الكتاب على أنواعه بات في متناول القارئ العربي في أي مكان في الدول العربية وقريبا في أوروبا.
في زمن «هجرة الورق»، تسير مبادرة لمجموعة يقودها البيروتي هادي بكداش «عكس السير»، بولوج عالم تسويق الكتب وتوزيعها بعد تأمين الجديد والنادر منها من دور النشر، واعتماد خدمة التوصيل بالبريد او «الدليفري» في كل بلد.
مجموعة من أربعة أفراد أطلقت مشروع توزيع الكتب «بوك بوست» في أغسطس 2014، ثم رفعت وتيرة أعمالها معتمدة على الترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ففتحت أمامها أسواقا عدة في كل الدول العربية، لاسيما السعودية والكويت «وقريبا نستعد للعمل في أوروبا بعد إنجاز معاملات قانونية تخولنا التوزيع».
يقر بكداش بأن العمل يسير في شكل جيد «على رغم ما طالعنا في لبنان من ظروف في العامين الماضيين (احتجاجات 17 أكتوبر 2019 غير المسبوقة، وتفشي وباء كورونا)، وانعكاس ذلك تراجعا في موضوع الكتب العربية الجديدة». وعاد بالذاكرة الى قبل انهيار العملة الوطنية (الليرة)، مشيرا «الى صعوبات واجهها القارئ اللبناني والعربي عموما، بعدم وفرة مدخوله لتمكينه من شراء الكتب».
مبادرة جديدة أطلقتها المجموعة تتلاءم والظروف المادية، عنوانها «الكتاب من إيد لإيد»، اي تبادل الكتب المستعملة بأسعار تتناسب وارتفاع أكلاف الكتب الجديدة. مبادرة تلقى رواجا وإقبالا، والحجز يتم «اونلاين» بعد عرض الكتاب على حساب المجموعة على وسائل التواصل.
ولعل سر نجاح المشروع يقوم على تأمين ما يعتبر نادرا من إصدارات قديمة، كأعمال الكولومبي غابريال غارسيا ماركيز بطبعاتها الأصلية مثلا. وتصر المجموعة على احترام الحقوق «ذلك ان مؤلفين عدة يعتاشون من انتاجهم في غياب بدائل، وانتصارا لاستمرار طباعة الكتب وحماية دور النشر»، في خطوة هدفها مكافحة «القراءة الرقمية».
تتخذ المجموعة من شارع محمد الحوت في منطقة رأس النبع البيروتية مقرا لها، حيث تملك مستودعا لتخزين الكتب، وينشط أفرادها في تأمين اتصالات عربية مع شركاء لتأمين كتب من بعض البلدان وتولي إيصالها مباشرة الى طالبيها، وتضع نصب أعينها «إثبات الوجود لدى الجاليات العربية في دول الاتحاد الأوروبي».
ويقر بكداش بمواجهة تحديات صعبة: «لطالما اعتقدنا اننا لن نتمكن من الاستمرار، الا ان الإقبال على القراءة كان بمنزلة الريح التي أخذت أشرعتنا الى الوجهة التي نريد».
في لبنان مثلا، تعتمد المجموعة خدمة التوصيل عبر تطبيق «توترز»، الى وسائل أخرى. وحددت تعرفتين رمزيتين احداهما داخل العاصمة (5 آلاف ليرة) والثانية الى كل المناطق (لا تتخطى العشرة آلاف ليرة). وتبقى المشكلة الأساس في تسعير الكتب وفق سعر صرف الدولار الأميركي. ولا يقتصر الأمر على لبنان، ذلك ان دولا عربية عدة تعاني من هبوط أسعار عملتها تجاه الورقة الخضراء. لكن الأمور تسير وتبقى القراءة أقوى في عصر تعاني فيه المطبوعات.
«الكتاب واصل لعندك في الدول العربية وقريبا في أوروبا». لم يعد الأمر مجرد شعار.