خاص المدى جنان جوان أبي راشد
يقتصر هَمُّ اللبنانيين اليوم على تأمين المأكل والمحروقات والنقل وفاتورة المولّدات والضروريات من طبابة ودواء، فلا رفاهية لهم، فكيف ستكون الأحوال المعيشية إذا ارتفعت أسعار السلع الغذائية بفعل ارتفاع الدولار الجمركي كما يتردّد؟!
القرار لم يَصدر بعد وكلفةُ شراء المواد الغذائية باتت باهظة بسبب انعدام القدرة الشرائية لدى اللبناني من ناحية، وبسبب ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً من ناحية أخرى.
رفعُ سعر الدولار الجمركي ليكون موازياً لسعر دولار منصة “صيرفة” التابعة لمصرف لبنان الذي اقترب من 20 ألف ليرة، بعدما كان وفق دولار 1500 ليرة، هو موضوعٌ مجمّدٌ حالياً بعدما طُرح بقوة في خلال الايام الماضية، وذلك الى حين إعادة مناقشة انعكاساته على أسعار المواد الغذائية، فقد أُعيد الى الدرس في وزارة المال تفادياً لقرار متسرّع يرفع الأسعار بما لا قدرة للبنانّي على التحمّل.
ما هي نسبة ارتفاع أسعار السلع الغذائية المرتقبة في حال انعقد مجلس الوزراء واتُخذ القرار ؟
رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي يشير الى أن لا معادلة حسابية واحدة يمكن اعتمادها، فالموضوع متشعّب وكل منتج من المواد الغذائية مفروضة عليه نسبةٌ مختلفة من الرسوم، فبعض الأجبان المستوردة مثلاً تتراوح نسبة الرسوم عليها بين 5 و25%، في حين أن هناك منتجات عليها رسوم تصل الى 10% من سعرها، والبعض الآخر تصل نسبة الرسوم عليها الى 40%.
ويشرح بحصلي أن هناك أصنافاً معفاة من الرسوم، إلا أنها تخضع للضريبة على القيمة المضافة، وبالتالي باتت خاضعة للرسم النوعي بنسبة 3% من سعرها بقرار اتُخذ في نهاية العام 2019، مثل معلّبات التونة والسردين.
وفي حين يتحدّث بحصلي عن اعتقادٍ سائد في لبنان بأن المواد الغذائية معفاة من الرسوم، يتابع: لقد لفتنا نظر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال لقائنا معه منذ حوالى 3 أسابيع، الى وجود بعض المواد المعفاة من الرسوم وهي: الأرزّ والسكّر والحبوب، إلا أن كلّ المنتجات الغذائية المستوردة المتبقية تخضع إما لرسوم جمركية أو لرسم نوعي، وتتراوح النسبة بين 3% كرسم نوعي، ورسوم جمركية قد تصل الى 40%، وذلك عدا تلك الخاضعة لرسوم نوعية أعلى من 3% بهدف حماية أكبر للصناعات الوطنية.
جرى تأجيل رفع الرسوم الجمركية حالياً
ما نسعى اليه بحسب بحصلي هو أن يجري في الوقت الراهن تأجيل رفع الرسوم الى حين توفير شبكة أمان اجتماعية للّبنانيين، مؤكداً ضرورة أن تفتّشَ الدولةُ عن مصادر إيرادات أخرى للخزينة بفرض ضرائب مباشرة لا تصيب الفقراء والتخفيف عن كاهل المواطن، وذلك بتأجيل رفع سعر الدولار الجمركي بما خصّ المواد الغذائية تحديداً، وخصوصاً خلال فترة الأعياد. واضاف: لقد لمسنا تجاوباً من قبل رئيس الحكومة في ما يتعلق بإعفاء المواد الغذائية وقد أُحيلت المسألة الى وزارة المال، بعدما تقدّمنا بلائحة بالأصناف الخاضعة للرسوم الجمركية، مذكّراً بأن ميقاتي أشار منذ أيام في تصريح له الى أن المواد الغذائية لن تكون مشمولة برفع سعر الدولار الجمركي. وتابع بحصلي مستطرداً وسائلاً عن كيفية استثناء هذه المواد دون غيرها من الرسوم، والطريقة القانونية التي يمكن اللجوء اليها في هذا الصدد، ورأى في الوقت نفسه أن التفتيش عن المخارج من واجب ومسؤولية الدولة.
هناك بلدان عديدة معفاة منتجاتُها من الرسوم الجمركية بفعل اتفاقيات متبادلة، ومنها سويسرا بريطانيا الاتحاد الاوروبي والدول العربية، فهل يمكن أن يَستبدل التجارُ وجهتَهم للاستيراد؟
يجيب بحصلي إن الأمرَ صعبٌ ودونه عقبات، وخصوصاً أن الكثير من منتجات هذه الدول أعلى سعراً، حتى لو كانت معفاة من الرسوم، فضلا عن أن شركاء لبنان التاريخيين في عملية استيراد المواد الغذائية، هي الدول التالية: الولايات المتحدة الصين تركيا الهند تايلاند ودول الشرق الأقصى عامة، مشيراً الى أن ليس بالأمر السهل التفتيش عن أسواق ومنتجات جديدة مناسبة لذوق الشعب اللبناني وقدرته الشرائية.
بعد الحديث عن أن تحديد سعر جديد للدولار الجمركي بات قاب قوسَيْن أو أدنى وسيَصدرُ قرارٌ بشأنه خلال أول جلسة لمجلس الوزراء، جرى تجميدُ هذا المقترح، أولاً، بفعل غياب جلسات الحكومة بسبب الخلاف حول التحقيق في انفجار المرفأ، وثانياً، بانتظار إعادة وزارة المال مناقشة انعكاساته على أسعار المواد الغذائية، وتفادياً لقرار متسرّع يرفع الأسعار بما لا قدرة للبنانّي عليه.