اذا كان المسار الرئاسي يشهد بين حين وآخر حراكات محدودة سعياً الى فتح طاقة انفراج فيه، الا انّ هذه الحراكات تدور في حلقة مفرغة، حيث انها لا تتمتع بالقدرة المطلوبة التي تمكّنها من اختراق جدار التعقيدات. وفي هذا السياق يندرج تحرّك رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.
واذا كان رئيس التقدمي قد لخّص الغاية من تحركه، بمحاولة بناء مساحة مشتركة للتفاهم على مرشّح توافقي لرئاسة الجمهورية، لا يشكل استفزازاً او تحدياً لأي طرف، فإنّ مصادر مطلعة على خلفيات تحرّك جنبلاط، تؤكد لـ”الجمهورية” ان انتخاب رئيس للجمهورية يشكل الخطوة الاولى في مسار العلاجات الطويل للأزمة الداخلية، والدافع الاساس الى هذا التحرّك في هذا التوقيت بالذات، هو أنه يستشعر خطراً كبيراً جداً يتهدّد لبنان، من البابَين الداخلي والخارجي.
فخلف الباب الداخلي، تضيف المصادر، إنّ لبنان بوضعه الحالي يعاني انشقاقاً سياسياً واهتراء اقتصاياً ومالياً، وتتبدّى فيه مكامن ضعف مخيفة في كل مفاصله وفقدان تام لعناصر القوة وامكانيات الصمود، وبات يشكل تربة خصبة لأي احتمالات سلبية قد تسري تداعياتها وآثاراها فيه كالنار في الهشيم. وليس خافياً في هذا الاطار، أنّ تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، يُعرّي، او بمعنى ادق، عَرّى لبنان أكثر فأكثر، ويُفاقم المخاطر ويسرّع بالاحتمالات والسيناريوهات السوداء.
اما الباب الخارجي، فإن “الداخل المعطّل والمتصادم، لا يشكل وحده تهديداً للبنان، بل ينبغي على كل الاطراف أن تخرج من زواياها الضيّقة، وتتوسّع في نظرتها الى ما أبعد من الداخل، وقراءة المشهد الخارجي الذي يغلي بالتطورات والتوترات، وبالاعاصير الاقليمية والدولية التي تتكون في اجواء المنطقة، ومن الغباء الاعتقاد ان لبنان قد يكون منعزلاً عن المنطقة وما قد تشهده من تطورات وتداعيات امنية وغير امنية”.