خاص المدى جنان جوان أبي راشد
غداة إقرار مجلس النواب قانون الوكالة الوطنية للدواء، إشاداتٌ واسعة بأهمية الوكالة وبالقانون الخاص بها، لكن ما الجدوى منها في غياب المختبر المركزي الذي هو في حالة “كوما”؟ وماذا عن جودة الأدوية في لبنان حالياً من دون مختبر؟!
إقرار قانون انشاء الوكالة الوطنية للدواء مهمّ جداً، بحسب رئيسِ الهيئة الوطنية الصحية “الصحة حق وكرامة” الدكتور اسماعيل سكرية الذي يشيد بما يتضمّنُه القانون، لكنّه يرى أن المثاليات المطروحة في متنِه تَبعَثُ على الشكّ.
دور الوكالة وجدواها من دون مختبر
ويضيف سكرية في حديث ل”المدى”: للوكالة دورٌ كبير، ولكن لن تكون ذات جدوى في غياب المختبر المركزي، في حين أن هناك الكثير من الادوية في السوق حالياً مشكوكٌ بجودتها.
ويشرح أن دور الوكالة هو تنفيذ السياسة الوطنية للدواء التي طالبنا بها على مدى 25 عاماً، فهذه السياسة من شأنها مراقبة حركة الدواء، بدءاً باستيراده من المصدر وتسجيله في وزارة الصحة وتسويقه وتوزيعه للصيدليات، وصولاً الى المستهلك بنوعية جيدة يقرّر جودتها المختبرُ المركزي، وبأسعار معقولة ومقبولة.
ويتابع إن للوكالة سلطة على الدواء، اضافة الى المتمّمات الغذائية، وما يتعلق بأدوية الاعشاب ومتتمات الرياضيين والمستلزمات الطبية.
ويؤكد سكرية أن دور المختبر المركزي هو اساس السياسة الدوائية وهو صمام الامان وما تبقى لا يتعدى العمل الاداري، إذ إنه المؤسسة العلمية التي تُجري الفحوص لتقييم الدواء، ومن المفترض تفعيله، لافتاً الى أن هناك دعماً فرنسياً مرصوداً له منذ سنتين أو 3 سنوات، وموضحاً أن القانون اللازم لاعادة المختبر الى العمل موجود، وكذلك الموظفين الذين يحصلون على رواتبهم وهم موضوعون بتصرّف وزير الصحة منذ سنوات، اضافة الى توافر معظم التجهيزات المطلوبة للعمل.
وأعلن أن ليس بإمكان الوكالة الوطنية للدواء تحديد ما إذا كان أيٌّ من الادوية جيداً أم لا، في ظلّ غياب المختبر المركزي الذي من شأنه هو بذاته تقييم نوعية الادوية وجودتها، وما يصدر عن الوكالة في هذا المجال لن يكون ذات معنى من دونه.
والى حين اعادة تفعيل العمل في المختبر المركزي، يدعو سكرية الى استعانة الدولة بخبرات المختبرات الأكاديمية العلمية التابعة للجامعات في لبنان لتقييم الادوية.
أسباب تغييب المختبر المركزي
المختبرُ المركزي نطالب به دوماً، يقول سكرية، لكنّ القانون الخاص به لم يتمّ تنفيذُه، وهذا المختبر مشلولٌ بعدما كان يُصدِرُ تقارير بعضُها مزوّرٌ منذ 30 عاماً، وقد هُدِم مبناه في العام 2008.
وعن أسباب تغييب المختبر يشير سكرية الى وجود الكثير من المتضررين من وجود هكذا مختبر، لأن من شأنه تنظيف السوق من عدد كبير من الادوية التي لا فائدة طبية منها، وتخفيض الفاتورة الدوائية بشكل جذري، مشدداً على أنه يحدُّ من السمسرات والأرباح غير المشروعة للتجار والسياسيين والفاسدين في وزارة الصحة وهو كارثيّ بالنسبة اليهم.
جودة الأدوية في السوق اللبناني مشكوكٌ بها
وعن جودة وفاعلية الأدوية في السوق اللبناني، يقول سكريّة: “سوقُ الدواء في لبنان يُعتَبَر غير آمن تماماً، أو بتعبير آخر هو آمنٌ جزئياً فقط في غياب المختبر المركزي، ولا سيما أنه يتمّ في الفترة الأخيرة إدخالُ أنواع كثيرة من الأدوية من الشرق والغرب ومن دول ومصادر غير معهودة سابقاً،” معتبراً أن من البديهي التشكيك بجودتها أكانت “جينيريك” أو حتى “براند”.
أدوية الـ”براند” مشكوكٌ بها أيضاً
ويعلن سكرية أن من غير المستبعد لجوء مصانع أدوية “براند” في دول متطوّرة ومنذ زمن طويل، الى تصنيع أدوية غبّ الطلب لزوم مستوردين لبنانيين، وذلك لمراعاة قدرتِهم الشرائية وقدرة المرضى في لبنان ايضاً، والهدف الأساس هو منافسة أدوية أخرى رائجة في البلد، بما معناه أن مكوّنات هذه الادوية ال”براند” ومواصفاتِها منقوصة، وليست كمثيلاتها في الدول المتطورة، متحدثاً عمّا سَرَدَه في هذا المجال أحدُ المحامين الذي لديه صديق هو مديرُ أحد هذه المصانع في دولةٍ أوروبية، وذلك خلال محاضرة أمام 300 محامٍ في نقابة المحامين.
صحّة اللبنانيين في خطرٍ كبير
سكرية الذي يعتبر أن صحّة اللبنانيين أمام خطرٍ كبير لناحية جودة الأدوية بالتأكيد، في غياب مختبر مركزي، مؤكداً أنّ على الدولة التحرّك، يحذّر من خطورة ما وَصفَها بسياساتِ الطمأنة للمسؤولين، والتي أوصلت لبنان الى ما وصل اليه. ولفت الى أن تجربتَه المهنية مريرة في مواجهة الجرائم والتجاوزات والفساد في ما يتعلق بالدواء، وهي تجعلُه يشكِّكُ في عدم الوصول الى تطبيق قانون انشاء الوكالة الوطنية للدواء في بلد كلبنان، وخصوصاً أن القانون الذي صدر أمس مثاليّ جداً.
وتجدر الاشارة الى أن هذا القانون بحاجة الى مراسيم تطبيقية تَصدر عن مجلس الوزراء، المعطّلة جلساتُه، في الوقت الراهن.