الشيخ نعيم قاسم: نحن قادرون على مواجهة اسرائيل وهزيمتها…علينا أن نعدّ العدّة

السبت ٢٨ حزيران ٢٠٢٥

الشيخ نعيم قاسم: نحن قادرون على مواجهة اسرائيل وهزيمتها…علينا أن نعدّ العدّة

الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم:

-نحن قادرون على مواجهة اسرائيل وهزيمتها

– قام حزب الله بالمساندة لأهل غزة وفلسطين وكانت مساندة واجبة وضرورية

-اذا افترضنا أننا في مرحلة لم ننتصر يمكن أن يكون السبب بأن نقوم بشيء إضافي ونعدّ العدّة أكثر

– علينا أن نعمل ما علينا والباقي على الله لذلك علينا أن نعدّ العدّة والمقدمات الصحيحة

-اتفاق وقف اطلاق النار هو مرحلة جديدة اسمها مسؤولية الدولة

 

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الليلة الثالثة من شهر ‏محرم الحرام 1447 هـ 28-06-2025:‏
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا ‏وقائدنا ‏‏أبو القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع ‏الأنبياء ‏‏والصالحين إلى قيام يوم الدين.‏
السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك وعلى الأرواح التي ‏حلّت بفنائك، عليكم مني سلام الله أبداً ما بقيت ‏‏وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد مني ‏لزيارتكم.‏
السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب ‏الحسين.‏
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏
مع عاشوراء نتزود لِحياتنا من أجل أن نعيشها سعيدة، ‏مستقيمة، عظيمة، صالحة، طيبة. ‏
في الليلة الماضية ‏أسسنا لأسس عقائدية أساسية لها علاقة ‏بالمنهج، واعتبرنا أن المنهج هو دين الله تعالى، هو ‏الإسلام، يُطبقه ‏محمد وآل محمد صلوات الله ‏وسلامه عليهم أجمعين، ونحن علينا أن نقتدي بهم.‏
اليوم نتحدث عن عاشوراء، السلوك والموقف الذي ‏ينسجم مع المنهج، مع الأصالة، مع الاستقامة.‏
عاشوراء هي الموقف المنعطف، لماذا؟ لأن لحظة ‏كربلاء هي لحظة قتال، لكن ليست كل حياة الإنسان ‏‏قتال، حياة الإنسان تربية، حياة الإنسان ‏أخلاق، حياة الإنسان علاقات اجتماعية، بناء مجتمع صالح، لكن ‏‏توجد محطات معينة، في هذه ‏المحطات لا بد أن يكون هناك جهاد، ولا بد أن يكون هناك قتال.‏
لذا اعتبرت أن عاشوراء هي الموقف ‏المنعطف كنتيجة طبيعية لكل هذا السلوك الإسلامي المرتبط بالمنهج ‏‏الذي آمنا به من عند الله تعالى.‏
هذا السلوك وهذا الموقف المنعطف يوصلنا إلى إحدى الحُسنيين، يعني النتيجة الطبيعية لهذا ‏السلوك، أي ‏‏القتال في سبيل الله تعالى، يُوصل إلى إحدى الحُسنيين: النصر أو الشهادة، كما قال ‏تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ ‏‏الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾، يعني لدينا الأمرين، ﴿قُلْ هَلْ ‏‏تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾، يعني إما أن يُقتل ‏الإنسان فيُستشهد في سبيل الله تعالى، وإما أن ينتصر ‏‏الإنسان، وبالتالي يكون هناك انعكاس مادي لهذا ‏النصر.‏
التفسير الجميل الرائع الذي قاله سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى ‏عليه عن ‏‏الحُسنيين، قال: “عندما ننتصر ننتصر، وعندما نستشهد ننتصر”، يعني لا توجد لدينا خسارة، لأن ‏العبرة ‏‏أين؟ العبرة أنك هل بقيت ثابتاً على موقفك، أو أنك تزعزعت وغيّرت هذا الموقف؟ إذا بقيت ‏ثابتاً على ‏موقفك، هذا يعني أنك ربحت، سواء كان الربح من خلال الانتصار المادي المباشر، أو ‏كان ‏الربح من خلال ‏الشهادة التي تُعبّر أيضاً عن ربح.‏
نحن نُريد من خلال سيرة الإمام الحسين عليه ‏السلام، ومن خلال التزامنا بالإسلام، نُريد أن نعيش في هذه ‏‏الدنيا حياةً عزيزة، ليس مطلوباً أن تكون ‏الدنيا حياة عادية، لا، مطلوب أن تكون الدنيا حياة عزيزة، حياة فيها ‏‏معنويات، حياة يشعر الإنسان فيها أنه ‏محترم، أن له دور، أنه يقوم بخلافة الله تعالى على الأرض، أنه ‏‏يتصرف بحريةٍ كاملة في إطار ‏الطيبات، وفي إطار الأعمال الصالحة، والأمر بالمعروف، والنهي عن ‏‏المنكر.‏
إذًا نحن نُريد حياة ‏عزيزة، هذه يجب أن نبدأ منها، لا يصح أن تقول: “أيّ حياة أقبل بها، المهم أن أبقى على ‏‏قيد الحياة”، يا ‏أخي، البقاء على قيد الحياة ليس بيد الناس، البقاء على قيد الحياة بيد الله تعالى، ﴿فَإِذَا جَاءَ ‏‏أَجَلُهُمْ لَا ‏يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾، الذي هو بيدك أن تبقى على قيد الحياة عزيزاً، أو أن تقبل بأن ‏تكون ‏ذليلاً.‏
