تبقى الأنظار السياسية مشدودة إلى الاجتماعات التي يعقدها سفراء اللجنة “الخماسية” المعتمدون لدى لبنان، بدءاً من الاثنين، بلقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والبطريرك الماروني بشارة الراعي، لعلهم يعبّدون الطريق، بالتعاون مع الكتل النيابية، أمام إحداث خرق في الحائط المسدود الذي لا يزال يعطّل انتخاب رئيس للجمهورية، بانعدام التواصل بين القوى السياسية المعنية بانتخابه، خصوصاً أنهم قرروا للمرة الأولى توسيع مروحة اتصالاتهم لئلا تبقى محصورة، إضافة إلى بري، برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
ويأتي تحرك سفراء “الخماسية” في ضوء ما يتردد عن أن عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، التي كانت مقررة في كانون الثاني الماضي، ليست محسومة حتى الساعة، برغم أنه تواصل مع الرئيس بري الأسبوع الفائت للوقوف على ما إذا كان هناك من جديد يتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية، وكان الرد بأن الجديد يتعلق بالمبادرة التي أطلقتها كتلة “الاعتدال” النيابية.
وفي هذا السياق، علمت “الشرق الأوسط” من مصادر نيابية، نقلاً عن كبار الدبلوماسيين في السفارة الأميركية في بيروت، أن تحرك سفراء “الخماسية” لا يمت بصلة إلى الدور الذي يتولاه لودريان، وأن عودته إلى بيروت هذه المرة لا علاقة لها بتحركهم، وإنما يأتي مبعوثاً خاصاً للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وأكدت المصادر النيابية أن المسار العام الذي تتحرّك على أساسه “الخماسية” غير المسار الثنائي للودريان، وقالت إن عودته لا تعني بالضرورة أنه على تنسيق معها، خصوصاً أنها أخذت على عاتقها، ومن خلال سفرائها في لبنان، توفير الدعم والمساندة لأي تحرك لبناني يراد منه تسهيل انتخاب الرئيس، وهذا ما يفسر دعمهم لمبادرة كتلة “الاعتدال”.
ولفتت المصادر إلى أن قطر قررت الانخراط كلياً في “الخماسية”، ما يعني أن لا صحة لما يتردد بأن لديها لائحة من المرشحين للرئاسة تسعى إلى إيصال أحدهم، وقالت إنها سحبت من التداول كل ما ينسب لموفدها إلى لبنان، جاسم بن فهد آل ثاني، وإن ما يهمها هو تسهيل انتخاب الرئيس وضرورة التقاط الفرصة في حال تم التوصل إلى هدنة في غزة لإخراج انتخابه من المراوحة.
ورأت المصادر نفسها أن تحرك سفراء “الخماسية” يهدف إلى حث الكتل النيابية لإنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية، على قاعدة أن لا مرشح لديهم، وأن دورهم يبقى تحت سقف دعم الجهود الرامية إلى تذليل العقبات التي ما زالت تعطل انتخابه، وكشفت أن الولايات المتحدة، وإن كانت تضغط على إسرائيل لمنعها من توسعة الحرب الدائرة في غزة لتشمل جنوب لبنان، فإنها في المقابل قررت النزول بكل ثقلها لتوفير الأجواء السياسية لتسهيل انتخاب الرئيس، بخلاف موقفها في السابق المتمثل بإطلاق يد باريس في مقاربتها للملف الرئاسي من دون أن توفر لها الدعم المطلوب.
وأوضحت المصادر نفسها أن سفراء “الخماسية” لن يدخلوا في لعبة الأسماء على غرار ما أقدمت عليه باريس بدعم ترشيح رئيس تيار “المردة”، النائب السابق سليمان فرنجية، وأوقعت نفسها في خلاف مع المعارضة اضطرها لتعيد النظر في موقفها بتكليف لودريان بمواكبة الملف الرئاسي. وقالت إن الخيار الرئاسي الثالث يتقدم على الخيارات الأخرى، لكن السفراء يفضّلون الاستماع إلى وجهات نظر الكتل النيابية حول رؤيتهم للإسراع بانتخاب الرئيس.
وسألت المصادر: ما الذي تغير ويدعو للركون إلى أن الطريق سالكة أمام انتخاب الرئيس؟ وهل سيتمكن السفراء من فتح كوة يمكن التأسيس عليها للرهان على أن اندفاعهم سيؤدي إلى خلط الأوراق لمصلحة ترجيح كفة الخيار الرئاسي الثالث، لئلا يقال إن مهمتهم محصورة بملء الفراغ في الوقت الضائع إلى حين التأكد من أن الاتصالات ستؤدي إلى هدنة مؤقتة في غزة يُفترض أن تنسحب على لبنان بتسهيل انتخاب الرئيس وبخلق المناخ المؤاتي لتطبيق القرار 1701؟