العُملة مُجرّد ورقة، قيمتها بالثقة التي تخلقها. الليرة اللبنانية، المربوطة بالدولار الأميركي، فقدت هذه «الميزة». مجموعة من العوامل، الداخلية والخارجية، الاقتصادية والسياسية، اتّحدت في الأشهر الماضية لتدفع بالدولار صعوداً. كاد السعر يُلامس عشرة آلاف ليرة لبنانية للدولار الواحد، من دون أن يتدخّل «صانعو السياسات» لوضع حدّ له. رغم ذلك، لم ينهَر الهيكل كما جرى منذ مجزرة الرابع من آب. انفجار ينطلق من العنبر الرقم 12 في مرفأ بيروت ليجرف أحياء في العاصمة. المعارضة السياسية لحكومة حسّان دياب تتلقّف اللحظة، لتُسعّر ضغوطها ضدّه، وضدّ المجلس النيابي. «المجتمع الدولي» يمتطي حصانه مُستعدّاً لـ«غزو» أرض محروقة جديدة، يفرض فيها شروطه السياسية ويغتنم منها ما تبقّى. مُتظاهرون يعودون إلى الشارع بعناوين متنوعة. دياب وجد نفسه في «بيت اليَك»، لا حلّ أمامه سوى الاستقالة، بعد أن بدأ الوزراء يتركونه الواحد تلو الآخر. غموض كلّي حول مصير «الدولة» والحُكم. النتيجة؟ انخفاض في سعر صرف الدولار حتى لامس أمس، عتبة الـ6700 ليرة مبيعاً في السوق السوداء، منخفضاً نحو 1500 ليرة في غضون أيام قليلة.