علّمنا الإمام الحسين عليه السلام أن نعيش الحياة عزيزة، عزيزة برؤوسٍ مرفوعة، ولذا عندما ‏وصل الإمام ‏‏الحسين عليه السلام إلى “ذي حُسَم”، وتحدث بالقوم، قال: “ألا ترون أن الحق لا يُعمل ‏به، وأن الباطل لا ‏‏يُتناهى عنه؟، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً، فإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة ‏مع الظالمين إلا ‏‏برماً”.‏
ما تقييم الإمام الحسين عليه السلام للموت فيما لو جاءه الأجل؟ سعادة. لماذا ‏سعادة؟ لأنه لحظة الانتقال إلى ‏‏الآخرة، لحظة الموت، كانت في الموقف الأنبل، الموقف الأعز، الموقف ‏الذي يقف مع الحق.‏
ما قيمتك أنت كإنسان إذا لم تقف مع الحق؟ هل مطلوب من الإنسان أن يكون فقط ‏يأكل ويشرب ويؤمن ‏‏بعض المتطلبات العادية في الحياة الدنيا، حتى ولو كان ذليلاً؟ لا، “إني لا أرى ‏الموت إلا سعادة، والحياة مع ‏‏الظالمين إلا برماً”، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: “الموت في ‏حياتكم مقهورين، والحياة في موتكم ‏‏قاهرين”.‏ انظر إلى التعبير والاتجاه الذي يُرسم.‏ نحن نريد حياة ‏عزيزة، ولا نقبل أن نكون في حياة ذليلة.‏
هذا الموقف البطولي الرائع الذي ينسجم مع الحق، رأيناه أيضاً ‏على لسان السيدة زينب سلام الله تعالى عليها، ‏‏قالت ليزيد: “فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب ‏جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يُرحض ‏‏عنك عارها، وهل رأيك إلا فَنَد؟ وأيامك إلا ‏عدد؟ وجمعك إلا بَدَد؟ يوم يُنادي المنادي: ألا لعنة الله على ‏‏الظالمين”.‏ هذا موقف عظيم للسيدة زينب ‏عليها السلام، تعرفون ماذا يُشير؟ يُشير إلى أن الموقف الحسيني ‏هو موقف ‏يشمل الأمة جميعاً، يشمل ‏الرجل والمرأة.‏ من قال إن البطولة، الشجاعة، الوقفة مع الحق، هي ‏مختصة بالشباب، بالرجال؟ لا، أيضاً ‏النساء، أيضاً ‏الشباب، أيضاً الأطفال، كلهم يجب أن يعيشوا هذه ‏الفكرة.‏
السيدة زينب سلام الله تعالى ‏عليها أكملت المسار الحسيني بالموقف نفسه، لأنها طبعاً حين وقفت هذا الموقف ‏‏كان من الممكن أن ‏يقتلها يزيد، كان من الممكن أن يفعل أشياء كثيرة، وهي على كل حال من السبايا التي ‏‏سُبيت، يعني تعذبت ‏وتحملت وضحت، وكانوا يحاولون إرغامها على أن تغيّر، أن تبدّل، أو بحسب كلامهم ‏‏أن تتعظ مما ‏حصل، وكانت النتيجة أنها هي من كانت تعظهم وتقول لهم الذي حصل: “ما رأيت إلا جميلاً”.‏ ‏لكن هناك شهادة، نعم: ‏”ما رأيت إلا جميلاً”. لماذا جميل؟ لأنها صمدت على الحق، ولأن الشهادة التي ‏‏حصلت كانت على ‏أساس الحق.‏
هذا هو المقياس الذي نُريد أن نعود إليه دائماً، لا تسألني هل هذا يُبقينا على قيد الحياة أم لا؟ ‏يا أخي الحياة بيد ‏‏الله عز وجل.‏ السؤال المركزي، أنت مع الحق أم لا؟ أنت تُقاتل ‏من أجل الحق أم لا؟ أنت تقبل أن تكون ذليلاً ‏أم لا؟ الحسين ‏سلام الله تعالى عليه علّمنا أن نكون مع الحق مهما كانت النتائج ومهما كانت التضحيات. هذه ‏العِزّة يجب أن ‏يطلبها المؤمن، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين. لا تقبل حياة الذل، لا تقبل أن يستعبدك ‏الآخرون، لا تقبل بأن ‏تكون خادمًا لمشاريع الانحراف ومشاريع الباطل. هنا نفهم معنى “ما تركتك يا ‏حسين”.‏
سماحة السيد رضي الله تعالى عنه كان دائمًا، عندما كُنا في بعض الجلسات ونتحدث عن هذا الشعار، خاصةً ‏‏عندما تقترب عاشوراء، كنت أشعر بأنه عاشق لهذا الشعار، يُحبه كثيرًا، لأن “ما تركتك يا حسين” هو حالة ‏‏تفاعلية، عاطفية، شعورية، تجعل الإنسان يذوب في الحسين سلام الله تعالى عليه، وينسى أن له جسدًا، ‏‏وينسى أنه موجودٌ على الأرض، يُحلق المؤمن بهذا الشعار في علوٍ وسموٍ وقوةٍ وقدرة. “ما تركتك يا حسين” ‏‏هذا هو موقفنا، “ما تركتك يا حسين” عزيزًا كريمًا تكون مع الحق.‏
إذًا، عاشوراء هي من أجل الحياة العزيزة في مواجهة التسلط والإرغام والاحتلال والاستكبار. عاشوراء ‏هي ‏في مواجهة كل هذا الانحراف.‏
يا أخي، دعونا نعيش حياتنا، لا يتركوننا، لماذا؟ هل نحن من نتحرّش بهم؟ بل هم من يتحرّشون بنا، الكفر ‏‏يتحرّش بالإيمان، المتسلطون، الظالمون، هم الذين يظلمون. المشكلة ليست فيما نُبادر به، المشكلة أنهم هم ‏‏يبادرون دائمًا إلى الضغط، إلى القهر، إلى الإرغام.‏ ماذا نفعل في مقابل هذا الموقف؟ لا بدّ أن نقف، أن نقول ‏لا. إذًا، نتعلّم من الحسين سلام الله تعالى عليه ‏إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة.‏
أنا هنا أريد أن أُلفت إلى تفسير ممكن أن يكون مُعالجاً لبعض النظرات التي ينظر بها أولئك الذين يشعرون ‏‏أنهم قد لا يكونون منتصرين. انظروا، النصر هو نصر للفرد ونصر للجماعة. يعني، مرة الفرد وحده، لأن ‏‏موقفه صحيح، ينتصر، مرة الجماعة تنتصر.‏
