حالت التناقضات السياسية والتعقيدات الميدانية دون تثبيت حاسم لاتفاق وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة، حيث تجددت الاشتباكات المتقطعة في ظل تقاسم لمناطق نفوذ ميدانية، ومحاولة الفصائل الإسلامية الاستفادة من غياب قرار سياسي لدى “فتح” بالحسم، حسبما قال مصدر فلسطيني بارز في المخيم لـ”الشرق الأوسط”.
واندلعت الجولة الجديدة من الاشتباكات يوم الخميس الماضي، بعد شهر على هدنة كانت الأطراف المتقاتلة قد توصلت إليها في الشهر الماضي، لكن هذه الفترة لم تنهِ أسباب التوتر. وقالت مصادر في “فتح” لـ”الشرق الأوسط” إن أحد القياديين الإسلاميين نمر عيسى الذي كان يتحصن في حطين، افتتح المعركة الخميس انطلاقاً من حي حطين، حيث هاجمت مجموعته مقرات لـ”فتح”، مما اضطرها لصد الهجوم، وملاحقة العناصر الإسلامية إلى حي السينما في الحي، مشيرة إلى أن عيسى “حاول تخفيف الضغط الذي مارسته (فتح)، حين ألزمتهم في المعركة الأخرى على البقاء في الحي وعدم التحرك”.
وقالت المصادر إن القوى الإسلامية “آزرت مجموعة العيسى التي كانت تتحصن في مجمع المدارس، وفتح المعركة في حي الطوارئ لتخفيف الضغط عن المجموعة الأولى”، فيما توسع القتال ليصل السبت إلى حي المنشية حيث “هاجمت مجموعة أخرى مواقع لفتح، وبلغ القتال أطراف حي الطيري، الذي تتحصن فيه فصائل فتح”.
واللافت، بحسب مصادر “فتح”، أن مجموعات لبنانية تتحصن في المخيم، شاركت الإسلاميين في القتال، وهم أربعة “معروفون بالاسم من جماعة (القيادي السلفي الموقوف لدى السلطات اللبنانية) أحمد الأسير، فيما يتحصن أربعة آخرون في حي حطين”. وقالت إن مناطق سيطرة الإسلاميين “باتت ملاذاً للمطلوبين اللبنانيين الفارين إلى مخيم عين الحلوة، وهم معروفون بالاسم، وبينهم لبناني يهرّب المطلوبين إلى إدلب السورية بالتواصل مع فارين مطلوبين للسلطات اللبنانية يوجدون في الشمال السوري”.
وتبدو مناطق السيطرة المقسمة والتعقيدات الميدانية والسياسية، “صورة عن التجاذبات السياسية في الداخل الفلسطيني وفي المنطقة”، حسبما تقول مصادر لبنانية لـ”الشرق الأوسط”، في حين تقول مصادر فلسطينية إن “خطوطاً حمراء كثيرة وُضعت بوجه (فتح) ومنعتها من الحسم منذ الجولة الماضية”، شارحة لـ”الشرق الأوسط” أن الحسم “يحتاج إلى قرار سياسي، وهو غير متوفر حتى الآن، مما جعل المخيم يرقد على نار تغطيها الرماد، تشتعل كل فترة”.
وقالت المصادر الفلسطينية إن الإسلاميين في المخيم “يستفيدون من حالة اللاحسم لتحسين مكاسبهم وفرض مناطق نفوذ، كما يستفيدون منها لعدم تسليم المتهمين باغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني أبو أشرف العرموشي ومرافقيه في الشهر الماضي”. وقالت إن قاتلي العرموشي، كما قاتلي القيادي الإسلامي عبد فرهود “معروفون بالاسم، ومع ذلك لم يتم تنفيذ الاتفاقات بتسليمهم للسلطات اللبنانية”.