تبرز قراءة عسكرية للتطورات الأخيرة، تستخلص انّ المواجهة بين ايران واسرائيل التي خرجت من الظل الى العلن، ورسّمت بينهما قواعد اشتباك وردع جديدة، رادعة للطرفين من الإنزلاق الى حرب ومواجهة شاملة. والردود العسكرية التي حصلت سواءً على اسرائيل او على إيران، تعكس بمحدوديتها، وبما لا يقبل أدنى شك، رغبة مشتركة من قبل الجانبين الإيراني والإسرائيلي بعدم الإنزلاق الى حرب قاسية. يضاف الى ذلك موقف الإدارة الاميركية التي اعلنت التزامها بخفض التصعيد، ومارست ضغوطاً في كل الاتجاهات، لاحتوائه ومنع توسيع دائرة الصراع في المنطقة.
وبحسب القراءة العسكرية، فإنّ التأثيرات المباشرة لضبط التصعيد بين ايران واسرائيل، قد لا تنسحب على ميدان غزة، بل قد تلمس على جبهة لبنان، ليس لناحية ترييحها بوقف العمليّات العسكرية، وهو أمر وكما هو معروف، مرتبط بتطورات الحرب في غزة، بل لناحية خروجها من دائرة الإحتمالات الحربيّة الخطيرة، التي تزاحمت بعد الضربة الايرانية لاسرائيل، وأنذر ارتفاع وتيرة التصعيد فيها، وكذلك وتيرة التهديدات والاعتداءات الاسرائيلية، بانحدار هذه الجبهة إلى مواجهة واسعة تتجاوز باشتعالها خط المواجهة القائم الى العمق في كلا الجانبين.
في موازاة ذلك، نفى مصدر رسمي مسؤول ما جرى ترويجه في الأيام الاخيرة عن تلقّي لبنان بعد الضربة الايرانية رسالة تحذيرية من ضربة اسرائيلية واسعة للبنان، وقال لـ«الجمهورية»: «لم نسمع بشيء من هذا القبيل». وأضاف: «اسرائيل تستصعب الحرب على لبنان، وهذا ما تؤكّده مستوياتها العسكرية وكل المحللين والمعلّقين الاسرائيليين، ونحن أيضاً لا نريد الحرب، لكن المؤسف هو أنّ هناك في لبنان من يستسهل هذه الحرب لا بل يتمنّاها».
ورداً على سؤال قال: «المواجهة القائمة مع اسرائيل، ما زالت ضمن قواعد الاشتباك، والمقاومة برغم توسيع اسرائيل لدائرة اعتداءاتها، لم تخرج عن هذه القواعد ولا تريد أن تنزلق الامور الى حرب واسعة».
اضاف: «بصورة عامة، المواجهات في الجنوب محصورة في النطاق المعروف، ولا أتوقع تصعيداً واسعاً. اولًا لأنّ اسرائيل عالقة في غزة. ولأنّها ثانياً، باتت عالقة اكثر في الجبهة الجديدة مع إيران. وثالثاً، وهنا لا أكشف سراً، فإنّ الأميركيين لا يريدون الحرب ويمنعون من التورّط فيها، فهم يدركون، كما إسرائيل، أنّ جبهة الجنوب صعبة، وتأثيراتها واضحة على امتداد الجبهة، ولذلك، هم يواصلون مع الفرنسيين على وجه الخصوص، بذل الجهود والمساعي مع كلّ الأطراف لخفض التوتر الذي ما زال مضبوطاً ولو من دون الإعلان عن ذلك».
ورداً على سؤال آخر، أعاد المصدر التأكيد على «أنّ جبهة الجنوب مرتبطة بجبهة غزة، وفي اعتقادي أنّ الامور في اتجاه الاتفاق على هدنة، وعلى الرغم من التعثرات الآنية، لن تطول كثيراً، والهدنة هذه المّرة ستجرّ هدنات حتماً. واما ما يعنينا في لبنان، فإنّ التسوية السياسية للجبهة الجنوبية، هي التي سترسو في نهاية المطاف، وخصوصاً أنّ الاميركيين جادون في بلوغ هذه التسوية، ونحن أيضاً جادون في إصرارنا على التطبيق الكامل وغير المجتزأ للقرار 1701».