كيف ينتصر الفرد؟ الفرد ينتصر إذا انتصر، وينتصر إذا استشهد. لماذا؟ لأنه بشهادته نال ما تمنى، في ‏‏موقف لم يتزعزع عنه، منتقلًا من الحياة إلى الآخرة بشهادة عظيمة. فإذا الفرد انتصر، فكيف تنتصر ‏‏الجماعة؟ الجماعة تنتصر عندما تُحقق انتصارًا ميدانيًا، لكن أحيانًا تكون هناك مشاكل أو تكون عقبات أو ‏يكون ‏العدو مُتماهيًا في القوة، لا يكون هناك توازن، لا يمكن أن يحصل نصر الجماعة في كل معركة، في ‏كل ‏موقف، في كل حالة. إذًا، كيف نقول إن الجماعة انتصرت؟ نقول إنها انتصرت إذا استمرت، إذا بقيت، ‏إذا ‏حافظت على منهجها.‏
ولذلك، فهمُنا للنصر على المستوى الإسلامي غير فهم الآخرين للنصر. هناك نصر مادي، نعم، ولكن أيضًا ‏‏هناك نصر معنوي. النصر المعنوي هو أن نُلملم جراحاتنا، أن نتمكن من الاستمرار، أن يكون هناك من ‏‏يسير على العهد.‏ نحن عندما أطلقنا شعار “إنّا على العهد” لسيدنا وحبيبنا ومقدسنا السيد حسن رضوان الله ‏تعالى عليه، والسيد ‏الهاشمي، وكل الشهداء الأبرار، أطلقنا هذا العهد لماذا؟ لنستمر، لنبقى، لنكون من بعدهم ‏نعمل كما يعملون، ‏ونقف كما يقفون، ونستعيد الحسين إلى حياتنا كما استعادوه، ونعيش حياة العز بكل قدرة ‏وبكل طاقة، دون ‏أن نخشى في الله لومة لائم.‏
فإذًا، نحن عندما نقول إننا دائمًا منتصرون، هل هذا يُعجب الآخرين أم لا؟ هم يحلّلون، أين انتصرتم؟ أين لم ‏‏تنتصروا؟ يا أخي، استمرارنا انتصار، استمرار الشعار انتصار.‏
هذا الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه استشهد منذ أكثر من 1350 سنة، ماذا كانت النتيجة؟ إلى الآن ‏‏الحسين حي، إلى الآن الحسين يُعلّم ويُربي، إلى الآن عاشوراء حاضرة، إلى الآن زينب قدوة لكل النساء، إلى ‏‏الآن الصرخة من خلال الدماء ومن خلال الكلمات تُعبّئ وتُربّي وتُخرج الأجيال التي تعيش حالة العزّة.‏
إذًا، هل كانت الشهادة موتًا وانتهاءً؟ لا، كانت الشهادة نصرًا، لكن هذا النصر ممتد في الأجيال، ‏‏بالاستمرارية التي حصلت.‏
أنا اليوم أريد أن أجيب عن سؤال، وهذا السؤال يُطرح دائمًا من البعض، إذا كنا نحن متدينين ‏ومرتبطين بالله ‏عز وجل، ودائمًا ربّ العالمين يقول: “وكان حقًا علينا نصر المؤمنين”، حسنًا، هل ينصرنا ‏الله تعالى دائمًا؟ ‏أم أن هناك مرات ينصرنا، ومرات لا ينصرنا؟ حسنًا، إذا لم ينصرنا دائمًا، فهل هناك مشكلة ‏معينة موجودة ‏حتى لم ينصرنا؟ أم يجب أن ينصرنا دائمًا لأننا متدينون، بصرف النظر عن العقبات ‏والمشاكل الموجودة في ‏حياتنا؟
هنا أُريد أن أُفصّل قليلًا في هذا الموضوع، لأنه حساس وأساسي. الله عز وجل وضع السنن الإلهية في هذه ‏‏الحياة، هذه السنن الإلهية هي عبارة عن قواعد، عن أنظمة موجودة.‏ أي الذي يحمل السيف ويقتل ويجرح، ‏لكن إذا أحد لم يحمل السيف و”تكتّف”، لا يمكن أن يَجرح. إذا قاتل ‏أحد في معركة، فممكن في هذه المعركة ‏أن يربح، إذا كان العدد ملائمًا، إذا كانت الاستعدادات ملائمة، إذا ‏كان التدريب موجودًا بشكل كافٍ، أما إذا ‏كان هناك نقص معين في التدريب أو في الإمكانات، قد لا ينجح في ‏قلب المعركة.‏ هذه سنن إلهية، أي ‏الإنسان يجب أن يكون قد أعدّ العدّة اللازمة حتى يتمكن من النجاح. أحيانًا لا يتمكن ‏من إعداد العدّة اللازمة، ‏أحيانًا تكون العدّة عند العدو أكبر بكثير من العدّة التي لديه، إمكانات العدو أكبر من ‏إمكاناته بكثير، ممكن ‏عندها أن ينتصر العدو على المؤمنين ماديًا، نعم. بحسب السنة الإلهية إذا كانت لديك ‏إمكانات وهو لديه ‏إمكانات أكبر، فهو سينتصر بالإمكانات الأكبر الموجودة لديه، لأنه هو أعدّ العدّة، وأنت لم ‏تستطع، لا أقول ‏إنك قصّرت، بل أقول إنك لم تستطع، وبالتالي يجب أن نتحمّل بأن يكون هذا طبيعيًا.‏
الله عز وجل أول نقطة يعاملنا وفق السنن الإلهية الموجودة. إذا أردت أن تنجح في الامتحان، فعليك أن ‏‏تدرس، ليس كما يفعل البعض عندما يقول: “والله دعونا الله كثيرًا ليلة الامتحان، لكن في اليوم التالي فشلنا”، ‏‏لقد فشلت لأنك لم تدرس. لا يمكنك أن تنجح دون أن تُعدّ المقدمات، افعل ما عليك والباقي على الله عز ‏وجل، ‏أعدّ العدّة، والباقي على الله عز وجل. لذلك، ماذا يقول الله عز وجل؟ يقول: ” وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم ‏مِّن قُوَّةٍ ‏وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ”، ماذا يحصل؟ ” تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ”، يعني أنتم أعدوا ما عليكم، ‏اعملوا ما ‏عليكم، تكونوا قد عملتم المقدمات الصحيحة، تأكدوا في النهاية أنكم سترهبونهم، الآن ترهبونهم في ‏هذه ‏المرحلة، في مرحلة ثانية تكون العُدّة كافية، فالله عز وجل أيضاً يُسدّد ويُعين حتى ينجح الإنسان، لا، هذا ‏الموضوع ‏مؤجل لأن العُدّة غير كافية، هذه أمور غيبية لا نعرفها.‏
