دخل لبنان مرحلة جديدة من الاهتمام الخارجي به. المقاطعة الخليجية في طريقها الى الانتهاء رسمياً بعد اتصالات بقيت بعيدة عن الأضواء بين أطراف في مجلس التعاون الخليجي وجهات لبنانية، بينها حزب الله الذي تحتجّ السعودية على مواقفه لبنانياً وعربياً. وفيما قال مسؤولون في الكويت إنهم نجحوا في كسر “الصمت السعودي” حيال الملف اللبناني، كانت دولة الإمارات العربية المتحدة تفتح الملف من بوابتَي إيران وسوريا. فيما أرسلت قطر موفديها بصمت، وهي تستعد لمزيد من الاتصالات.
توجّه الفرنسيون الى السعودية، وقرروا البحث في ملف صندوق دعم إنساني هدفه تعزيز واقع القوى والمجموعات الحليفة لهم، بعيداً عن الدولة ومؤسساتها. لكن باريس فوجئت بأن الرياض غير مستعدة لخطوات نوعية، وفي الاجتماع الأولي العملي، لاحظ الفرنسيون أن الجانب السعودي لا يريد اقتصار الأمر على الجانب الإنساني. فاتفق الجانبان على آلية تواصل بشأن لبنان، شملت في اجتماعين منفصلين مندوبين سعوديين عن الديوان (نزار العلولا) ووزارة الخارجية (وليد البخاري) والمخابرات (أحد مساعدي رئيسها خالد الحميدان)، وثلاثة ممثلين عن خلية لبنان في الإليزيه ومندوباً عن كل من وزارة الخارجية الفرنسية ورئيس المخابرات الخارجية برنار إيميه.
حصيلة هذه اللقاءات أضيفت الى نتائج لقاءات عقدت على هامش زيارة الوفد السعودي لباريس مع شخصيات لبنانية، من بينها السنيورة. وسمع الفرنسيون ملاحظات سعودية “غير إيجابية” عن بعض هؤلاء. لكنهم لم يحصلوا على ضمانات واضحة تشير الى الوجهة السعودية حيال المرحلة المقبلة، وسط قلق في لبنان من أن تكون الرياض في طريقها الى “تهدئة” في لبنان تمهيداً لتسوية تشمله وتشمل الإقليم. فيما يقول حلفاء الرياض في لبنان إن السعودية ستستمع الى ملاحظاتهم، وتعود عن مقاطعتها الاستحقاق الانتخابي، وإنها تدرس اقتراح جنبلاط وجعجع والسنيورة إطلاق حملة تعبئة في الوسط السني لإنهاء مفاعيل قرار الحريري بالعزوف، فيما توجّه المرشحان عن القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي ملحم رياشي ووائل أبو فاعور الى السعودية لمقابلة العلولا وحميدان.
وفيما بدأت تسريبات حول عودة قريبة للسفير السعودي إلى بيروت ومسعى يقوم به أطراف لبنانيون لدفع المملكة إلى الإهتمام بلبنان، والحديث دور نشط لأبو فاعور في هذا الإتجاه، أكدت مصادر مطلعة لـ”الأخبار”، أن هذه الأجواء هي نتاج تنسيق بين البخاري الذي يرغب في العودة وعدد من المسؤولين المعروفين بارتباطاتهم به. وقد جرى الإتفاق على بدء حملة داخلية بعنوان أن حزب الله والرئيس العماد ميشال عون سيحكمان في الإنتخابات المقبلة إحكام سيطرتهم على البلد، وإطلاق حملة “مناشدة” للسعودية لعدم ترك لبنان في قبضة حزب الله. وتصاعدت هذه الحملة خصوصاً بعد ما أكده مسؤولون سعوديون لعدد من اللبنانيين، ومن بينهم السنيورة، بأن المملكة غير معنية بلبنان ولا مهتمة به، ولا تدعم أي طرف في الداخل. ولمح هؤلاء إلى تراجع الحماسة تجاه رئيس القوات سمير جعجع الذي يبدو أنه “يتعهد بأكثر مما هو قادر على فعله”.
المصدر: الأخبار