ بمعارضة واسعة لم يكُن يتوقعها، على اعتبار أن “هذا القرار لا يُمكن أن يتخذه وحده”.
وفي هذا الإطار، علمت “الأخبار” أن ثلاثي رؤساء الحكومات السابقين من أشد المعارضين لقرار الاعتذار، لكن أعضاءه لم يحضروا اللقاء في دار الفتوى، لأنهم، وفقَ ما أفادت المصادر، حرصوا على عدم “إعطاء صبغة طائفية للخلاف، وكأن هناك انقساماً بطابع سنّي – ماروني”.
وفيما لم تُسجل في الأيام الماضية أي اتصالات على صعيد الملف الحكومي، خاصة بعدَ السجال الإعلامي بينَ باسيل والنائب علي حسن خليل الذي عكس التوتر بينَ عين التينة والبياضة، لفتت مصادر مطلعة إلى أن برّي منزعج من طريقة التعامل مع مبادرته، بينما سيتسغلّ الحريري الدعم الذي حظي به سنياً لتحصين نفسه من محاولات انتزاع التكليف منه، طوعاً، ووضع عوائق أمام أي شخص يطمح إلى خلافته، حتى لو عاد واعتذر.فوجئ الحريري بمعارضة سنية واسعة لقرار اعتذاره.
التريّث في الاعتذار، عكسته تصريحات شخصيات في تيار المستقبل، ومنهم النائب السابق مصطفى علوش الذي أشار إلى أن “خيار الاعتذار مؤجل، وأن المزاج الشعبي عند تيار المستقبل 90 في المئة يعارضه”. وفي كل الأحوال، يُمكن تلخيص حصيلة الأسبوع الماضي بتأكيد أن البلاد ستكون على موعد مع أسابيع ملتهبة، وهناك خشية من أكثر من عامِل تقاطعت عندَ رسم أفق قاتِم: استعصاء الولادة الحكومية.