قبل أقل من أسبوعين من الموعد المبدئي المتخذ رسميا لانطلاق عملية نزع السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، والذي يُرتقب أن يكون على مراحل، أولاها تجريد مخيمات العاصمة الثلاثة (صبرا وشاتيلا ومار الياس) ومعها مخيم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية، سجلت حركة سياسية لافتة كانت أبرز مظاهرها وصول وفد فلسطيني من مقر السلطة في رام الله برئاسة القيادي المخضرم في حركة “فتح” والمولج منذ زمن بعيد بالإشراف على شؤون الوجود الفلسطيني في لبنان عزام الأحمد.
ووفق المعلومات المستقاة من مصادر فلسطينية، فإن الأحمد الذي وصل إلى بيروت الاحد الماضي شرع في إجراء العديد من الاتصالات وعقد لقاءات تحت عنوان إزالة كل ما من شأنه إعاقة جمع السلاح من المخيمات، وخصوصا أن هذا القرار اكتسب شرعية وقوة دفع في أعقاب زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لبيروت قبيل أيام، وقد أعطى صراحة أركان الدولة موافقته على هذا التوجه وعلى المضي في إنفاذه وفق ما أبلغته مصادر فلسطينية معنية لـ”النهار”.
وذكرت معلومات أن الأحمد والوفد المرافق اتخذ من السفارة الفلسطينية في بيروت مقرا محوريا لتحركه، حيث عقد لقاءات شملت أولا أركان السفارة، ثم الصف القيادي في حركة “فتح” وبعدها قيادات من الفصائل المنضوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية.
ولمحت المصادر إلى أن الأحمد مولج من قيادته بمهمة أخرى أساسية تتمثل في ضبط التوجهات داخل حركة “فتح”، وخصوصا أن فريقا حرص خلال الأيام التي تلت تحديد بيروت الموعد المبدئي لنزع سلاح المخيمات، على تظهير موقف معارض لتنفيذ القرار، وأصرّ على إبلاغه إلى وسائل الإعلام، فبدا الأمر كأنه بداية انشقاق محتمل في كبرى الفصائل وأعرقها، ستكون له بطبيعة الحال تداعياته ونتائجه المحتملة.
ومع ذلك، فإن مصادر على صلة بـ”فتح” ما انفكت تقلل من أهمية هذا الاعتراض وتداعياته، وترى في الوقت عينه أن قرار نزع السلاح متخذ وليس من الحكمة والفائدة معارضته أو فتح مواجهة مع السلطة اللبنانية على خلفيته، لأن هذه السلطة مصممة على تنفيذه ميدانيا ولا يمكنها التراجع عنه.
أما الطرف الفلسطيني الآخر، فما زال ينتهج سياسة الصمت ولا يجرؤ على الاعتراض الصريح على إنفاذ قرار جمع السلاح، لأنه يعلم سلبيات الاعتراض والمواجهة، ويدرك أن الأمور مختلفة هذه المرة، ولا سيما بعدما دخل لبنان مرحلة جديدة إثر سريان اتفاق وقف النار في نهاية تشرين الثاني الماضي، واستيلاد حكم جديد عازم على التجاوب مع متطلبات تتصل في شأنه الأمني.
وقال الناطق بلسان حركة “حماس” جهاد طه لـ”النهار”: “نكاد نقول ليس هناك من جديد نضيفه إلى ما سبق أن قلناه في هذا الشأن، فموقفنا معروف. ومع ذلك، نحن نواكب الأمر من خلال اجتماعات ولقاءات ثنائية مع فصائل فلسطينية للتشاور وتوحيد الموقف والجهود”، مشيرا إلى أن “الحركة لم تعقد أي لقاء مع الوفد الفلسطيني الموجود حاليا في بيروت كما لم تعقد أي لقاء مع “فتح” لمناقشة هذا الموضوع تحديدا”.
أضاف: “نحن في انتظار لقاء من المقرر أن تعقده هيئة العمل الفلسطيني المشترك بعد عيد الأضحى المبارك بهدف التوافق على رؤية وطنية موحدة تقارب مسألة الوجود الفلسطيني بكل جوانبه وتعزز التواصل والحوار مع الأشقاء في لبنان لما فيه مصلحة الشعبين اللبناني والفلسطيني واحترام سيادة لبنان واستقراره”.
ونفى علمه بأي لقاءات جرت بين “حماس” وممثلين للدولة اللبنانية في هذا الخصوص، وقال: “موقفنا المبدئي ما زال يشدد على ضرورة معالجة كل الأمور بالحوارات نظرا إلى حساسية الموضوع ودقته”.