فإذَا علينا أن نؤمن بأن السُّنن الإلهية هي التي تعمل، لكن الفرق أين؟ أن المؤمن مدعومٌ من الله تعالى قطعاً، ‏‏كيف؟ كما يقول: ” إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ”. طيب إذا نتحدث عن السُّنن الإلهية، من ‏‏المفترض أن يكون واحد مقابل واحد، وإذا كانوا اثنين يغلبون واحد؟ قال: لا، أنت بإيمانك، بقناعاتك، ‏‏بارتباطك بمحمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، بحفاظك على دماء الشهداء، بإعارة ‏‏جمجمتك لله تعالى، قال: الواحد بعشرة، ‏”إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ”‏، معناها عشر ‏‏أضعاف. من أين جاءت تسعة أضعاف؟ هل جاءت من البنية الجسدية؟ لا، بل جاءت من البنية المعنوية، ‏‏جاءت من الدعم الإلهي، جاءت من التسديد الإلهي الذي لا نعرف كيف يأتي، وكيف يحصل، وكيف يتم.‏
أنا أقول لكم، الشباب الذين كانوا موجودين على الحافة الأمامية يقاتلون في معركة “أولي البأس”، إذا تعرف ‏‏عددهم كم مع خمس فرق إسرائيلية فيها سبعين ألف جندي، تقول: معقول هذا العدد القليل الذي هو عبارة ‏عن ‏مئات يستطيع أن يصمد أمام خمسة وسبعين ألفاً معهم كل الإمكانات وكل القدرات؟ أنا أقول لكم لماذا: ‏لأنهم ‏أعدّوا العدّة وأعاروا جماجمهم لله تعالى، فكانت النتيجة أن الله تعالى سدّدهم. تقول لي: كيف سدّدهم؟ أنا ‏لا ‏أعرف، الله له طرقه في التسديد، يرسل ملائكة، يعطي معنويات كبيرة، يجعل معنويات العدو منهارة، ‏يُدخل ‏عوامل إضافية نحن لا نعلمها، الله يعلمها، ليس لنا علاقة بكيفية دعم الله تعالى، لكننا مطمئنون أن الله ‏معنا، ‏وأن الله ينصرنا، وأن نصرنا في كل مرحلةٍ هو نصر إلهي، لأن السنن الإلهية من عنده، والدعم من ‏عنده.‏
إذا افترضنا في مرحلة من المراحل كُنا نتوقع نصراً بشكل معين ولم نحصل عليه، فلننظر إلى السبب، يمكن ‏‏أن يكون السبب نقص في إمكاناتنا، يمكن أن يكون السبب قوة غير متكافئة بشكل كبير جداً، يمكن أن يكون ‏‏مطلوباً أن نعمل شيئاً إضافياً، نُعيد حساباتنا في بعض الأمور، هذا أمر طبيعي. وعندما ننتصر بشكل مباشر ‏‏حتى على المستوى المادي، هذا يعني أن كل شيء نحن قد أَمَّناه بشكل طبيعي، والله عز وجل أعطانا ‏‏الإضافات الكثيرة التي لا يمكن أن نُحققها إلا بدعم من الله.‏
ماذا قال الله عز وجل لأهل بدر؟ ” وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ”، يعني أنتم ضعفاء، لا تقدرون ‏‏بإمكاناتكم وحدها، ثلاثمئة وثلاثة عشر مقابل تسعمئة وخمسين مع أسلحة وإمكانات، يعني كان واحد مقابل ‏‏ثلاثة، مع عدم التكافؤ في الإمكانات، لا ندري كم هو الفرق، لكن عندما يقول: ‏”إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ ‏‏صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ”‏، يعني 313 قبل أن يبدأوا صاروا 3130 من حيث القوة المادية المباشرة، الآن ‏أنزل ‏الله ملائكة ودعم وأعطى، هذه أمور أخرى، لكن في النهاية نصرهم الله تعالى لأنهم قدموا ما عندهم، ‏وكان ‏النصر حليفاً لهم.‏
نحن دائماً نقول إن أي نصر يحصل معنا هو نصر إلهي، لماذا؟ لأن السُّنة إلهية، ولأننا حقيقةً نشعر أن هناك ‏‏إضافات تحصل للمؤمنين لا يمكن أن تحصل لغير المؤمنين، ولا يشعرون بها.‏
كُنت أقرأ بعض التقارير القديمة عن فترة انسحاب إسرائيل سنة 2000، انتصار 2000. سألوا بعض ‏الجنود ‏الإسرائيليين: كيف كانت تكون المعارك؟ قالوا: يا أخي، مرات كنا نشعر أن هناك أناساً راكبين على ‏خيل ‏ويركضون وراءنا ويلاحقوننا. من أين ظهر هذا الخيل؟ لا أعرف. هل هو متوهّم؟ هل ظهر له ‏الخيل فعلاً؟ ‏هل الله عز وجل أرسلهم؟ لا علاقة لنا بذلك، هذا جزء من النصر الإلهي، لا تدخلوا في هذه ‏التفاصيل. المهم ‏أن نقتنع بأننا منصورون من الله تعالى، والله عز وجل لا بد أن ينصر المؤمنين، “وَكَانَ حَقًّا ‏عَلَيْنَا نَصْرُ ‏الْمُؤْمِنِينَ”.‏
أما الابتلاءات التي تُصيبنا في هذه الدنيا، هي الحياة الدنيا كلها ابتلاءات؟ يعني أنت تريد أن تربح ‏وتنجح ‏بدون اختبار؟ بدون امتحان؟ هذه امتحانات، اختبارات. نُبتلى في مكان، ننجح في مكان، نمرض في ‏مكان، ‏نتأذى في مكان، نُشفى في مكان، نرتفع في مكان، وهكذا. هذه كلها ابتلاءات في الحياة الدنيا، إلى ‏درجة أن ‏الله تعالى قال للمؤمنين: ” أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ ‏الْبَأْسَاءُ ‏وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ”.‏ أي لا تخف، ‏في النهاية أنت منصور، لأن طريقتك صحيحة، مسارك صحيح، إمكاناتك التي تعمل بها ‏صحيحة، عليك أن ‏تصبر. في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إن النصر مع ‏الصبر، والفرج مع ‏الكرب، وإن مع العسر يسراً”. عليك أن تطيل بالك، ليست الأمور دائماً تحصل بالتوقيت ‏الذي تراه مناسباً، ‏التوقيت دعه لرب العالمين، أنت اعمل ما عليك، المهم أن تؤدي تكليفك.‏
