خاص المدى جنان جوان أبي راشد
قرار وزارة المال الرقم 114 الذي صدر أخيراً والمكمّل للقرار 893، ما زال يثير ردود فعل شاجبة بين التجار والاقتصاديين.
القراران يتكاملان، وينصّان على تسجيل العمليات التجارية بالعملة الاجنبية في سجلات المؤسسة، بتكلفة الحصول عليها بالليرة وذلك وفقاً للقيمة الفعلية بتاريخ حصول تلك العملية.
لكن الأهم هي الانعكاسات على المواطن العادي وعلى أسعار السلع المستوردة؟
المسألة تعني عملياً أنه سيتمّ استيفاء الضرائب والرسوم بالليرة لكن بحسب سعر الدولار في السوق السوداء، أي انه سيتمُّ استيفاءُ الTVA المفروضة على كل ما هو مستوردٌ بالليرة ولكن وفق قيمتها في السوق السوداء، بحسب الخبير المالي والاقتصادي لويس حبيقة الذي شرح المسألة في حديث ل “المدى”، لافتاً الى أن تطبيق الامر سينعكس زيادةً على الTVA بنسبة خمسة أضعاف، بما سينعكس بالتالي وبالقيمة نفسها على المستهلك اللبناني.
ويشير حبيقة الى أن ما استدعى هذا القرار هو تراجع ايرادات الدولة اللبنانية من ضرائب ورسوم، بعد الانكماش الحاصل والخسائر التي تتكبدها الشركات، لافتاً الى أن الدولة عليها تأمين الرواتب والأجور لموظفيها وتحاول زيادة ايراداتها. واعتبر انها بهذا القرار ستحقق زيادة في ايراداتها من خلال الضريبة على القيمة المضافة TVA بنسبة خمسة أضعاف. وشرح الامر كالتالي: إن ال TVAعلى أي سلعة ثمنها 100 دولار هي 11%، وكان يتم احتساب ال100 دولار بقيمة 150 ألف ليرة عندما كان الدولار ب1500 ليرة.
ويضيف حبيقة: أما اليوم وبعد القرارين المذكورين فإنه سيتمّ استيفاء 11% على أي سلعة ثمنها 100 دولار وفق الدولار في السوق السوداء الذي لامس ال9000 ليرة. ويتابع: بمعنى أن ال TVAسترتفع حوالى خمسة أضعاف عن السابق، اذ إن ال100 دولار حالياً توازي حوالى 900 ألف ليرة في السوق السوداء، وسيتم استيفاء 11% على ال900 ألف ليرة وليس على 150 ألف ليرة.
ويوضح حبيقة أن هذا الأمر محصورٌ بالسلع المستوردة، ومن البديهي أن التاجر سيحمِّلُ هذه الأعباء للمستهلك اللبناني، وسينعكس ذلك زيادةً على الTVA بنسبة خمسة أضعاف.
هل الموضوع قانوني؟
يقول حبيقة إن الموضوع غير منطقي أكثر منه غير قانوني، لان القانون غير واضح في هذا المجال، إلا أن الرسالة التي يبعث بها هذا القرار سيئة جداً بحسب حبيقة، الذي يرى أن الدولة تعترف من خلاله بالسوق السوداء وبأن سعر الدولار لم يعد 1500 ليرة.
ويرى حبيقة أن على الدولة إما الاعتراف بالسعر الرسمي 1500 ليرة للدولار الواحد، أو أن تعتمد سعر المنصة 3900 ليرة كسعر رسمي لعملية الفوترة، أو أن تلجأ لاعتماد السوق السوداء كسوق رسمي وتعلن عن ذلك رسمياً، لذلك فإن الموضوع غير منطقي كما يقول حبيقة.
واذ يؤكد حبيقة أنه لا يبرّر صدور هكذا قرار، يلفت الى أنه يأتي بدلاً من أن تواصل الدولةُ الاقتراضَ من مصرف لبنان، أو أن تستمرَّ في عمليات طبعِ العملة الوطنية، مع ما يستتبع ذلك من انهيارٍ في قيمة الليرة.
وفي حين يقول خبراء دوليون إنّ على لبنان أن يبدأ تطبيق معايير المحاسبة الدولي IAS29لان اقتصاده يعاني التضخم المفرط، وعلى الدولة ان تأخذ في عين الاعتبار القيمة الفعلية لعملتها المتدهورة. يعتبر خبراء اقتصاديون أنه في ظلّ تقلّبات سعر الصرف، سيؤدي القراران الى مزيد من الفوضى في الاسواق، من دون تأكيد انعكاساته على النشاط الاقتصادي الذي يمكن أن يتجه الى مزيد من الانكماش وسط غياب الخطط الاقتصادية الاصلاحية.