أكَّد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد أن عيد الإستقلال الثامن والسبعين غدًا يوجّه الدعوة إيّاها للشعب اللبنانيّ، وللمسؤولين السياسيّين، وللذين ما زال ولاؤهم لغير الوطن، وللذين يعرقلون سير المؤسّسات الدستوريّة، واستقلاليّة القضاء، وفصل السلطات، ويخرقون السيادة والوحدة الوطنيّة.
وقال الراعي: “انهضوا واشهدوا بصون الإستقلال وتعزيزه.
انهضوا واشهدوا باخراج الشعب من عذابه وذلّه، وباعادته إلى سابق البحبوحة والفرح والعزّة.
انهضوا واشهدوا بالعيش في كنف الدولة ودستورها وميثاقها واستقلالها، والتحرّر من المشاريع الطائفيّة والمذهبيّة.
انهضوا واشهدوا لتلك الأيّام المجيدة حين اتّحد المسيحيّون والمسلمون وأعلنوا استقلال دولة لبنان بعد ثلاثة وعشرين سنة على تأسيسها.
انهضوا واشهدوا لفجر لبنان الذي كان أوّل دولة تتوحّد وتوحّد وتستقلّ وتحترم في الشرق”.
وأضاف: “إنّ الإستقلال يشكو اليوم من وجودِ لبنانيّين غيرِ مستقلّين. واللبنانيّون يشكون من وجودِ مسؤولين وقادةٍ وأحزابٍ غير استقلاليّين. لا يتعايش الاستقلالُ مع ولاء فئاتٍ من الشعب لوطن آخر، ولا مع ضعفِ الدولةِ أمام الخارجين عنها وعليها. لا يتعايشُ الاستقلالُ مع حكمٍ لا يوفِّرُ لشعبه الحياةَ الكريمةَ والرفاهَ والعملَ والعلمَ والعدالةَ والضماناتِ الصِحيّةَ والاجتماعيّة. لا يتعايش الاستقلالُ في وطنٍ تَحوّل ساحةَ صراعاتِ لجميعِ مشاكلِ الشرقِ الأوسط والعالم. لا يتعايشُ الاستقلالُ في مجتمعٍ زادت فيه الفروقاتُ الثقافيّةُ والحضاريّةُ وتَباعدَت أنماطُ الحياةِ فتركت انطباعًا أنَّ هذا المجتمعَ صار مجتمعاتٍ متنافِرة.
حبّذا لو يؤمن المسؤولون، واللبنانيّون عمومًا، في ذكرى الاستقلال، أن وجود لبنان هو أساسًا مشروعٌ استقلاليٌّ وسياديٌّ وحِياديٌّ في هذا الشرق. حبّذا لو يدركون أنَّ ضعفَ وحدةِ لبنان ناتجٌ عن ضعفِ استقلالِه. وبالتالي أن بداية الإنقاذ تبدأ باستعادةِ استقلالِ لبنان وترسيخِ حيادِه الإيجابي الناشط في كلّ ما يختصّ بالسلام وحقوق الإنسان والحوار السياسيّ والثقافيّ والدينيّ والاستقرار في بيئته العربيّة”.
وأوضح الراعي: “إذا كانت جميعُ القوى السياسيّةُ قَبِلتْ بسياسةِ عدم الإنحياز والنأيِ بالنفسِ الواردتين في البياناتِ الوزاريّةِ منذ الاستقلال إلى اليوم، فلماذا لا تَلتزمُ بها وتطبِّقُها؟ وإذا كانت هذه القوى آمَنَت جِدّيًا بسياسةِ عدم الإنحياز والنأي بالنفسِ، فلماذا لا تَعتمد نظامَ الحِيادِ الإيجابي لضمانِ استقلالِ لبنان واستقرارِه في إطارٍ دستوريٍّ ثابتٍ. في هذا السياقِ نَنتظرُ أن تبادرَ الشرعيّةُ اللبنانيّةُ إلى اعتمادِه وطرحِه رسميّا على المرجعيّاتٍ الدوليِّة وبخاصّةٍ على الأممِ المتّحدةِ ليكون مضمونًا بقرارٍ دوليٍّ يلُزم جميعَ الدولِ باحترامِ سيادةِ لبنان، وهذا الأخير باحترام سيادة غيره من الدول. هكذا، تعيد الدولةٌ للاستقلالِ معناه”.