من هنا، عندما نَنظر إلى نهضة الإمام الحسين عليه السلام وما فعله في كربلاء، ماذا نستنتج؟ نستنتج أن ‏‏الإمام الحسين عليه السلام حقق الموقف، وقام بكل المتطلبات من أجل الذهاب إلى كربلاء، يعني من المدينة ‏‏المنورة قال: “إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله”، ولم يَقبل أن يعطي البيعة. فإذاً هذا ‏‏الموقف على المستوى الشخصي، ذهب إلى مكة المكرمة، فجاءته الكتب تقول: إننا حاضرون لنكون معك. ‏‏فإذاً صار مكلفًا أن يقود الجماعة، لأن الجماعة حاضرة لتخوض غمار الحرب أو تخوض غمار الثورة ‏‏والانقلاب والمواجهة للحاكم. اتجه إلى كربلاء على قاعدة أنه يريد أن ينصر الجماعة الذين أعدّوا العدّة ‏‏وقالوا: نحن حاضرون. اشتغل بسعي بشكل طبيعي، وعمل كل الإجراءات اللازمة.‏
هناك أمر لا يلتفت إليه البعض أثناء الاطلاع على السيرة، عندما وصل الإمام الحسين (ع) إلى كربلاء، ماذا ‏‏حصل؟ بعد أن أنهى صلاة العصر، اتجه إلى القوم وخطب فيهم، وقال لهم في نهاية الكلمة: “فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا ‏‏الْكَرَاهِيَةَ لَنَا وَالْجَهْلَ بِحَقِّنَا، وَكَانَ رَأْيُكُمُ الْآنَ غَيْرَ مَا أَتَتْنِي بِهِ كُتُبُكُمْ وَقَدِمَتْ عَلَيَّ بِهِ رُسُلُكُمْ انْصَرَفْتُ ‏‏عَنْكُمْ…”.‏ قال: إذا لا تريدونني، فأنا أرجع. لمن قال ذلك؟ للحر الرياحي والجماعة الذين معه، الذين جعجعوا ‏به. قال ‏لهم: إذا لا تريدونني، أنا أرجع. لماذا؟ لأن الإمام الحسين عليه السلام أدرك أن الجماعة الذين بعثوا ‏الكتب لم ‏يعودوا يريدون القتال، فإذًا ارتفعت عنه مسؤولية أن يقاتل مع الجماعة.‏ قال لهم: إذا لا تريدونني، ‏أنا أرجع. ماذا قال له الحر؟ قال له: لا، أنا هذه الكتب لم أسمع بها، وأنا مأمور بأن ‏آتي لأوقفك في هذا ‏المكان، ولا أملك معلومات أخرى.‏
عندما رأى الإمام الحسين عليه السلام أنه لا يسمح له بالمغادرة، قال لجماعته: “الموت أدنى من ذلك”. يعني ‏‏أنني لا أستطيع أن أُوافق معه على أن أُسلَّم، لأن هذا الرجل مأمور بأن يُجعجع على قاعدة أنه في النهاية يريد ‏‏أن يأخذ موقفًا حتى يُبايع الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه. الإمام الحسين لم يُبايع. إذاً بذل الإمام كل ‏‏الجهود حتى لا يصل إلى المعركة، لأنه في هذه اللحظة وجد أن القوم قد تراجعوا.‏
حسنًا، موقفه موقف ثابت بأنه لا يُبايع يزيد، إذا تعرّض له يزيد بشكل مباشر سيواجه، وإذا تعرّض له ‏‏الجماعة سيواجه. فإذًا، هو ذهب إلى كربلاء مقاتلًا، مدافعًا، مواجهًا، من أجل إعلاء الحق، ومن أجل عدم ‏‏إعطاء الموقف الذليل لهذا الإنسان الطاغية.‏
هنا لفتني كلام للإمام الخميني (قدس الله روحه)، لأن كثيرًا من الناس يناقشون هل ذهب الإمام الحسين عليه ‏‏السلام إلى كربلاء ليستشهد؟ هذا ليس هو الهدف، الهدف عند الإمام الحسين كان مختلفًا. ما هو الهدف؟ الإمام ‏‏الخميني يقول لم يكن يريد الإمام الحسين عليه السلام أن يجرّب ويجازف في تحركه ليعلم هل ينجح أم لا، أي ‏هو ذهب وهو يعلم أن هناك من أرسل له كتبًا، ويريد أن يذهب كي يُلبّيهم، لم يذهب على أساس أنه ‏‏ينجح أو ‏لا، لا، بل إنه كان قد تحرك ليتسلم زمام الحكومة، وهذا مبعث فخرٍ له ومدعاة افتخار.‏ والذين يتصورون أن ‏سيد الشهداء لم ينهض لأخذ زمام الحكم، مخطئون. فسيد الشهداء إنما جاء وخرج مع ‏صحبه لتسلُّم الحكم، ‏لأن الحكومة يجب أن تكون لأمثال سيد الشهداء وأمثال شيعته.‏
إذًا هدف الإمام الحسين (عليه السلام) ليس أن يذهب ليستشهد، كلا، بل إن هدف الإمام الحسين هو تحقيق ‏‏الإصلاح في الأمة لِتلبية نداء الجماعة الذين قالوا نحن حاضرون لنكون في قيادتك حتى تُحدث التغيير ‏‏المناسب.‏
من هنا، عندما يُركّز إخواننا دائمًا على أن “أنا حاضر أن أُستشهد”، البعض يقول: “ما بالكم تحبون الموت؟ ‏‏يعني ذاهبون للموت؟” لا يا أخي، لا، هذا الاستشهادي هو شخصٌ لا يهاب الموت، بل يتمناه، لكن عزيزًا في ‏‏الموقف، أو أن يعيش حياةً عزيزة، لذلك مثلًا الشباب الذين يخرجون ليقاوموا ويعملوا مباشرة في المواجهة، ‏‏لماذا يقاومون كل هذه الفترة؟ حسنًا، إذا أراد أحدهم فقط أن يُستشهد في سبيل الله تعالى، فهناك فرصة ليُقتل. ‏‏لا، لا، هو يقاتل حتى يبقى على قيد الحياة عزيزًا، فإن جاء أجله، جاء أجله وهو في حالة استشهاد، وهذه ‏‏هي العزة الحقيقية التي يريدها.‏
