بات واضحاً أن الدولة اللبنانية لن تتراجع قيْد أنملة عن خطواتها العملانية بشأن عودة النازحين السوريين إلى بلادهم. الضغوط الغربيّة واضحة على ألسنة مسؤولي المنظمات الدوليّة الذين يرفضون تشجيع هذه العودة ويعتبرها بعضهم أقرب إلى “ترحيل إجباري”. مع ذلك، كان رد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم حاسماًَ: “مستمرون بخطّة إعادة النازحين ولا نخضع للضغوط لأن مصلحة لبنان فوق كل اعتبار”، مشدّداً على أن “لبنان يرفض طريقة التعاطي المتبعة من قبل كثيرين، كالمنظمات الإنسانية ومن بينها بعض المنظمات التي تدّعي الإنسانيّة وتريد أن تملي علينا إرادتها وكيف يجب أن نتعاطى مع ملف النازحين”.
وبحسب معلومات “الأخبار”، فإن إبراهيم انتزع موافقة نهائية من السلطات السوريّة على تسوية أوضاع المطلوبين الذين يرغبون في العودة إلى بلادهم، ومن بينهم من لديه ملاحقات أمنية وقضائية بما فيها محاضر السير على سبيل المثال والذين يبلغ عددهم 510، ومراجعات للجهات المختصة في سوريا كدائرة الهجرة مثلاً ويبلغ عددهم 17، والمطلوبون للخدمة العسكرية الإلزامية ويبلغ عددهم 227، فيما أعطت السلطات السورية إمكانية التخلّف عن الخدمة 6 أشهر بعد العودة.لجنة أمنية – قضائية في انتظار العائدين للتحقيق والمحاكمة في اليوم نفسه قبل انتقالهم إلى قراهم
وتشير المعلومات إلى أن نقطة وصول القوافل الآتية من الزمراني هي مدرسة الجراجير في منطقة القلمون، حيث سيكون بانتظار النازحين المطلوبين للسلطات السوريّة لجنة أمنية وقضائية مؤلفة من الفروع الأمنية كافة (بينهم محققون) وبعض القضاة من أجل تسوية أوضاع النازحين والتحقيق معهم ومحاكمتهم بهدف إنهاء كل الإجراءات القانونية بما فيها ترتيب الإجراءات الخاصة بشمول الكثيرين منهم بالعفو العام الصادر عن الرئيس بشار الأسد في نيسان الماضي.
وهذا يعني أنّ السلطات السوريّة قدّمت تسهيلاتها إلى أبعد الحدود، حتّى صار بإمكان النازحين العودة والخضوع للتحقيق والمحاكمة في اليوم نفسه قبل انتقالهم إلى قراهم من دون حاجة لزيارة أي مركز أمني أو قضائي لاحقاً. ويؤكد بعض المسؤولين عن المراكز الـ 17 التي افتتحها الأمن العام أخيراً لاستقبال طلبات العودة أنّ هذا الأمر ترك ارتياحاً كبيراً لدى النازحين الذين صاروا يؤكدون أنهم عائدون إلى بلادهم، وخصوصاً أن هؤلاء باتوا يتبلّغون الموافقة على عودتهم “بضمانة الأمن العام وبشخص اللواء إبراهيم تحديداً”، بعكس الصيغة التي كانت معتمدة سابقاً من قبل الأمن العام بأن عودتهم على مسؤوليتهم الشخصية وهم أحرار في البقاء أو العودة.