نشرت صحيفة “الصنداي تايمز” البريطانية، مقالاً عن الحرب في أوكرانيا للجنرال السير ريتشارد بارونز القائد السابق لقيادة القوات المشتركة البريطانية.
وتحت عنوان “المعنويات تتردّى مع زيادة خسائر الجيش الأوكراني”، يطالب بارونز الغرب بتزويد أوكرانيا بالسلاح في مواجهة نيران المدفعية الروسية. ويقول الجنرال المتقاعد إن العالم أبدى إعجابه في بداية الحرب الروسية على أوكرانيا ببسالة الأخيرة في مواجهة قوة عظمى وتكبيدها خسائر في ساحات المعارك.
لكن جيش أوكرانيا اليوم يتكبد هو الآخر خسائر فادحة في محاولاته صدّ جحافل المعتدين الروس، بحسب بارونز الذي يشير إلى أن الأنباء الواردة من منطقة دونباس شرقي أوكرانيا تقول إن الأوضاع متردية، وإن الأوكرانيين يخسرون إلى جانب الأرض، نحو 60 إلى 100 جندي يوميا.
وفي ظل هذه الأنباء، يخشى البعض من أنّ الانتصارات التي أحرزتها أوكرانيا حول كييف وخاركيف قد تُمسي تاريخا؛ لا سيما وأن نحو خُمس أوكرانيا اليوم أصبح خاضعا “للاحتلال الروسي “.
ويشير الجنرال البريطاني إلى أن أوكرانيا كانت قد نشرت قبل بداية الحرب حوالي 30 ألفا من جنودها في منطقة دونباس، لكن الآن أصبح معظم المدافعين عن الجبهة الأوكرانية متطوعين بينهم معلمون وسائقو سيارات أجرة، بلا أية خبرة قتالية.
ويؤكد بارونز أن معنويات هؤلاء المتطوعين الأوكرانيين للدفاع عن بلدهم تتردّى؛ لا سيما مع تكثيف القادة العسكريين الروس قصفهم بنيران المدفعية الثقيلة. وهنا يشير الجنرال المتقاعد إلى أن القذائف الروسية التي يبلغ قطرها 152 ملليمترا وتزن الواحدة منها حوالي 52 كيلو غراما تستطيع نشْر شظايا في نحو ثلاثة آلاف قدم في ثانية واحدة، وهو ما يكون قاتلا في محيط 50 إلى 100 ياردة على نحو لا يمكن معه لأي منزل أو مركبة غير مصفحة أن تحمي من شظايا تلك القذائف.
وفي ظل ذلك، يقول بارونز، إن الشعور بالعزلة وتراجُع اليقين يعصف بأكثر القلوب جسارة، علاوة على أن القصف الروسي المستمر والعشوائي يجعل من كل حركة خطرًا على حياة صاحبها، كما يشلّ عمليات نقل المصابين من ساحات المعارك فضلًا عن إدخال المؤن والتعزيزات.
ويرى الكاتب أن الجنود النظاميين يمكنهم بدرجةٍ ما أن يتعاملوا مع تلك الأوضاع بخلاف المدنيين الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لحمل السلاح في مواجهة عدوان خارجي – تماما كما حدث للمواطنين البريطانيين الذين تطوعوا مع “جيش كتشنر” عام 1915 ووجدوا أنفسهم على الجبهة.
ويرى الجنرال بارونز أيضا أننا إزاء لعبة “ديناميات قاسية” تقدم فيها أوكرانيا أراضٍ وضحايا في مقابل استنزاف قوى الروس وكسْب الوقت في انتظار إمدادات الأسلحة القادمة من الغرب في محاولة لمكافأة قوة المدفعية الروسية سواء في المدى أو القدرة التدميرية.
ويشير بارونز الى أن ثمة ارتباطا مباشرا بين إرادة الأوكرانيين مواجهة النيران الروسية وإرادة الدول الغربية تزويد الأوكرانيين بالسلاح اللازم لمعادلة القوة المعادية. وإذا سلّمنا بإرادة الأوكرانيين مقاومة الروس، فإن هذه الحرب ستنتهي إما بيأس الروس أو بيأس الغرب من الأوكرانيين، حسبما يرى الجنرال بارونز الذي يطالب الغرب بتزويد الأوكرانيين فورًا بمدفعية طويلة المدى.
وفي ذلك، يؤكد الجنرال البريطاني المتقاعد أهمية قرار بلاده وكذلك الولايات المتحدة تزويد الأوكرانيين بمنصات إطلاق صواريخ يصل مداها إلى 50 ميلا. ويشدد على أهمية تزويد أوكرانيا كذلك بإمدادات كبيرة من المقاتلين ذوي الدافعية العالية، هذا بالطبع في ظل قيادة ماهرة.
ويرى أن تكلفة ذلك على الغرب مهما بلغت هي أقل من تكلفة التخلي عن أوكرانيا أمام “عدوان مسلح” على تخوم أوروبا، وهي التكلفة التي “لن تقف عند حدّ إزكاء الطموح التوسعي الروسي، وإنما ستمتد إلى إرسال رسالة حول عالمنا المضطرب مفادها أننا لا نقف للدفاع عن قيمنا”.
وللقادة الأوكرانيين الآملين في إخراج الروس من بلادهم، يقول بارونز: “يجب أن تدركوا أن هذه ليست مجرد حرب برية وجوية، وأن كسْر الحصار الروسي على ساحل البحر الأسود يعدّ واجبًا استراتيجيا – لا تنحصر أهميته في مسار الحرب اليوم، وإنما تتجاوز ذلك إلى تزويد مئات الملايين من البشر الذين يقبعون في أجزاء هشّة من عالمنا في انتظار حبوب الغذاء الأوكرانية”.