نتحدث اليوم عن واقعنا السياسي، وعما قام به حزب الله خلال هذه الفترة، منذ 8 تشرين الأول سنة 2023، ‏‏قام حزب الله بمساندة أهل غزة وأهل فلسطين الذين أطلقوا طوفان الأقصى لِيحرروا أرضهم ويحرروا ‏‏أسراهم.‏ المساندة التي قدّمها حزب الله كانت مساندة واجبة وضرورية، لأنها أولًا منسجمة مع تربيتنا ‏وقناعتنا أن ‏نكون مع الحق وأنصار الحق، ونُواجه عدوًا واحدًا هو الكيان الإسرائيلي، وهذا الكيان الإسرائيلي ‏يُريد أن ‏يضرب المقاومة ويُنهي حضورها ووجودها. فإذًا لا بد أن نتكاتف ونتآلف ونقوم بما نستطيع من ‏أجل درء ‏هذا الخطر.‏
قُمنا بعملية المساندة التي هي واجب أخلاقي وسياسي ومبدئي، ومع الحق. وأيضًا في الوقت نفسه، لدينا عدو ‏‏مشترك، واقتداءً بتعاليم سيد شهداء الأمة، الذي وقف مُعبّرًا بشكلٍ واضح عن رؤيته ورؤية الحزب تجاه ‏‏فلسطين. فلسطين لن ندعمها بالكلام، بل ندعمها بالعمل، وإذا استطعنا أن نقدم شيئًا، لا بد أن نقدمه، فكانت ‏‏المساندة. لكن الذي حصل هو أن إسرائيل التي كانت تخطط سابقًا لحرب على حزب الله، وجدت أن هذا ‏‏التوقيت، توقيت أيلول سنة 2024، هو توقيت مناسب لِبداية حرب على حزب الله، تبدأها بقتل القيادة في ‏‏صفوفها الأولى والثانية، وعلى رأسهم سيد شهداء الأمة السيد حسن (رضوان الله تعالى عليه)، والسيد ‏الهاشمي ‏‏(رضوان الله تعالى عليه)، وكذلك تقوم بضربة من خلال البايجر لآلاف من الشباب، فَتُخرجهم من ‏المعركة، ‏وأيضًا تضرب القدرات، فتُبطل القدرة الموجودة، وتكون قد حققت ثلاث غايات معًا: أولًا، قتلت ‏منظومة ‏القيادة والسيطرة. ثانيًا، آذت وجرحت وقتلت عددًا بالآلاف من المجاهدين المقاومين. ثالثًا، ضَربت ‏القدرة، ‏وبالتالي ستكون النتيجة الطبيعية من الأيام الأولى إنهاء حزب الله وإنهاء مقاومته بشكل كامل. هذه ‏هي ‏الفكرة، وهذا هو المشروع. وعلى كل حال، الذي يرى التحليلات بعد “أُولي البأس” يستطيع أن يرى ما ‏الذي ‏يقوله الإسرائيلي، وكيف كان المشروع الذي كان يسير فيه.‏
عطاءات الشهداء أعطتنا زخمًا ومعنويات، عطاءات الجرحى جعلتنا نعيش حالةً من المسؤولية أكبر، التفاف ‏‏الناس وقوة الصمود وتحمل النزوح كان عنوانًا من عناوين القوة والمعنويات. ولِأقولها لكم من آخرها، لماذا ‏‏صمد هذا الحزب؟ لماذا رفع رأسه من جديد؟ لماذا وقف مجددًا؟ لأن سيد شهداء الأمة (قدّس الله روحه) ‏‏أمضى عشرات السنين مع إخوانه وأحبّائه يبنون، وهذا البناء وصل إلى درجة عظيمة من القوة والسعة ‏‏والإمكانات والإعداد، ما يجعل هذه التضحيات التي قُدمت على عظمتها، لا تمنع من الاستمرارية، في حال ‏‏انطلق الإخوة مجددًا ولم يستسلموا للواقع القائم.‏ والحمد لله، هذا ما حصل. سارعت الشورى إلى انتخاب أمين ‏عام جديد، وتمّ ملء مجموعة القيادة والسيطرة ‏بِنوّابهم أو بأفراد آخرين، واستعادت منظومة العمل الجهادي ‏قدرتها وقوتها، وصمد الشباب في المحاور ‏الأمامية بشكل منقطع النظير. لذلك، عملية “أُولي البأس” ‏استمرت 64 يومًا، وطلب الإسرائيلي أن تتوقف ‏على قاعدة الصمود والقدرة والمواجهة والاستمرارية.‏
عندما كُنّا نقول الحمد لله تعالى نصرنا الله تعالى، نصرنا بالاستمرارية، نصرنا باستعادة المبادرة، لا ‏بالنصر ‏المادي المطلق الذي يكون ميدانيًا على الأرض. ليس معنا نصر مادي مطلق، صحيح، لكننا استطعنا ‏أن ‏ننهض مجددًا، وأن نُعطي التعبير القوي في أننا بقينا حتى اللحظة، لحظة وقف إطلاق النار، صامدين، ‏‏ثابتين، نضرب العدو ضربات مؤلمة ونُؤذيه ونُوجعه.‏
والحمد لله، بعد ذلك، ظهر من خلال التشييع الاستراتيجي أن هذه الجماهير مُلتحمة، مُتراصة، مستمرة. ومن ‏‏خلال انتخابات البلدية أيضًا، تبين أننا مجموعة مترابطة، حركة أمل، حزب الله، كل هذا المكون مع كل ‏‏الحلفاء قوة حقيقية متماسكة. إضافة إلى المشهد التاريخي حيث خرج الناس إلى القرى الأمامية وتصدّوا ‏‏بِصدورهم للاحتلال الإسرائيلي لِيعودوا إلى قراهم.‏
هذه علامات قوة، علامات انتصار، علامات استمرارية بِحمد الله تعالى، بِبركة التضحيات استطعنا أن ‏‏نصل إلى هذه النتيجة، لأنه أيضاً كان يومذاك الاستمرار عبثًا، قَتل وقَتل مضاد، لكن من دون فائدة. فإذًا، ‏‏وصلنا إلى الاتفاق الذي عقدته الدولة اللبنانية مع الكيان الإسرائيلي بِطريقة غير مباشرة ووافقنا عليه. هذا ‏‏الاتفاق هو مرحلة جديدة.‏
يعني أنا أُحب أن أقول لِهؤلاء الذين يتفلسفون دائمًا ويقولون لنا: أنتم تحرّشتم بإسرائيل! يا ‏أخي، تحرّشنا ‏بإسرائيل، وفعلنا شيئًا لم يعجبكم، وصلنا إلى الاتفاق، هذا الاتفاق خلق مرحلة جديدة اسمها ‏‏”مسؤولية ‏الدولة”، مفروض الآن، من الآن فصاعدًا، أن نقول هذا الاتفاق، من يطبقه ومن لا يطبقه؟ ‏تُحاكموننا على ‏هذا الأساس.‏ الحمد لله، نحن نفذنا الاتفاق بالكامل، لا يستطيع الإسرائيلي أن يجد علينا ثغرة واحدة، ولا ‏الأميركي، ولا أحد ‏من الداخل يستطيع أن يجد ثغرة. الآن لا يقولون لنا مثلًا: لماذا لا يُطبّق الاتفاق في ‏الداخل؟ لا، بل يقولون ‏لنا سلّموا السلاح! يا جماعة، هل هناك أحد عنده عقل ويُفكر بشكل صحيح؟ نحن في ‏قلب معركة التزمنا ‏فيها بالاتفاق بشكل كامل، ولم يخطُ الإسرائيلي خطوات، ولو في المقدمات، ولم يُطبّق ‏الاتفاق، ونأتي لِنقول عوامل القوة التي كانت بين أيدينا، والتي كانت تُخيفه، والتي كانت تُؤثر عليه، والتي ‏أجبرته ‏على الاتفاق، نُزيلها، بينما الإسرائيلي ما زال موجودًا ولم ينفّذ ما عليه! أنتم، بماذا تفكرون يا أخي؟ ‏فيقولون ‏لك نحن لا علاقة لنا، لا علاقة لكم، لماذا؟ لأنكم لستم مستهدفين! لا علاقة لكم لأنكم تُنسقون مع ‏الإسرائيلي! ‏فماذا نقول عنكم؟ قولوا لنا؟ هل تُريدون إعمار البلد؟ لماذا لا تذكرون كيف أن هذه المقاومة، ‏لمدة أكثر من ‏أربعين سنة، حررت، واستطاعت أن ترفع رؤوس العالم جميعًا، وأخرجت إسرائيل غصبًا ‏عنها، ويئست ‏إسرائيل من إمكانية بناء المستوطنات في لبنان؟ ألا تذكرون هذا؟ هذا التاريخ الشريف، النبيل، ‏العظيم، وما ‏زلنا قادرين. اصبروا، فالأمور تتغير وتتبدل.‏
ولذلك نحن التزمنا بالاتفاق، والإسرائيلي لم يلتزم. وهنا أعتبر أن العدوان الذي يحصل، والخروقات التي ‏‏تحصل، مسؤولية على الدولة اللبنانية، العدوان على النبطية، على المرأة والناس، العدوان على من يعمل في ‏‏سلك الصيرفة، كل هذه الأمور، حتى العدوان على أي مواطن في الجنوب، هو عدوان مرفوض مئة بالمئة، ‏‏وهذا يجب ألا يكون. على الدولة أن تضغط، على الدولة أن تقوم كل واجبها.‏
يجب أن تعرفوا أن هذا أمر لا يمكن أن يستمر، هي فرصة، الآن يقولون وكم هي الفرصة؟ نحن نُحدد ‏كم هي ‏الفرصة، لكن هل تتصورون أننا سنبقى ساكتين إلى أبد الآبدين؟ لا، هذا كله له حدود، نحن جماعة ‏الحسين، ‏نحن من الذين يقولون: “هيهات منّا الذلّة”، ماذا تظنون؟ جرّبتمونا، وتريدون أن تجربونا مجددًا؟ ‏جرّبوا!‏ ‏نحن لا نتحدث عبثًا، نحن نتحدث ونحن نعرف لماذا نتحدث. اطلعوا من قصة لا تعطوا ذرائع لإسرائيل، لا ‏‏أحد يعطي ذرائع لإسرائيل، إسرائيل نفسها احتلّت 600 كم² من سوريا، ولم تكن هناك ذرائع، دمّرت كل ‏‏القدرة، ولم تكن هناك ذرائع، اعتدت على إيران، ولم تكن هناك ذرائع. والآن أقول لكم: كلما كانت هناك ‏‏جهة ضعيفة، هذا يعني أن إسرائيل ستتوسع وتأخذ كل شيء على مستوى الحجر والبشر والإمكانات ‏‏والقدرات. هذا لن يكون معنا، نحن أبناء “بين السلة والذلة، وهيهات منّا الذلة”. يقولون لنا: هل أنتم قادرون ‏‏على الإسرائيليين؟ نعم، نحن قادرون على الإسرائيليين، عندما نكون مخيّرين، لا نملك إلا خيارًا واحدًا. ‏‏عندما يكون عندنا خيار العِزّة، يعني أننا نُواجه. فيقولون لك: إذا واجهتم، هل تربحون؟ نعم، نربح. ‏كيف ‏تربحون؟ لاقونا، تعالوا لملاقاتنا حتى تروا كيف نربح، إن شاء الله تظنون أننا مثل حكايتهم نحسبها ‏على القلم ‏والورقة؟ لا، نحن نقول: نقوم بواجبنا، نقف في الميدان، ندعو الله تعالى ونتوكل عليه، فيُرسل ‏ملائكته معنا ‏وننجح بإذن الله تعالى، إن لم يكن في اليوم الأول ففي الثاني والثالث، إن لم يكن في الشهر الأول ‏ففي الثاني ‏والثالث، إن لم يكن بأيدي بعضنا، فهو بأيدي البعض الآخر، لكننا دائمًا فائزون: بالنصر أو ‏الشهادة.‏
لا أحد يمزح معنا، لا أحد يلعب معنا، لا أحد يقول أننا نستطيع أن نُخضع هؤلاء. نحن أبناء الحسين، نحن ‏‏أبناء سيد شهداء الأمة، نحن أبناء المعادلة الذهبية بين السلة والذلة: “هيهات منّا الذلة”.‏
أنتهز الفرصة لِأُعزّي القائد العظيم الإمام الخامنئي (دام ظله)، وأُعزّي الشعب الإيراني، والجيش، والحرس، ‏‏والقوى الأمنية، والحكومة، بِالشهداء الأبرار الذين قدّموهم على طريق العزة وعلى طريق الحق، وخاصة ‏‏اللواء سلامي، واللواء باقري، واللواء محمد سعيد إيزدي (الحاج رمضان). والحقيقة، كل هؤلاء مع كثير من ‏‏الشهداء كانوا أصدقاءنا وأحبّاءنا، ودائمًا كان هناك تعامل بيننا وبينهم. لكن أُخصص الشهيد الحاج رمضان، ‏‏الذي عاش بيننا حوالي أربعين سنة تقريبًا، وكان نموذجًا للإنسان المُخلص المُعطاء. ترك بلده وجاء لِيقعد ‏‏عندنا كي يُتابع القضية الفلسطينية، والتسليح، والإمكانات، والقدرات. رحمة الله على الشهيد اللواء الحاج ‏‏رمضان، الذي كان في الحقيقة نموذجًا من النماذج.‏
إن شاء الله نحن سنبقى على الدرب ونُردد الشعار الذي حملناه ” ما تركتك يا حسين”، “ما تركتك يا ‏‏حسين”، “ما تركتك يا حسين”.‏
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏

شارك الخبر

مباشر مباشر

10:10 pm

“سي إن إن” عن مسؤول أميركي: أكثر من 12 قنبلة خارقة للتحصينات أسقطت على فوردو ونطنز

10:08 pm

مروحية اسرائيلية استهدفت بقنبلة حفرة لتصليح السيارات في منطقة “كروم المراح” في ميس الجبل

09:59 pm

مسؤول التنسيق في الحرس الثوري الإيراني: استخدمنا أقل من 5% من إمكاناتنا خلال مواجهتنا مع العدو

09:51 pm

الشيخ نعيم قاسم: نحن قادرون على مواجهة اسرائيل وهزيمتها…علينا أن نعدّ العدّة

09:37 pm

سموتريتش: واثق أن نتنياهو وترامب سيحرران الشرق الأوسط من ارتهانه للقضية الفلسطينية

09:26 pm

حصيلة محدثة جديدة لوزارة الصحة: شهيدان وجريحان في الغارة على محرونة

09:23 pm

“الميادين”: 63 شهيداً ومئات المصابين في قطاع غزة خلال الـ 24 ساعة الماضية

09:20 pm

الجيش الإسرائيلي: حكم العيسى هو آخر القيادات العليا في حماس داخل قطاع غزة

09:09 pm

«بعد انتهاء ولاية والده».. إريك ترامب يلمّح إلى إمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية

08:55 pm

مصدر أميركي لاعلام العدو: مسار إعادة الأسرى يجب ان يسبق وصول نتنياهو إلى واشنطن

08:46 pm

إعلام العدو: آلاف يتظاهرون في تل أبيب ومواقع أخرى للمطالبة بإعادة الرهائن ووقف الحرب

08:45 pm

علي شمخاني مستشار المرشد الإيراني: الإسرائيليون حاولوا اغتيالي لأنني آذيتهم كثيرا

08:33 pm

الخطوط الجوية التركية تستأنف رحلاتها إلى إيران الاثنين

08:31 pm

ارتفاع عدد الشهداء جراء الغارة الإسرائيلية بمسيرة على دراجة نارية في محرونة

08:30 pm

عشرات الآلاف يتظاهرون في بودابست ضدّ سياسة الحكومة المناهضة لحقوق المثليين

08:19 pm

«ليلة خانقة».. فرنسا ترفع «درجة اليقظة» إلى اللون البرتقالي تحسباً لموجة حر شديدة

08:14 pm

سلطنة عمان ترحّب باتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية

08:13 pm

وزارة الصحة: شهيد وجريحان في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت دراجة نارية في بلدة محرونة

08:06 pm

سلام لـ«الشرق الأوسط»: سألتقي الرئيس بري مجدداً بعد أن يتسلم الأخير رداً من حزب الله

08:06 pm

لوبان تحثّ أنصارها للاستعداد لانتخابات تشريعية محتملة

08:02 pm

الهجرة والجمارك الأميركية: اعتقلنا 130 إيرانيا هذا الأسبوع

08:01 pm

جيش الاحتلال الإسرائيلي يزعم اغتيال مسؤول الصواريخ المضادة للدروع لدى حزب الله في بنت جبيل

07:55 pm

مجموعة السبع تعفي شركات أميركية من مزيد من الضرائب خارج البلاد

07:54 pm

أنباء أولية عن ضبط 7 مليون دولار في مطار بيروت الدولي

07:52 pm

قاتل قس أميركي صلباً يبرّر جريمته بـ”أمر إلهي لإنقاذ إسرائيل من الشرّ”

07:46 pm

السفير الايراني في روسيا: سنواصل برنامجنا النووي السلمي

07:45 pm

بروس سبرينغستين يطرح 83 أغنية

07:41 pm

أذربيجان تحتجّ على مقتل اثنين من مواطنيها بعملية أمنية وسط روسيا

07:41 pm

مفاوضات مرتقبة بين أميركا وإيران…خلال الأيام القليلة المقبلة؟

07:34 pm

فياض: منفتحون على التعاون مع الدولة في مناقشة الاستراتيجية الدفاعية بعد تنفيذ الإسرائيلي انسحابه

07:33 pm

الكنيسة الأرمنية تطالب يريفان بالإفراج الفوري عن رئيس الأساقفة المعتقل

07:22 pm

معلومات عن سقوط شهيد وإصابات عدة جرّاء الغارة الإسرائيلية على الدراجة النارية في بلدة محرونة بقضاء صور

07:16 pm

مسيّرة اسرائيلية تستهدف دراجة نارية في بلدة محرونة قضاء صور

07:09 pm

تدابير سير بسبب أعمال هدم وإزالة ركام قرب جسر المطار

06:52 pm

مساعد الرئيس الإيراني: اللجنة ستوثق جرائم الحرب وتدمير المناطق السكنية واستهداف البنى التحتية

06:38 pm

عائلات الأسرى الإسرائيليين بغزة: نطالب ترامب بالعمل على وقف الحرب وإعادة المختطفين

06:37 pm

“يديعوت أحرونوت”: لا مؤشرات على مرونة أو تغير في موقفي حماس ونتنياهو بشأن إنهاء الحرب

06:29 pm

“سرايا القدس” تعلن تفجير عبوة في آلية عسكرية اسرائيلية بمدينة غزة

06:21 pm

توقيف شخصَين لارتكابهما جرائم مختلفة وضبط كمية من المخدرات وعدد من المستندات المزورة

06:14 pm

ترامب لـ”فوكس نيوز”: لا أعتقد أن إيران نقلت مخزون اليورانيوم قبل ضرباتنا والقيام بذلك صعب للغاية

الأكثر قراءة